محادثات فيينا.. بين تأهب إسرائيل والصدام مع توجهات رئيس إيران الجديد

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

تتجه الأنظار اليوم لاجتماع فيينا بشأن مباحثات الأطراف الدولية للعودة للاتفاق النووي الإيراني، والذي يتزامن مع فوز المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية في إيران، وسط ترقب وتأهب إسرائيلي لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي بدأت بلقاءات مع مسؤولي إدارة بايدن للتباحث بشأن مخاوف العودة للاتفاق والعمل على منع إيران من تحقيق طموحاتها النووية، كل ذلك يجري وسط حالة من الاحتقان والعداء بين إسرائيل وإيران على خلفية هجمات سابقة وتوترات أمنية لكلا الجانبين، فهل تنجح اجتماعات فيينا بإحياء اتفاق نووي جديد؟

اجتماع فيينا

بعد فوز إبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية بإيران، يلتقي المفاوضون الدوليون، اليوم الأحد، في فيينا في مسعى لإحياء الاتفاق النووي المبرم بين إيران والدول الكبرى.

يأتي الاجتماع في إطار الجولة السادسة من المحادثات غير المباشرة بين أطراف الاتفاق – بريطانيا والصين وألمانيا وفرنسا وروسيا وإيران – في فيينا مع مشاركة أمريكية غير مباشرة منذ أبريل لإحياء الاتفاق، الذي تضمن تخفيف العقوبات المفروضة على طهران مقابل الحد من برنامجها النووي.

تأتي اللقاءات عقب ترنح الاتفاق النووي التاريخي منذ انسحاب الولايات المتحدة منه في 2018 وإعادة فرضها عقوبات على إيران، الأمر الذي دفع طهران إلى زيادة أنشطتها النووية التي كانت محظورة بموجب الاتفاق منذ 2019.

وعقب فوز المتشدد إبراهيم رئيسي، لا يتوقع المفاوضون أن تؤثر نتائج الانتخابات الرئاسية على المحادثات رغم أن توجهات رئيسي تعد على نطاق واسع مختلفة عن المواقفة المعتدلة لسلفه الرئيس حسن روحاني.

كانت الولايات المتحدة قد أكدت، قبل يومين، إحراز تقدم في المباحثات الخاصة بالالتزام بالاتفاق النووي الإيراني، وهو ما جاء على لسان نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية.

وكان عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني وكبير المفاوضين لبلاده في مباحثات فيينا، قد أوضح أن عودة الجانب الأمريكي للاتفاق النووي يجب أن تشتمل على جملة من القضايا السياسية والتقنية والقانونية.

أبرز الملفات العالقة

في المقابل، رغم استمرار اجتماعات أطراف الاتفاق بشكل دوري، لا زالت هناك خلالات حول عدد من القضايا الرئيسية العالقة ومن بينها:

ـ طلب إيران ضمانات تتعلق بعدم تأثر الشركات الأوروبية والأجنبية العاملة لديها، في حال انسحبت واشنطن مجددًا من الاتفاق، إلا أن المصادر أكدت أنه من الصعب تقديم مثل تلك الضمانات من الناحية القانونية.

ـ وثيقة الاتفاق التي باتت شبه جاهزة تقنيا، ينقصها استكمال بعض النقاط الأساسية التي تتطلب تفاهمات سياسية من واشنطن وطهران.

ـ إيجاد مرجعية للالتزام بالعمل على اتفاقية “أطول وأقوى”.

ـ مطالبة إيران خلال المفاوضات بضرورة رفع الولايات المتحدة الحرس الثوري من قائمة “الإرهاب”.

ـ لا زالت العقوبات الأمريكية على المرشد الإيراني علي خامنئي ومكتبه “نقطة شائكة” في المفاوضات.

يشار إلى أن وفود الأطراف المتبقية في الاتفاق النووي وهي إيران وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، بدأت منذ أبريل الماضي، اجتماعاتها في أحد الفنادق الفخمة بالعاصمة النمساوية، من أجل إعادة إحياء الاتفاقية التي أبرمت بين طهران والدول الكبرى في 2015.

إلا أن الجولات الست التي جرت سابقا لم تتوصل حتى الساعة إلى حل لكافة المسائل العالقة والمعقدة.

إسرائيل تتأهب

انعكست نتائج الانتخابات الإيرانية على وجهة نظر إسرائيل حيال الملف النووي الإيراني، وهو ما بدا في تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، الذي هاجم الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، واتهمه بأنه متشدد ويدعم طموحات طهران النووية، كما أنه يتحمل المسؤولية عن مقتل آلاف الإيرانيين ودعم الإرهاب العالمي. وذلك في أول تعليق رسمي إسرائيلي

وحذر وزير الخارجية الإسرائيلي من أن انتخاب “رئيسي” يتطلب التصميم على وقف برنامح طهران النووي بشكل فوري، داعيًا إلى ضرورة وضع حد لطموحات إيران الإقليمية المدمرة.

وفي سياق متصل، دعا مسؤولون إسرائيليون لوضع مخططات جديدة ضد نووي إيران بعد انتخاب رئيسي، الذي سيتبع بدوره آراء المرشد الأعلى علي خامنئي “المتشددة” إزاء السياسات الخارجية والنووية، بحسب تصريحات المسؤولين.

وبحسب ما أفادت مصادر إعلام إسرائيلية، فهناك مخاوف من استمرار إيران في تخزين اليورانيوم المخصب، ونقلت عن مصدر إسرائيلي رفيع المستوى قوله: “لن يكون أمامنا أي خيار سوى العودة وإعداد مخططات هجومية جديدة ضد برنامج إيران النووي، لكن ذلك سيتطلب تمويلا وإعادة توزيع الموارد”.

ويأتي ذلك على خلفية أنباء عن نية رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد نفتالي بينيت تكثيف اتصالاته مع الإدارة الأمريكية في الأسابيع القادمة في محاولة للتأثير على مواقف واشنطن إزاء ملف إيران النووي.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أن قائد أركانه العامة أفيف كوخافي يتوجه صباح اليوم الأحد إلى الولايات المتحدة بأول زيارة من نوعها منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وسيبحث مع زملائه الأمريكيين “تحديات أمنية مشتركة”على رأسها الخطر الناجم عن برنامج إيران النووي وجهود طهران الرامية للتموضع عسكريا في المنطقة وتسلح “حزب الله”.

توترات حادة

تأتي المخاوف الإسرائيلية من العودة للاتفاق النووي الإيراني، في ظل تصاعد الأعمال العدائية بين إسرائيل وإيران في الآونة الأخيرة، والتي تفاقمت مع توجه طهران لزيادة أنشطتها النووية الأخيرة.

يذكر أن الخلافات بدأت تتصاعد عقب اتهام إيران لإسرائيل بقتل كبير علمائها النوويين العام الماضي، وبشن هجوم على إحدى منشآتها لتخصيب اليورانيوم في أبريل.

من جانبها، تتهم إسرائيل إيران بأنها تسعى لحيازة سلاح نووي وأنها لا تعتقد بأن البرنامج النووي الإيراني سلمي تمامًا.

وعلى صعيد آخر، وتعليقا على نتيجة الانتخابات الإيرانية، أعربت الولايات المتحدة عن أسفها لأن الإيرانيين “حُرموا حق اختيار رئيسهم في عملية انتخابية حرة ونزيهة”، وتزامن انتخاب رئيسي مع إجراء مفاوضات في فيينا تستهدف إنقاذ اتفاق إيران النووي المبرم عام 2015.

فهل تتلافي المخاوف الإسرائيلية مع التوجسات الأمريكية في إفشال التوصل لاتفاق نووي جديد؟ أم سيكون للأطراف الدولية أراء أخرى تنبثق من مخاوفهم من سعي طهران لزيادة أنشطتها النووية باتجاه حاسم نحو إنتاج قنبلة نووية؟ كل ذلك مرهون بالتوترات التي تواجهها المنطقة وما ستسفر عنه سياسات طهران المقبلة في عهد الرئيس الجديد لإيران.

ربما يعجبك أيضا