قانون لمّ الشمل.. تحدي إبعاد الفلسطينيين واستيطان الضفة الغربية

محمد عبد الدايم

كتب – د. محمد عبدالدايم

قبل تشكيلها رسميًا، ظهرت التحديات الكبيرة التي تواجه الحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بينط، بداية من تركيبتها المختلطة، مرورا بالموافقة عليها، ووصولا إلى التوافق بين أعضائها على مشاريع القوانين التي تقدمها أو تحدد إعادة العمل بها، في ظل معارضة يمينية لن تدخر وسعا في إعاقة عمل الحكومة الإسرائيلية الـ36، فما زال نتنياهو – زعيم المعارضة الحالي- يتهم الثنائي بينط-لابيد بـ”سرقة” رغبات الناخب الإسرائيلي، والموافقة على التحالف مع القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس، فيما يعتبره اليمين المعارض “خيانة” للدولة اليهودية.

قانون لمّ الشمل

45273 1

في 6 يوليو القادم يحل أجل انتهاء العمل بقانون “لمّ الشمل” المعروف بقانون “المواطنة”، وهو قانون مؤقت تبناه الكنيست عام 2003، خلال أحداث الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ويهدف إلى منع الفلسطينيين الذي يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة من الحصول على وضع قانوني في إسرائيل، وتم تبني هذا القانون “العنصري” بعد اتهام فلسطينيين ممن لديهم زوجات من سكان القدس الشرقية بارتكاب “أنشطة إرهابية”، حيث يحرم هذا القانون المواطنين الإسرائيليين الذين يتزوجون من فلسطينيات يعشن في الأراضي المحتلة، أو من دول تعتبرها إسرائيل “معادية” لها، وهي لبنان وسوريا والعراق وإيران، من دخول إسرائيل.

لا يتطرق هذا القانون إلى مسألة العمل من أجل العمل أو العلاج، وإنما يستهدف “لم الشمل”، حيث يعتبر الفلسطينيين “خطرًا” على إسرائيل.

الغرض من القانون

لابيد وبينط 1

في 2003 سنت الحكومة الإسرائيلية هذا القانون رغم أن المادة 7 من قانون الجنسية الإسرائيلية (1952) ينص على أن حق “الجنسية الإسرائيلية” يُمنح لمن يتجنس بها، أو يُمنح لمواطن غريب يتزوج من مقيم دائم بإسرائيل، ومع ذلك تسعى إسرائيل لمنع الفلسطينيين من دخول الأراضي المحتلة، ولم شملهم مع أسرهم في الداخل.

كان الهدف الرئيس للقانون هو منع “لم شمل الأسرة” بين المواطنين الفلسطينيين بالداخل ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية وأزواجهم أو أطفالهم الفلسطينيين، تنص المذكرة التفسيرية لمشروع القانون على أن الغرض منه هو خدمة غرض أمني، يتمثل في منع حالة يستغل فيها الشخص الذي مُنح مكانة في إسرائيل بسبب زواجه من مواطن أو مقيم إسرائيلي حريته في التنقل في البلاد للمساعدة في الأعمال التي تعتبرها إسرائيل “إرهابية”، لكن يتضح بجلاء أن القانون يستهدف منع توطين الفلسطينيين في إسرائيل، بطريقة يزعمون أنها قد تؤدي إلى إعمال حقهم التاريخي والقانوني في العودة إلى أرضهم الفلسطينية المحتلة.

من عام إلى 17:

610322

تم تحديد سريان القانون في البداية بعام واحد فقط، ولكن تم تفويض الحكومة بموافقة الكنيست لتمديده لفترات إضافية تصل إلى عام واحد في كل مرة، ومنذ ذلك الحين، تم تمديد القانون ما لا يقل عن 17 مرة كل عام.

لم يكن الكنيست لحاجة إلى إجراء تشريعي استثنائي لتمديد صلاحية القانون لكل هذه السنوات، فحتى عام 2015 تمت مناقشة طلبات الحكومة لتمديده في الكنيست بكامل هيئته فقط، دون نقاش مُسبق في إحدى اللجان المتخصصة، وبعد 2015 تمت مناقشة طلبات تمديد القانون في لجنة مشتركة بين الشئون الخارجية والدفاع وبين لجنة الداخلية، ثم يتم طرح توصية اللجنة المشتركة للتصويت في الجلسة العامة.

استثناءات

نص القانون على استثناء بعض الحالات من منع “لم الشمل”، حيث يمكن يمكن للذكور المقيمين في الأراضي المحتلة الذين تزيد أعمارهم عن 35 عامًا والنساء فوق سن 25 الحصول على تصاريح لدخولهم بعدما انفصلوا قانونًا عن أزواجهم في إسرائيل، ويستند هذا الاستثناء إلى تقييم مسؤولي الأمن بأن “الخطر” الذي يشكله الأشخاص في هذه الأعمار منخفض نسبيًا، ويمكن للقصر أيضًا الحصول على تصاريح إقامة في ظروف مختلفة من أجل البقاء مع والديهم المقيمين في إسرائيل، ويمكن للفلسطينيين الحصول على تصاريح إقامة في إسرائيل للعمل والرعاية الطبية وأغراض مؤقتة أخرى، ويجوز لوزير الداخلية منح “مكانة” في إسرائيل في حالات أخرى لأسباب إنسانية.

تضييق على الفلسطينيين

تُظهر البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية الإسرائيلية، والمنشورة عام 2020، أنه في السنوات الأخيرة، تم تقديم عدد من 80 إلى 1000 طلب للم شمل الأسرة كل عام، واعتبارًا من عام 2020، حصل ما يقرب من 13000 فلسطيني في إسرائيل على تصاريح دخول أو وضع مؤقت لغرض لم شمل الأسرة، وفقًا للاستثناءات المنصوص عليها في القانون.

وفقًا لبيانات من مصادر أمنية قُدمت للكنيست العام الماضي، فإنه خلال الفترة من 2001 – 2020، حصل 45 فلسطينيًا فقط على مكانة في إسرائيل بعد لم شمل العائلات المرتبطة بما تدعيه إسرائيل “جرائم إرهابية”، وفي الفترة الأخيرة بين عامي 2018 و2020، وصل هذا العدد إلى الصفر.

خلاف بين أعضاء الائتلاف وتربص المعارضة

نفتالي بينيت 12

إبان تمرير القانون للمرة الأولى منذ نحو 18 عاما، كان حزب ميرتس اليساري على رأس المعارضين له، والآن ينضوي الحزب نفسه في الحكومة الائتلافية التي تسعى لتمديده الآن، إلى جانب حزب هاعفودا، كما نقل منصور عباس رئيس القائمة العربية الموحدة المشاركة في الائتلاف أنه يعارض تمديد القانون، ومن المقرر أن يلتقي وزير القدس والتراث والإسكان زئيف إلكين بمنصور عباس في إطار إقناعه بالموافقة على تمرير القانون، واقترح نفتالي بينط “حلا أوسط” بأن تسمح كتلة القائمة العربية الموحدة بتمرير القانون في مقابل تعهد وزيرة الداخلية أييلت شاقيد بالتعامل مع الاستثناءات المُسماة بالحالات “الإنسانية”.

بدون موافقة القائمة العربية وكل من حزبي ميرتس وهاعفودا لا يمكن ضمان تمرير القانون، لأن حكومة بينط- لابيد نالت ثقة الكنيست بفارق صوت واحد لصالحها، وهذا يعني أن 59 مقعدا يجلس عليها معارضين للحكومة، ورغم أن القانون يخدم التوجهات اليمينية للمعارضة التي هي نفسها كانت الحكومة التي سنته في 2003، فإن حزب هاليكود يعلن الآن أنه لن يوافق على تمرير القانون، حيث نقل أقطابه لحكومة بينط رفضهم تمرير القانون لأن هذه الحكومة قائمة على ائتلاف يضم حزبا من فلسطيني الداخل، وفي إطار مفاوضات الابتزاز بين الطرفين أرسل هاليكود رسالة مفادها أنه لن يدعم القانون هذا المرة، بعدما كان يمرره طيلة السنوات الماضية، ما لم يتعهد بينط وحكومته بالعمل على التوسع في البؤر الاستيطانية بأراضي الضفة الغربية.

إذا يبدو هذا التحدي المباشر لحكومة بينط- لابيد بعد نهاية عهد نتنياهو وتحوله إلى المعارضة، لكنه تحد قائم على صراع يميني استيطاني بحت، يحرم الفلسطينيين من دخول أراضيهم المحتلة، ويدفع لمنع عودة أي لاجئ، وعدم لم شمل الأسر الفلسطينية، وكذلك الهرولة لبسط السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية للتوسع في بناء المستوطنات اليمينية.

في الحالتين، تمرير القانون أو عدم تمريره، يبدو اليمين المتطرف رابحًا، فإذا مررت الحكومة هذا القانون العنصري ستكون قد وضعت حواجز أمام الفلسطينيين لدخول الأراضي المحتلة، وكسب المتطرفون تأشيرة استيطان بالضفة الغربية، وإذا لم تستطع تمريره فإن هذا سيعد فشلا كبيرا للحكومة الجديدة بما يسرع من تقويضها، ويساعد المعارضة اليمينية في إسقاطها.

ربما يعجبك أيضا