«الآيس كريم».. التاريخ اللذيذ لحلوى السعادة

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

«الآيس كريم» تلك الحلوى التي تذوب في الفم بمجرد لمسها، ليس لها موسم أو فصل معين للظهور فعاشقها يترددون عليها في جميع الأوقات صيفاً وشتاء ، هي “حلوى السعادة ” كما يطلقوا عليها تنقلك من حالة مزاجية سيئة إلى حالة أخرى ترسم على وجهك ابتسامة عريضة يلاحظها من حولك.

” آيس كريم في ديسمبر .. آيس كريم في جليم” هكذا غني لها ” عمرو دياب”،  تعددت أسمائها في جميع بلدان العالم ، «جيلاتو» في إيطاليا، «هيلادو» فى الأرجنتين، «هوكى بوكي» في نيوزيلندا، «سباغيتى» في ألمانيا، «باغوتو» فى اليونان، و«داندرمة» في تركيا، ولكن الثابت رغم تعدد الأسماء هي المتعة والانتعاش التي تذوب بداخلنا بمجرد ذكرها.

لا يوجد تاريخ محدد أو معلومات دقيقة عن منشأها، إلا أن عددا من الدراسات أشارت إلى المثلجات كان قد اخترعها الصينيون القدماء وتحديدا منذ أكثر من أربعة آلاف عام، عندما كان يتم تقديم مزيج من الثلج والحليب والبرتقال.

الإسكندر الأكبر

كانت تعرف المثلجات سابقا باسم “الجليد” وكان يتم تحضيرها بشكل رئيسي من النبيذ المبرد أو عصير الفاكهة وذلك في القرن الرابع قبل الميلاد، وكان الإسكندر الأكبر أحد أكثر المولعين بهذه الحلوى الباردة، حتى أنه يحكى بأنه كان يرسل عبيدا مدربين على الجري السريع لإحضار الثلج من الجبال.

وفي عام 1295 أدخل «ماركو بولو» وصفة من المثلجات غير المعروفة إلى أوروبا، كان يستخدم فيها الملح الصخري بالإضافة للجليد من أجل الحصول على عملية تجميد أسرع ودون تكوين بلورات كبيرة الحجم.

ليصبح هذا الطبق شائعا جدا في أوروبا حيث لم يكن يخلو أي عشاء رسمي من وجود المثلجات سواء في القصور أو بين الأرستقراطيين.

وفي عام 1949 قام الطاهي الفرنسي، جيرارد تيرسن، بطرح وصفته الجديدة من المثلجات و التي كانت مثلجات مع الفانيليا، لتتطور و تتنوع بعد ذلك المثلجات ولتختلف بطعماتها.

مثلجات الشعب

6888496230 d305727daf b 768x574 1

لسنوات عديدة افترض المؤرخون أن تناول الآيس كريم في سنواته الأولى كان حكرا على النخبة فقط، وليس من الصعب معرفة السبب، حيث أن وصفات صناعته كان يعرفها فقط من يخدمون في منازل الأرستقراطيين وقصور الأسر الملكية، وهناك العديد من الأدلة التي تدعم هذه الفرضية، فمثلا أقامت زوجة الرئيس الأمريكي جيمس ماديسون في عام 1813 حفلا لتقديم الآيس كريم ضمن فعاليات تنصيبه في واشنطن، ما يوضح كيف كان ينظر إلى تلك الآكلة الاستثنائية في ذلك الوقت.

إلا أن هناك بعض المؤرخين، الذين يرون أن المثلجات لم يكن حكرا على النخب فقط، خاصة في نابولي خلال القرن الثامن عشر، مشيرين إلى أنه بسبب نشاط تجارة الثلج في ذلك الوقت، كان من الممكن للفئات الفقيرة صنع وبيع الآيس كريم والاستمتاع بتناوله. فقد كان هناك الكثير من المتاجر والمقاهي التي تبيع الآيس كريم للجميع في نابولي، كما كان هناك باعة جائلين يبيعون الآيس كريم قليل الجودة في الشوارع! وهناك أدلة تشير إلى أن بعض الأسر المتوسطة كانت تصنعه في المنزل.

ثورة المثلجات الصناعية

5 355

جاءت وصفة الآيس كريم إلى أمريكا الشمالية، بعد 250 عامًا من اكتشافها على يد كريستوفر كولومبوس. وحتى عام 1800، ظل الآيس كريم حلوى نادرة وغريبة يتمتع بها أغلبية من النخبة. ومع اختراع البيوت الجليدية المعزولة، سرعان ما أخذت تتطور صناعة الآيس كريم في أمريكا، بواسطة تاجر حليب في بالتيمور يدعى جاكوب فوسيل، الذي أسس أول مصنع آيس كريم أمريكي في عام 1851، ويُلقب بـ«والد صناعة الآيس كريم».

بدأ الإنتاج الصناعي للآيس كريم في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1851، وبدأت الثورة الصناعية تدريجيًا في العمل على حل مشاكل الحاجة للتبريد المستمر. وجاء حل هذه المشكلة في عام 1926، عندما أصبح التبريد المستمر متوفرًا بفضل ظهور المجمدات الكهربائية. ومثل غيرها من الصناعات الأمريكية، زاد إنتاج الآيس كريم بسبب الابتكارات التكنولوجية، من الطاقة البخارية، والتبريد الميكانيكي، والمجانسة، والطاقة الكهربائية، والمحركات، وآلات التعبئة، وعمليات التجميد.

وقد مكن ذلك المصنعين من البدء في إنتاج كميات كبيرة جدًا من هذه المثلجات؛ مما أدى إلى خفض أسعار الآيس كريم إلى مستويات متاحة للجميع. كذلك، جرى اختراع مخروط الآيس كريم خلال المعرض العالمي في سانت لويس عام 1904، عندما أجبر الطلب الكبير أحد باعة الآيس كريم طلب المساعدة من بائع الفطائر القريب منه، فصنعا معًا مخروط الآيس كريم الذي حقق رواجًا تاريخيًّا ونجاحًا ممتدًا إلى الآن.

ومع بداية الحرب العالمية الثانية، انتقلت شعبية الآيس كريم الكبيرة من الولايات المتحدة إلى أوروبا. وكان الآيس كريم يمثل رمزًا للمعنويات الجيدة خلال الحرب العالمية الثانية، وكان كل فرع من فروع الجيش الأمريكي يحاول التفوق على الآخر في تقديم الآيس كريم لقواته. وفي عام 1945، جرى بناء أول صالة آيس كريم عائمة للبحارة في غرب المحيط الهادئ.

وعندما انتهت الحرب، احتفلت أمريكا بفوزها عبر تناول الآيس كريم، واستهلك الأمريكيون أكثر من 20 لتر من الآيس كريم للشخص الواحد في عام 1946.

وعلاوة على ذلك، تُعد الولايات المتحدة أكبر منتج ومستهلك للآيس كريم في العالم، إذ تتناول 90% من الأسر الأمريكية الآيس كريم. ويُعد شهر يوليو «شهر الآيس كريم الوطني» في الولايات المتحدة.

 كذلك، تُعد كاليفورنيا أكبر منتج للآيس كريم في الولايات المتحدة؛ إذ جرى صناعة 121 مليون جالون من الآيس كريم في عام 2003 فقط. ويبلغ حجم صناعة الآيس كريم في الولايات المتحدة وحدها أكثر من 21 مليار دولار.

آيس كريم بالكوكايين

أغلى نوع من المثلجات في العالم يصل ثمنه لحوالي ألف دولار لكل قطعة، حيث يتم تقديمه بشكل دسم يتألف من عدة طبقات من الشكولاتة المغطاة بطبقة من الذهب الصالح للأكل بوزن إجمالي يصل لـ5 جرامات تقريبا، ويقدم في كأس من الزجاج من ماركة “Baccarat Harcourt” على طبق مذهب.

هناك نوع من الآيس الكريم والذي يضاف إليه اللوز والشكولاتة بالإضافة لأنواع من الفواكه يستغرق تحضيره 8 ساعات من العمل الشاق لإنتاج تحفة فنية لذيذة.

كما  تم تحضير نوع من الآيس الكريم بالشكولاتة وتمت إضافة الكوكايين فيه، حدث ذلك في أحد المحال المختصة ببيع المثلجات في تشيلي وقد حظي هذا النوع من الآيس كريم بشعبية كبيرة.

ويعتبر محل كوروموتو الفنزويلي والمتخصص بالآيس كريم منذ العام 1980، أحد أكثر المحال في العالم الذي يقدم أصناف متعددة من هذا المنتج، فيصل عدد الأصناف لحوالي 709 منتج مختلف الطعم ، وهذا المحل أسسه رجل برتغالي الجنسية يعرف باسم «مانويل داسيلفا أوليفيرا».

ويقدم المحل عددا من الوصفات الغريبة وغير المعتادة كالآيس كريم مع البصل وفطائر لحم الخنزير والبيرة والجزر والطماطم والفول والسمك والروبيان والحبار والبيرة والسباغيتي والثوم وبتلات الورد وحتى الشطة الحارة للغاية مع الفلفل الحار.

وتصل مبيعات هذا المحل صيفا إلى أرقام قياسية من حيث عدد الأكواب المباعة من الآيس كريم، حيث يباع كوب من المثلجات كل 3 ثوان.

مقبرة الآيس كريم

يوجد نوع خاص من “الآيس كريم” الخاص بالكلاب يعرف باسم “Mimopet”و تم تطويره من قبل عدد من خبراء الطعام البرتغاليين وتوصلوا إلى نوع لا يتسبب في تسوس أسنان الكلاب كما يحتوي على مجموعة من الفيتامينات والمواد الغذائية الصحية لهم.

ومن طرائف المثلجات أنه يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية، “مقبرة الآيس كريم” في ولاية فيرمونت، والتي تم إنشاؤها من قبل شركة Ben & Jerry’s وهي إحدى أشهر الشركات الأمريكية في تصنيع المثلجات، ويوجد في المقبرة شواهد حقيقية والتي وضع على عدد منها عدد من الوصفات الغير ناجحة من المثلجات أو الغير مرغوبة من منتجات الشركة.

ربما يعجبك أيضا