مع غياب الترياق.. لا يزال التعصب أخطر جائحة تنهش جسد العالم

كتبت – علياء عصام الدين

اللون، العرق، الدين، وحتى الطائفة، كلها مبررات لجائحة تنخر جسد العالم منذ القدم وهي جائحة الكراهية والتعصب والعنصرية.

زخم عالمي وتكاتف غير مسبوق ذلك الذي نراه حولنا من أجل الانتصار على كوفيد – 19 وإيجاد الترياق والخلاص من الوباء، في المقابل نقبع في أماكننا متفرجين مكتوفي الإيدي أمام الفيروس الأكثر شراسة.

لقد عجز العالم بتحضره على مدار قرون من إحداث قفزة أو تحول، حتى ولو طفيف في سبيل الانتصار على فيروس التطهير العرقي والاضطهاد والكراهية والتعصب لأسباب قومية أو دينية .

ومهما اختلفت مبررات التعصب يبقى هو الجائحة الكبرى (القديمة/ الحديثة) التي عجزت الإنسانية على إيجاد ترياق لها.

داء بلا ترياق

التعصب جائحة أشرس من الفيروسات المجهرية فهي تنخر في جسد الإنسانية جمعاء

التعصب لا دين له ولا مكان، وآخر الحوادث العنصرية التي تعزز ذلك، تلك الجريمة الشنعاء التي ارتكبها ناثانيال فيلتمان بدافع الكراهية عندما قام بدهس أربعة أفراد من أسرة مسلمة بلا رحمة.

لقد أخذ فيروس التعصب في الاستفحال والتفاقم بسبب غياب القناعات التي تخدم التوجه لتبني مفردات السلام والتسامح كأساس لبناء الحضارات، وتبني ثقافة الصدام والصراع والتناحر، فالدول الكبرى تغذي التعصب عن طريق صراع (السلطة والمصلحة) الذي تصبه في النهاية لتبرير الصراع أمام شعوبها بدواعي العرق والدين.

أسباب اجتماعية ونفسية

تبدأ المشكلة منذ الصغر حيث بداية زرع أسس التعصب في نفوس الأطفال في الأسر سواء العربية أو الغربية على السواء، وينتقل هذا التأسيس إلى المدرسة ومن بعده إلى الجامعة، كما أن تراثنا المعرفي يعج بكثير من المبادئ التي تربي في النفوس النزعة العنصرية، الأمر الذي يجعل السلوك العدواني للمتعصب مبررًا لدى الكثيرين

الأفكار المتطرفة تتغلغل عبر كل القنوات حولنا بلا هوادة

كما أن للتعصب أسبابه الاجتماعية التي يغذيها المجتمع والتنشئة، يلعب البعد النفسي أيضًا  دورًا أساسيًا في تشكيله وتغذيته وبلورته ليصبح وحشًا كاسرًا يصعب السيطرة عليه.

وقد زادت التكنولوجيا الحديثة “الطين بله”، فقامت بتزويد الكثير من المتطرفين والمنتمين للجماعات العنصرية بالأفكار المسمومة، ففي مذبحة كرايست تشيرش قام برنتون تارانت باستقاء أفكاره من الشبكة العنكبوتية التي غذت استعداده ودفعته لارتكاب جريمته.

وبالرغم من ادعاءات الانفتاح على الآخر وقبوله أو حتى تقبله يبدو أن القضاء على جرائم الكراهية وما يترتب عليها من فواجع أمر ميؤوس منه، لأن الأفكار المتطرفة تتغلغل عبر كل القنوات حولنا بلا هوادة فتأكل الأخضر واليابس.

التعصب هو الابن البار للكراهية الذي يصعب شفاءه ولا سبيل للتعافي منه ما دمنا لا نتحرك صوب تغيير القناعات وتصحيح المفاهيم.

علينا أن تتخلص من رواسب مقولة ساتر المتداولة “الآخرون هم الجحيم” ونرى الآخر بعين الحب لا البغض ونتحمل مسؤولية التعايش دون انعزال أو صراع لنتخلص من الواقع الجحيمي الحقيقي الذي نحياه.

ستبقى حواضن الإرهاب بيننا إلى الأبد إذا لم نسعى للحصول على مناعة القطيع ضد التعصب الأمر الذي يتطلب ثورة معرفية جديدة نتخلص فيها من كل تراثنا البالي الذي يعزز قيم الكراهية ونضع مكانها كل ما يساهم في دعم قيم التسامح والتعايش بين الشعوب والثقافات والديانات.

علينا أن تتخلص من رواسب مقولة ساتر المتداولة “الآخرون هم الجحيم” ونرى الآخر بعين الحب لا البغض ونتحمل مسؤولية التعايش دون انعزال أو صراع لنتخلص من الواقع الجحيمي الحقيقي الذي نحياه.

ربما يعجبك أيضا

1