إثيوبيا على خط النار.. المتمردون يشنون هجوما عنيفا وضربة جوية على تيجراي

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

لقي العشرات مصرعهم بعد أن ضربت غارة جوية سوقًا مزدحمة في شمال إثيوبيا، حيث تجدد القتال في منطقة تيجراي المضطربة في الوقت الذي بدأت فيه عملية فرز الأصوات بعد الانتخابات البرلمانية.

لقى ما لا يقل عن 80 شخصا مصرعهم وأصيب 43 آخرون في بلدة توجوجا، على بعد حوالي 15 ميلا إلى الغرب من ميكيل عاصمة تيجراي، وفقا لتقرير حكومي رسمي نشره مسؤول في الأمم المتحدة.

وقال مسؤول الأمم المتحدة، إن العديد من سيارات الإسعاف التابعة للصليب الأحمر الإثيوبي منعت من الوصول إلى موقع التفجير من قبل القوات في ميكيلي، وأكدت متحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن “العملية الجارية” في موقع التفجير لكنها رفضت الإدلاء بمزيد من التعليقات، وفقا لـ”رويترز”.

ونفت السلطات الإثيوبية استهداف المدنيين، وأكد الجيش الإثيوبي أن الغارات ضربت أهدافا عسكرية، إذ قالت متحدثة باسمه: “لم تشن قواتنا أي غارة على سوق شعبي. لا يمكن أن يحدث هذا. الجيش له القدرة على ضرب أهدافه بدقة. نفذنا غارات ولكن على أهداف معينة فقط”.

ضربة جوية في الإقليم

قال فتى عمره 16 عاما، بمستشفى أيدر، إن شظية أصابته في يده، وإنه شاهد عددا من الأشخاص مطروحين على الأرض، مشيرا إلى أن شخصا يعرفه قتل في الغارات الجوية، بحسب “بي بي سي”.

 بشكل منفصل، أكد طبيب يعمل في قسم الطوارئ في مستشفى آيدر في ميكيلي، أنه تم تأكيد وفاة 30 شخصًا حتى بعد ظهر اليوم الأربعاء، ووصل ما لا يقل عن 8 مصابين، من بينهم نساء وأطفال، إلى المستشفى مصابين بجروح في العظام وحروق.

قال الطبيب، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته خوفا من الانتقام، إن المستشفى أعد ما لا يقل عن 20 سيارة إسعاف للتوجه إلى بلدة توغوجا، لكن ضباط الجيش منعهم من مغادرة مجمع المستشفى، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”.

وأضاف الطبيب: “لا يسمح لهم بمغادرة المستشفى، سيارات الإسعاف جاهزة، وما زلنا نتفاوض”.

في وقت لاحق قال طبيب آخر، إن حفنة من سيارات الإسعاف تمكنت من مغادرة ميكيلي بعد إقناع القوات عند نقاط تفتيش معينة واستخدام طرق مختلفة للوصول إلى المنطقة.

المتمردون يشنون هجوما عنيفا

في عدة مناطق في تيجراي اندلع قتال عنيف بين مسلحين من الإقليم والقوات الفيدرالية التابعة لحكومة أديس أبابا، وقالت قوة دفاع تيجراي المتمردة إنها استولت على عدة بلدات، وأكد شهود أنهم شاهدوا مقاتليها يقومون بدوريات في هذه المناطق.

ونفى الجيش الإثيوبي الفيدرالي التابع لحكومة رئيس الوزراء آبي أحمد، هذا الادعاء وقال إنها أخبار كاذبة.

وتأتي تقارير القتال في الوقت الذي تجري فيه عملية فرز الأصوات في الانتخابات العامة، ولم يشهد تيجراي إجراء الانتخابات نظرا للظروف الأمنية.

وقال المتحدث باسم المتمردين جبري جبري صادقان: إن قوات الدفاع عن تيجراي، شنت الهجوم الأسبوع الماضي واستهدف عدة بلدات، وقال إن المقاتلين دمروا آليات عسكرية وأسروا بعض جنود القوات الحكومية.

وتعد هذه أخطر مواجهة مسلحة تندلع منذ نوفمبر، عندما أعلنت الحكومة الإثيوبية انتصارها في الإقليم والقضاء على المتمردين.

أول اختبار انتخابي لـ”آبي”

ضربت الغارة الجوية بعد يوم من ذهاب ثاني أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان إلى صناديق الاقتراع في انتخابات تعاني من تحديات لوجستية ومقاطعة المعارضة والعنف العرقي والحرب في تيجراي.

ونُظر إلى الانتخابات، التي تأجلت العام الماضي بسبب جائحة فيروس كورونا، على أنها اختبار حاسم لرئيس الوزراء أبي أحمد، الذي تم الإشادة بصعوده إلى السلطة في 2018 في الداخل والخارج.

في البداية، أطلق أبي سراح الصحفيين والسجناء السياسيين، ووعد بفتح قطاعات رئيسية من الاقتصاد وعقد السلام مع إريتريا، وهي خطوة أدت إلى حصوله على جائزة نوبل للسلام في عام 2019.

لكن الحرب التي أمر بها في تيجراي في نوفمبر الماضي، شوهت سمعة أبي، حيث أسفر القتال في المنطقة الشمالية عن مقتل آلاف الأشخاص وتشريد أكثر من مليوني شخص ودفع المنطقة إلى ويلات المجاعة، وهي الأسوأ في أي بلد منذ المجاعة التي اجتاحت الصومال المجاورة عام 2011، وفقًا لمسؤول كبير بالأمم المتحدة.

كما اتُهمت القوات الحكومية، إلى جانب القوات الإريترية المتحالفة، بالتطهير العرقي والمذابح والاعتداء الجنسي في الصراع الجاري، وهي اتهامات قد ترقى إلى جرائم حرب، لكن إدارة “أبي” تنفي هذه الاتهامات.

قال مسؤولون: إن القتال في تيجراي تصاعد في الأيام الأخيرة، حيث صعد مقاتلون تابعون لقوات دفاع تيجراي المتمردة من عملياتهم.

وقال جيتاشيو رضا، العضو التنفيذي في جبهة تحرير تيجراي الشعبية، الحزب الذي كان يحكم المنطقة سابقًا قبل غزو القوات الفيدرالية، إن قوات تيجراي استهدفت أربع فرق من الجيش الإثيوبي، كما زعم أن القوات الإثيوبية وحلفاءها “تخلوا عن العديد من البلدات والمدن”.

“حرب لا يمكن الفوز بها”

كما تؤكد وثائق الأمم المتحدة تصاعد العنف في الأيام الأخيرة، وعلى مدار الأسبوع الماضي، أفاد مسؤولو الأمم المتحدة بتحركات واسعة النطاق للقوات في شمال غرب ووسط تيجراي، وفقًا لوثيقة أمنية سرية للأمم المتحدة.

وتلقى مسؤولو الأمم المتحدة أيضًا تقارير تفيد بأن قوات المتمردين في تيجراي قد سيطرت على مدينة أديغرات الاستراتيجية، ولم يتضح على الفور ما إذا كان المتمردون يواصلون السيطرة على المدينة.

وانتقدت وزارة الخارجية الإثيوبية القيود، قائلة إنها “ستضطر إلى إعادة تقييم علاقاتها مع الولايات المتحدة، مما قد يكون له تداعيات تتجاوز علاقتنا الثنائية”.

قال ويليام دافيسون، كبير محللي إثيوبيا في مجموعة الأزمات الدولية: “هذه الفظائع الأخيرة ضد المدنيين تزيد من المخاطر في تيجراي”.

مع استعداد أبي وحزب الازدهار الحاكم للفوز، قال دافيسون: إن رئيس الوزراء سيتعين عليه أن يقرر ما إذا كان سيستخدم التفويض لإعطاء الأولوية لمنع المجاعة الجماعية في تيجراي، أو ما إذا كان يضاعف الحرب التي يبدو أنها لا يمكن الفوز بها، ومن المؤكد أنه سيؤدي إلى المزيد من المعاناة الجماعية للمدنيين.

ربما يعجبك أيضا