كتب – د.محمد عبدالدايم
أخيرا، أدت الحكومة الإسرائيلية الجديدة اليمين بعد عامين شهدا 4 جولات انتخابية وحالة غير مسبوقة من الخلافات السياسية، شهدت إسرائيل الكنيسة يوم الأحد 13 يونيو يوما حافلا بالأحداث، استعداد من وسائل الإعلام، نزول طوائف من الجمهور إلى الشوارع والميادين وأمام مبنى الكنيست، شد وجذب وصل إلى حد تبادل السباب والاتهامات داخل قاعة الكنيست، استعراض للقوة السياسية، مع مشاهد مبتذلة من “الكيد السياسي” وصور “السيلفي” الجماعية، وتركيز عدسات الكاميرات على زوجات قادة الحكومة الجديدة.
جلسة عاصفة، بدأت أحداثها الساخنة مباشرة بعد الترحيب برئيس إسرائيل المنتهية ولايته رؤوفين ريبلين، لم يترك أعضاء الكنيست من أحزاب اليمين الديني والحريديم لنفتالي بينط فرصة ليكمل جملة واحدة في خطابه، تعالت الصيحات والشتائم ضده، سباب جماعي، اتهامات له بالكذب والخيانة، مع محاولات “مُستأنسة” من رئيس الكنيست المنتهية ولايته ياريف لافين، عن حزب “هاليكود”، اضطر بعدها لأن يأمر أمن الكنيست باصطحاب الثنائي ايتمار بن جفير، رئيس الحزب المتطرف “عوتسما يهوديت”، وبتسلئيل سموتريتش، رئيس حزب “هاتسيونوت هادتيت”، إلى خارج القاعة، وتكرر الأمر كلما دخل أحدهما مجددا.
مشاهد مثيرة للسخرية، هجوم عنيف من أعضاء الأحزاب المتطرفة، مع صمت مطبق لكتلة هاليكود، بقيادة بنيامين نتنياهو، وفي المقابل ضحكات مهووسة من يائير لابيد شريك بينط في الحكومة، الذي تجول في القاعة منتشيا سعيدا، يوزع قبلاته وأحضانه على حلفائه، ويلتقط كثيرا من صور السيلفي، وفي أعلى القاعة تبتسم زوجته، تتابعها الكاميرات وهي تجلس على يمينها زوجة ميكي ليفي الذي انتُخب رئيسا جديدا للكنيست، وعن يسارها زوجة نفتالي بينط الرئيس الجديد للحكومة بسبعة مقاعد اقتنصها تكتله “يامينا”.
فرحة هستيرية ودعوات بالسقوط
خارج الكنيست، في الشوارع والميادين احتشدت الآلاف من الجماهير الإسرائيلية في فريقين، فريق يرفع أعلام إسرائيل والزينة والشعارات الحماسية المبتهجة برحيل بيبي، وفريق من الحريديم والمتطرفين دينيا يضعون شال الصلاة اليهودية والكيبا ويرفعون أصواتهم بالصلوات والدعاء على نفتالي بينط، الخائن الكاذب، لعل السماء تنتقم منه لأنه يتحالف مع “أعداء” اليهودية.
أدت الحكومة السادسة والثلاثون اليمين القانونية، وتتألف من 27 وزيرا، لتكون ثالث أكبر حكومة إسرائيلية حتى الآن، فقد سبقتها حكومة نتنياهو عام 2009 التي كانت تضم 30 وزيرا، وحكومة نتنياهو- جانتس المكتظة التي ضمت 34 وزيرا.
حكومة على شفا السقوط بفارق صوت
حكومة من المتحالفين لإسقاط نتنياهو، نالت ثقة الكنيست بفارق صوت واحد فقط، حيث وافق عليها 60 عضوا، فيم اعترض عليها 59 عضوا، مع امتناع عضو كنيست واحد، وجرت العادة أنه لابد من حصول الكتلة على 61 صوتا كي يوافق عليها الكنيست، لكن هذه العادة ليست شرطا قانونيا ملزما عند التصويت على الحكومة، وما حدث قبيل التصويت كاد أن يمنح للمشهد مزيدا من الدراما، حين هدد النائب سعيد الخرومي بالتصويت ضد حكومة بينط- لابيد، بسبب خططها لهدم مزيد من البيوت العربية في الداخل، وكان يُفترض بالخرومي، عضو القائمة العربية التي يقودها منصور عباس، أن يصوت بالموافقة مع كتلته المنضمة للحكومة الائتلافية، لكنه امتنع في اللحظات الأخيرة، لتخرج الحكومة الجديدة إلى النور بفارق صوت واحد.
صوت واحد بين الحكومة والمعارضة التي يتزعمها نتنياهو الآن يعني أن الكنيست الجديد، والحكومة برمتها، سيواجهان شبح الحل في أية لحظة، فناهيك عن الخلافات الأيديولوجية الجوهرية بين أعضاء “كتلة التغيير” التي شكلت الحكومة الـ 36، فإن هذه النسبة بين الحكومة والمعارضة كفيلة بأن تجعل كل تصويت على مشروع قانون داخل الكنيست بمثابة “حرب استنزاف” بين الكتلتين، كتلة التغيير، وكتلة نتنياهو زعيم المعارضة الذي ما إن انتهى التصويت على حكومة خصومه الحاليين، حلفائه السابقين، حتى أخلى له يائير لابيد مقعد “زعيم المعارضة” بالقاعة، ولإضافة مزيد من “الكيد السياسي” تعمد لابيد، زعيم المعارضة السابق، أن يربت على كتف بيبي ثم يأخذ جميع أوراقه ومستنداته من أمامه، ويبتسم له بملء فيه، ثم يكمل جولته الطاووسية داخل القاعة ليلتقط مزيدا من صور السيلفي، ويوزع أحضانه على أصدقائه الجدد، وفي الأعلى تبتسم له زوجته ليهيا لابيد، وهو يتخلى عن خطابه أمام الكنيست، ويخصص كلمته فقط لأمه الكاتبة شولاميت لابيد (83 عاما) الكاتبة الإسرائيلية، حيث خصص كلمته القصيرة ليعرب لها عن “أسفه لأنه اضطر لإرهاقها كي تحضر جلسة حلف اليمين، كي تشاهد بنفسها تغيير السلطة في إسرائيل، التي لم تكن دولة قائمة حين وُلدت، ولم يكن حينها برلمان، فرغب بأن تكون فخورة بهذا المسار الديمقراطي الإسرائيلي، وبعد أن كانت هي وكل إسرائيلي آخر يخجلون من حكومة نتنياهو”.
بعد خطابي بينط ولابيد، وخطاب نتنياهو الأخير الذي دافع فيه عن سياساته، وعدد “إنجازات” حكوماته، انتخب الأعضاء عضو “ييش عاتيد” ميكي ليفي رئيسا جديدا للكنيست، ليتسلم مطرقة الرئيس من ياريف لافين عضو “هاليكود”.
الحكومة الإسرائيلية الـ 36: الوجوه والحقائب:
حكومة إسرائيلية جديدة يعارضها نتنياهو الذي حكم إسرائيل لمدة 12 عامًا متواصلة، يقترب تشكيل ثلثها من النساء، في رقم قياسي، حيث بلغ عددهن تسع وزيرات، إلى جانب ست وزراء يرتدون الكيبا، أي بأيديولوجية يهودية متدينة، إلى جانب وزير درزي، ووزير مسلم، ووزير مثْلي.
نفتالي بينط | يامينا | رئيس الحكومة الثالث عشر حتى 23 أغسطس 2023 وزارة الاستيطان بعد 23 أغسطس يتولى وزارة الخارجية |
يائير لابيد | ييش عاتيد | رئيس الحكومة البديل وزارة الخارجية بعد 23 أغسطس يتولى رئاسة الحكومة |
بنيامين (بيني جانتس) | كاحول لافان | وزارة الدفاع |
أفيجادور ليبرمان | يسرائيل بيتينو | وزارة المالية |
جدعون ساعر | تكفا حداشا | وزارة القضاء |
نيتسان هورفيتش | ميرتس | وزارة الصحة |
أييلت شاكيد | يامينا | وزارة الداخلية |
يفعات شاشا بيطون | تكفا حداشا | وزارة التعليم |
عومر بارليف | هاعفودا | وزارة الأمن الداخلي |
زئيف ألكين | تكفا حداشا | وزارة البناء والإسكان ووزارة القدس والتراث |
يوزعز هندل | تكفا حداشا | وزارة الاتصالات |
أورنا بربيباي | ييش عاتيد | وزارة الاقتصاد |
عوديد فورير | يسرائيل بيتينو | وزارة الزراعة ووزير تطوير النقب والجليل |
مئير كوهين | ييش عاتيد | وزارة الرفاه |
كارين الحرار | ييش عاتيد | وزارة الطاقة |
تمار زندبرج | ميرتس | وزارة شئون البيئة |
عيساوي فريج | ميرتس | وزارة التعاون الإقليمي |
يوئيل رزفوزوف | ييش عاتيد | وزارة السياحة |
اليعيزر شطيرن | ييش عاتيد | وزارة المخابرات |
متان كهاناه | يامينا | وزارة الشئون الدينية |
بانينا تامانو شاطا | كاحول لافان | وزارة الهجرة |
حيلي طروفر | كاحول لافان | وزارة الثقافة |
ميراف كوهين | ييش عاتيد | وزارة المساواة الاجتماعية |
أوريت فركش هاكوهين | كاحول لافان | وزارة العلوم والتكنولوجيا |
نحمان شاي | هاعفودا | وزارة الشتات |
حمد عمار | يسرائيل بيتينو | وزير بوزارة المالية |
يوئيل روزفوزوف | ييش عاتيد | وزارة السياحة |
اتفاقيات الائتلاف وتربص كتلة بيبي:
تشكلت حكومة “التغيير” باتفاق ائتلافي بين نفتالي بينط رئيس “يامينا” ويائير لابيد رئيس “ييش عاتيد”، اتفاق عام بين الطرفين، إلى جانب اتفاقيات ائتلافية بين الكتل الأخرى وبين “ييش عاتيد”، باعتبار أن يائير لابيد هو المُكلف من الرئيس رؤوفين ريبلين بتشكيل الحكومة بعد انتهاء مهلة الـ28 يوما القانونية الممنوحة لنتنياهو.
بخلاف حزب ميرتس اليساري، وجزء من أقطاب حزب هاعفودا، يمكن من النظرة الأولى إدراك التوجه اليميني للحكومة، على عكس ما يتهمها نتنياهو بأنها حكومة يسار، فكل من يامينا وييش عاتيد وتكفا حداشا ويسرائيل بيتينو هي كتل يمينية متشددة، تدعم بشدة الاستيطان الإسرائيلي، والتوسع في المستوطنات بالضفة الغربية، ويحمل قادة هذه الأحزاب شعارات “أرض إسرائيل الكاملة”، حتى أن حمد عمار، من يسرائيل بيتينو، الذي حمل حقيبة داخل وزارة المالية، هو درزي خدم بالجيش الإسرائيلي، يحمل توجهات عنصرية تجاه فلسطيني الداخل.
المبدأ العام في اتفاقات الائتلاف هو التزام كل كتلة بقرارات الحكومة الجديدة، و”تأييدها” في كل ما تقدمه للكنيست للمصادقة عليه، ولكن هذا الالتزام الائتلافي يمكن ألا يكون حائلا دون خلافات جوهرية بين أعضاء الحكومة المنتمين لثماني كتل مختلفة أيديولوجيا في الأساس، وبالتالي يتربص نتنياهو وحلفائه لحدوث أول خلاف كي ينقض على هذه الحكومة، التي تبدو آيلة للسقوط قبل أن تبدأ عملها.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=805535