اغتيال نزار يضع «سلطة عباس» في ورطة

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

لم تكن المرة الأولى التي يعتقل فيها الناشط والمعارض نزار بنات، لكن هذه المرة كانت الأخيرة. قوة من الأمن الفلسطيني اقتحمت بيتا كان ينام فيه مع أقرباء له في الخليل، وباشرت بضربه فور اعتقاله، لتبلَّغ العائلة بعد وقت قصير أنه فارق الحياة، الأمر الذي خلّف صدمة وغضبا بين الفلسطينيين الذين يرى كثير منهم أن الحادث رسالة لإسكات الصوت المعارض وقمع الحريات. فما انعكاسات هذه الحادثة على المشهد الفلسطيني الداخلي؟ وخيارات السلطة الفلسطينية في التعامل مع المعارضين السياسيين.

رحيل عباس مطلب فلسطيني

لا يوجد إجماع فلسطيني على كل ما قاله نزار بنات في مختلف القضايا لكن يوجد رفض فلسطيني للجريمة التي حصلت له ورفض لسلوك السلطة ومسارها السياسي، الإجماع على رفض الجريمة ورفض هذا السلوك هو حماية لصحفيين ونشطاء آخرين، وقف هذا السلوك وتغيير مسار السلطة وتنحي شخوصها هو مطلب الفلسطينيين.

آخر ما قاله نزار هو أن «قيادة السلطة مرتزقة تتاجر بكل شيء على حساب القضية الفلسطينية». يعد نزار من النشطاء المعروفين على الساحة الفلسطينية، ترشح عن قائمة «الحرية والكرامة» للانتخابات التي كان مقررا عقدها في مايو الماضي وأجلها الرئيس محمود عباس.

اغتيال نزار بعد اعتقاله من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، كارثة بكل المعاني وتعني أن السلطة وصلت لمرحلة الإعدام والتصفية الجسدية للمعارضين .

وما الآلاف الغاضبة التي خرجت لتشييع جثمان نزار، إلا بمثابة استفتاء شعبي ضد السلطة الغاشمة وضد العملاء والخونة وضد التنسيق الأمني مع الاحتلال، إنه أشبه باستفتاء شعبي فلسطيني مع الحريات والمقاومة و الدفاع عن ثوابت فلسطين . لذلك فإن دعوات وشعارات المتظاهرين بإسقاط أبو مازن ورحيل سلطته عبارة عن كابوس بالنسبة للسلطة وللإسرائيليين.

السلطة في ورطة

رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بدا وكأنه في ورطة حقيقية، في ظل موجة الغضب الشعبي الداخلي، والانتقادات الدولية التي طالت سلطته، لم يجد أمامها بدا من الدعوة لإجراء تحقيق في ملابسات الحادث.

السلطة نسيت أن وطنها محتل وأن وظيفتها «الأساسية» وربما الوحيدة هي قيادة شعبها للتخلص من الاحتلال وليس اعتقال النشطاء وتعذيبهم قبل اغتيالهم، بعد انتفاضة ومقاومة عسكرية وحدت الشعب الفلسطيني من النهر إلى البحر وفي أوج معركة شعبية يقودها الناس في الضفة ضد الاستيطان.

لذلك فإن إسقاط السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس قد اقترب ، ولكن مخاوف استغلال حماس الموقف لتقوية نفوذها والسيطرة على الحكم في رام الله بالكامل، لا يزال يمثل هاجسا لدى كثيرين.

على سلطة عباس أن تخاف، في ظل الدعوات من قبل الناشطين والحقوقيين في الخارج، بتقديم الملفات التي تدين السلطة وتكشف جرائمها وانتهاكاتها إلى محكمة الجنايات الدولية والمحاكم الأوربية والأمريكية.

ناهيك عن الاعتقال السياسي الذي تقوم به الأجهزة الأمنيّة، وقمع الرأي الفلسطيني في انتقاد النظام المهترِئ بمؤسساته الاحتلاليّة، فإنّ عمليّة اغتيال الناشط نزار بنات، ما هو إلا مؤشِّر خطير، على خطورة السلطة الفلسطينية ومؤسساتها الأمنيّة على الفلسطينيين أنفسهم.

لا ثقة بالحكومة ومؤسساتها

غسان شقيق الناشط نزار بنات أكد أنه لا ثقة لدى العائلة بالحكومة ولجانها، وأنه حتى اللحظة لم يتواصل معهم أحد من إدارة السلطة، مشيرا إلى أن آثار الضرب والتكسير كانت واضحة، مضيفا «نطالب برحيل رئيس السلطة عباس ورئيس الحكومة، ونضال أبنائنا سيستمر حتى يتحقق ذلك».

نقابة المحامين بدورها، طالبت بأن تكون لجنة التحقيق في قضية نزار بنات محايدة، غير أن هذا الشرط لم يتحقق، وهو ما يؤشر إلى إمكانية أن يكون هناك تحرك من النقابات ومؤسسات المجتمع المدني في موضوع التحقيق بالقضية.

في هذا السياق، دعا منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند إلى إجراء تحقيق مستقل في وفاة الناشط الفلسطيني نزار بنات. وعبر وينسلاند خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، عن قلقه إزاء ملابسات وفاة الناشط الفلسطيني.

أمام موجة الغضب الشعبي هذه تتحدث وسائل إعلام حول أن القيادة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني لديها «توجه جاد» نحو إعلان انسحابها من الحكومة الفلسطينية على إثر ملف حقوق الإنسان بشكل عام.

السلطة الفلسطينية في نظر الفلسطينيين هي جزء من الاحتلال الذي تتعرض له فلسطين كاملة وشريك في المشروع الصهيوني ضد الفلسطينيين، لذلك من مصلحة الغرب الأوروبيين تمويلها ودعمها سياسيًا لأجل الحفاظ على أمن إسرائيل ولقمع الأصوات الفلسطينية التي تطالب بالتحرير، إذ يرعبها صوته الناطق بالحق، أرعبهم أنه يعريهم ويكشف حقيقة تخاذلهم وتنازلهم، أرعبهم قول أنكم بعتم وفرطتم وعطلتم مشروع التحرر منذ ربع قرن.

ربما يعجبك أيضا