لبنان يشتعل.. النقمة الشعبية تتفاقم بـ«ليلة تظاهرات ساخنة»

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

يبدو أن الأزمات المتلاحقة التي يشهدها الشارع اللبناني، أصبحت تقف عائقًا بينه وبين الاستقرار، إذ لم تلبث نيران الأوضاع أن تهدأ نسبيًا، إلا وقد اشتعلت من جديد، لتتبعها موجة قاسية من التظاهرات الساخنة.

الأزمات الاقتصادية المتسارعة، والأوضاع المتردية، وأسباب أخرى عدة، كانت كفيلة لاستمرار وتصاعد حدة الغليان، يومًا تلو الآخر، مما أدى بالطبع إلى زيادة النقمة الشعبية احتجاجًا على تردي الأحوال المعيشية.

ووسط تلك الأزمات المتلاحقة، أصبح مشهد استفاقة البلاد على حركة الإقفال الواسعة للطرق الرئيسة والفرعية في معظم المناطق، مألوفًا، إذ لم يجد الشعب اللبناني سوى التظاهر على أمل الخروج من أزمته.

المشهد تكرر صباح اليوم، بعد ليلة تظاهرات ساخنة، شهدها الشارع اللبناني بالأمس، احتجاجًا على التدهور الاقتصادي الكارثي، خاصة بعد أن انهارت العملة الوطنية بشكل قياسي أمام سعر الدولار الأمريكي، مما أدى إلى ارتفاع جنوني للأسعار، بالإضافة إلى انقطاع كبير في الأدوية والمستلزمات الضرورية والوقود.

قطع الطرق الرئيسية

1 31

لبنان الجريح يشهد أزمة اقتصادية كبيرة، إذ حذر البنك الدولي، في الشهر الحالي، من إنها تُصنف من بين أشد عشر أزمات، وربما من بين الثلاث الأسوأ منذ منتصف القرن التاسع عشر، منتقدًا التقاعس الرسمي عن تنفيذ أي سياسة إنقاذية.

وازدادت الأمور تعقيدًا، الأيام الأخيرة، إذ بات اللبنانيون ينتظرون في طوابير طويلة أمام محطات الوقود التي اعتمدت سياسة التقنين في توزيع البنزين والمازوت.

وتزامن ذلك، مع انقطاع في عدد كبير من الأدوية وارتفاع في أسعار المواد الغذائية المستوردة بغالبيتها، الأمر الذي أدى إلى غليان الشارع اللبناني لتندلع المظاهرات من جديد.

وفي هذا الصدد، أفادت تقارير إخبارية، أن محتجين أقدموا على قطع السير بطريق قصقص في العاصمة بيروت، مع ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، ليصل سعر الدولار الواحد 17 ألف ليرة لبنانية.

إذ قامت مجموعة من المتظاهرين بإحراق الإطارات المطاطية تزامنًا مع انقطاع في عدد كبير من الأدوية وارتفاع في أسعار المواد الغذائية المستوردة بغالبيتها.

وحاول المتظاهرون، الوصول إلى منازل ومكاتب بعض النواب اللبنانيين وقُوبلوا بإطلاق الرصاص المطاطي والرصاص الحي، مما أدى إلى إصابة عدد من المتظاهرين بجروح.

وترافقت الاحتجاجات مع إقفال معظم المحلات التجارية والمطاعم في المدينة، وقطع الطرقات الرئيسية مثل أوتستراد البالما، وأوتستراد صيدا-صور، وطريق مستديرة الجندولين، وطريق المدينة الرياضية في بيروت.

ومن جانبها، أفادت الوكالة اللبنانية للإعلام، بأن مسيرات قد جابت شوارع طرابلس أيضًا، وأغلقت العديد من الميادين الرئيسية فيها، وتبعتها اشتباكات أصيب خلالها عسكريين بجروح طفيفة جراء إلقاء قنبلة صوتية على مجموعة من جنود الجيش اللبناني في منطقة التل بطرابلس.

كما تجمعت مجموعات شبابية من حراكي النبطية وكفررمان جنوبي لبنان احتجاجًا على الأوضاع، فيما قام محتجون بإيقاف سياراتهم وسط الطريق المؤدي إلى منطقة الزهراني من النبطية جنوبي لبنان، الأمر الذي أدى إلى تعطل حركة السير، حيث قامت عناصر من قوى الأمن الداخلي بتحويل السير إلى متفرعات داخلية.

اقتحام البنك المركزي

2 21

تفاقمت الأوضاع بمحاولة اقتحام المتظاهرين لفروع للبنك المركزي في مدينيتين رئيسيتين، بالإضافة إلى إضرام النيران في مدخل مبنى حكومي، فيما حاول بعض المحتجين اقتحام منازل نائبين، لكن القوات الأمنية منعتهم.

كذلك اقتحم عددًا من المحتجين الباحة الخارجية لمصرف لبنان في طرابلس، وتمكنوا من خلع الباب الحديدي، فيما عملت عناصر الجيش اللبناني المنتشرة في المكان على منعهم من دخول المصرف.

وفي صيدا حاول متظاهرون اقتحام فرع البنك المركزي في المدينة، ولكن القوى الأمنية عملت على إبعادهم في الحال.

هكذا، وصلت الأوضاع إلى مستوى غير مسبوق من التوتر بالشارع اللبناني في الساعات الأخيرة، بسبب كثرة الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، مما أدى إلى انخفاض القوة الشرائية لدى معظم اللبنانيين، وجعل أكثر من نصف سكان البلد يعيشون تحت خط الفقر.

وفي حقيقة الأمر، لم تكن هذه هي أولى أزمات لبنان الجريح إذ يعاني منذ سنوات طويلة من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية متلاحقة وانقسامات عميقة، حالت دون تحقيق أي إنجاز على صعيد تطوير البنى التحتية وتحفيز الاستثمارات وتنشيط الاقتصاد، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية بشكل منقطع النظير.

ربما يعجبك أيضا