معارك مأرب.. خسائر حوثية وفشل دولي يدفع ثمنه اليمنيون

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

تشهد مدينة مأرب اليمنية معارك حامية بين القوات اليمنية والميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، ورغم تكبد الأخيرة خسائر فادحة إلا أنها لا زالت تصعد من هجماتها للاستيلاء على المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية، بالتزامن مع فشل الجهود الدولية الساعية لوقف إطلاق النار والانتهاكات الحوثية المتكررة، ووسط تحذيرات دولية من وقوع كارثة إنسانية بسبب عمليات النزوح المستمرة.

معارك مأرب تحتدم

خلال الأيام الأخيرة اندلعت معارك حامية بين قوات الحكومة اليمنية وميليشيات الحوثي في محيط مدينة مأرب الاستراتيجية، وذلك عقب هجوم شنته الميليشيات الحوثية منذ يوم الجمعة على عدة جبهات في تخوم مدينة مأرب، بحسب ما صرح الفريق صقر عزيز رئيس أركان الجيش اليمني.

وكانت هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيرة المفخخة استهدفت مناطق سكنية مدنية داخل المدينة نفسها. وبحسب ليز تيسين، الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، قصف الحوثيون محطة تزود بالوقود في وقت سابق من الشهر الجاري، ما أسفر عن مقتل عشرين شخصا إجمالا، بينهم أطفال.

في غضون ذلك، أعلن مسؤول حوثي في تصريح لـ”أسوشيتدبرس” عن نشر ما لا يقل عن 200 مقاتل إضافي على خط المواجهة قرب مأرب خلال الـ24 ساعة الماضية.

وتسعى الميليشيات منذ فبراير إلى الاستيلاء على المدينة، إلا أنها لم تحرز تقدمًا يذكر، وتكبدت خسائر فادحة وسط مقاومة شديدة من القوات الحكومية، والقبائل.

خسائر الحوثي

وتسعى الميليشيات منذ فبراير إلى الاستيلاء على المدينة، إلا أنها لم تحرز تقدمًا يذكر، وتكبدت خسائر فادحة وسط مقاومة شديدة من القوات الحكومية، والقبائل، كان أخرها مقتل 50 شخصا في معارك بين قوات حكومية ومسلحين حوثيين على تخوم مدينة مأرب شمالي البلاد، بحسب مصادر تابعة للحكومة.

وأضافت المصادر أن القوات الحكومية فقدت 16 من رجالها، بينهم ستة ضباط، بينما لم يعلق الحوثيون كدأبهم على عدد الضحايا في صفوفهم.

بدوره، أعلن المتحدث باسم الجيش اليمني العميد عبده مجلي، تدمير 75% من القدرات القتالية التي حشدتها ميليشيا الحوثي الإرهابية على أطراف مأرب، وذلك في معارك وضربات جوية خلال الأيام الماضية.

وقال العميد مجلي: إن قوات الجيش مسنودة من رجال القبائل في بلاده تحقق السيطرة على الأرض بتحرير مواقع مهمة، وقطع طرق الإمداد عن الميليشيات والتصدي لكل التسللات والهجمات المعادية في مختلف جبهات القتال في محافظتي مأرب والجوف شرق وشمال اليمن.

وأشار المتحدث إلى إسقاط الدفاعات الجوية للجيش اليمني طائرة مسيرة متفجرة في جبل مراد جنوب مأرب، وطائرة أخرى على مشارف مدينة مأرب كان الهدف منها استهداف المدنيين والأعيان المدنية.

وأكد أن الجيش اليمني تمكن من تحقيق تقدم ومكاسب على الأرض في محافظة الجوف، واستعاد عدة مواقع، وقطع طرق إمداد الميليشيا الإرهابية والسيطرة على مواقع كانت تتمركز فيها وإلحاق خسائر كبيرة في عناصرها تقدر بعشرات القتلى وتدمير عدد من معداتها القتالية.

لماذا مأرب؟

تحاول منذ شهور جماعة الحوثي المدعومة من إيران بسْط سيطرتها على مأرب نظرًا لما تحظى به المدينة من أهمية استراتيجية كبرى.

وتعد مأرب آخر المدن التي تحتفظ بها الحكومة في شمال البلاد بعد ست سنوات من القتال، فضلا عن أن مأرب هي الطريق لحقول نفط مهمة تحيط بها.

تمتد محافظة مأرب على مساحة 17405 كم مربع، تبعد عن العاصمة صنعاء نحو 170 كم، وتربطها عبر منفذ الوديعة الواقع في الأطراف الشمالية للمحافظة.

وتحاذي مأرب شرقاً محافظتي شبوة وحضرموت الساحليتين على بحر العرب، ومن الناحية الجنوبية تحاذي محافظتي البيضاء وشبوة، أما إلى الجنوب الغربي فتحاذي أجزاء من مديرية بني ضبيان شمال شرق محافظة صنعاء.

الموقع الجغرافي المميز هذا، منح محافظة مأرب أهمية استراتيجية عالية، حيث تعتبر القاعدة العسكرية الأولى والأكبر لقوات التحالف السعودي وحكومة الرئيس هادي، وتضم مقار وزارة الدفاع وقوات التحالف السعودي ورئاسة هيئة الأركان العامة وقيادتي المنطقتين العسكريتين الثالثة والسابعة التابعة لحكومة الرئيس هادي.

كما تعد محافظة مأرب شمال شرق اليمن من أهم المحافظات المنتجة للغاز والنفط، فضلاً عن أنها محافظة سياحية غنية بأهم المواقع الأثرية والتاريخية، بالإضافة إلى كونها من أبرز المحافظات الزراعية.

فشل المساعي الدولية

يأتي احتدام القتال للسيطرة على مأرب بعد فشل جهود دبلوماسية مكثفة قامت عليها الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، وقوى إقليمية، لتأمين وقف إطلاق النار في عموم اليمن.

ولا تلوح في الأفق بوادر أي اتفاق، في وقت تجددت فيه الأعمال القتالية التي سقط ضحيتها الآلاف من الجانبين.

يشار إلى أن القتال الحوثي من أجل السيطرة على مأرب يهدد بتصعيد الحرب على نطاق أوسع، وقد أثار احتجاجات دولية لأن المدينة يقيم فيها حاليا أكثر من مليون نازح، ويعيش كثير منهم في مخيمات على أطراف المدينة.

وأمام مجلس الأمن، أعلن المبعوث الأممي المنتهية ولايته إلى اليمن، مارتن غريفيث، فشل جهوده على مدى ثلاثة سنوات لإنهاء الحرب في اليمن.

وقال غريفيث الذي يتعين عليه مغادرة منصبه على الفور لتولي مهام مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن “طرفي النزاع يجب

ويشهد النزاع في اليمن الذي اندلع عام 2014، مواجهات دامية بين المتمردين الحوثيين وقوات الحكومة المعترف بها دولياً والمدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية.

وخلّف النزاع عشرات آلاف القتلى ودفع نحو 80 في المئة من السكّان للاعتماد على الإغاثة وسط أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقاً للأمم المتحدة. وتسبّب كذلك بنزوح ملايين الأشخاص وتركَ بلداً بأسره على شفا المجاعة.

كارثة إنسانية

في ظل القصف الحوثي المتواصل على مأرب ونزوح آلاف اليمنيين، أكد مدير مخيم السويداء للنازحين في المدينة، عرفات الصباري أن المخيم يضم 1802 أسرة نازحة، تفتقر للغذاء وشح المياه ويعيشون بلا كهرباء.

وأوضح أن النازحين هربوا إلى مأرب بعد استهداف الميليشيات لمنازلهم، مؤكدا أن 70% من المنظمات الدولية لم تف بمتطلبات واحتياجات هؤلاء.

يذكر أن المنظمة الدولية للهجرة كانت كشفت الشهر الماضي في تغريدة على تويتر أن أكثر من 52% من المهاجرين في مأرب بحاجة إلى دعم غذائي.

وكان المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ، اتهم في وقت سابق ميليشيا الحوثي بتعريض أكثر من مليون مدني في مأرب للخطر.

يشار أيضًا إلى أن الأمم المتحدة ذكرت في تقارير سابقة أن اليمن يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم مع استمرار الحرب منذ سنوات، حيث نزح أكثر من أربعة ملايين شخص ويعتمد ثلثا سكانه البالغ عددهم 30 مليون نسمة على المساعدات.

ربما يعجبك أيضا