في ضربة موجعة لأديس أبابا.. «جبهة تحرير تيغراي» تحرر عاصمة الإقليم

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

في ضربة استراتيجية موجعة للحكومة المركزية في أديس أبابا ولرئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد علي” شخصيا، تمكنت

قوات جبهة تحرير تغراي من تحرير عاصمة إقليم تيغراي الإثيوبي، مدينة ميكيلي بعد ظهر اليوم، وقال المتحدث الرسمي باسم حكام تيغراي السابقين إن مدينة ميكيلي “صارت تحت سيطرتنا”، وفق ما نقلته وكالة “رويترز”.

وكانت الإدارة المؤقتة في منطقة تيغراي طلبت من الحكومة الفيدرالية وقف إطلاق النار للسماح بإيصال المساعدات بعد ما يقرب من ثمانية أشهر من الحرب، ولاشك أن جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات آبي أحمد في الإقليم واغتصاب النساء وقتل الأطفال والشيوخ والمدنيين، فيما سارعت حكومة الاتحادية الإثيوبية بالإعلان عن قبولها طلب لوقف إطلاق النار في إقليم تيغراي.

واندلع القتال في تيغراي أوائل نوفمبر المنصرم بعد أن أمر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بالتوغل في المنطقة الشمالية ردا على هجوم على قاعدة للجيش الاتحادي، وكان زعماء جبهة إقليم تيغراي اتهموا الحكومة الفيدرالية في أديس أبابا وحلفائها الإريتريين مرارا بارتكاب “إبادة جماعية” وجرائم أخرى ضد الإنسانية في الإقليم، ودعوا الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى تصعيد الضغط على “القوات الغازية”.

حرب استنزاف

وتمكنت قوات تيغراي من الصمود بل وجهت ضربات قوية للجيش الإثيوبي الذي يدرك جيدا أن إطالة زمن المعركة سيدخله في استنزاف سيكون له تداعيات كارثية وقد بدأت بالفعل ملامحه ظاهرة للعيان، ولا شك أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي يدرك أن الحرب الأهلية في إثيوبيا إن امتدت وتوسعت، ستزعزع استقرار القرن الأفريقي، وكافة أقاليم إثيوبيا، فإثيوبيا أصلا على صفيح ساخن، وتعاني من مشكلات كبيرة سياسيا واقتصاديا، وإذا لم يستطع الجيش الإثيوبي حسم المعركة سريعا، فإن النزعة الانفصالية ستدلع لا محالة في أقاليم أخرى.

المعارك ازدادت وتيرتها رغم إعلان الحكومة الاتحادية الإثيوبية، أنها أقامت “إدارة انتقالية” في أجزاء من ولاية تيغراي بشمال البلاد بعد أن سيطرت عليها قوات الحكومة الإثيوبية الاتحادية، إلا أن المعارك مستمرة بل ودخل الجيش الإثيوبي لمستنقع لن يستطيع الخروج منه.

صعوبة حسم المعركة

تشرذم إثيوبيا مرهون بمدة الصراع، فغالبية سكان إقليم تيجراي من المسيحيين ومعهم أقلية من المسلمين، والتيجراي لطالما هيمنوا على السلطة في إثيوبيا وهم الآن يشعرون بالتهميش بعد وصول آبي أحمد علي (المسيحي البروتستانتي) المنحدر من قومية الأوروموا ذات الغالبية المسلمة.

وبسبب هيمنة إقليم تيجراي على السلطة لسنوات طويلة، يصل عدد عناصر جيش الإقليم المسمى “جبهة تحرير شعب تيجراي” إلى ربع مليون جندي، كذلك فإن الإقليم يقع ضمن المرتفعات الإثيوبية وهي منطقة وعرة من الجبال تمتد في إثيوبيا وإريتريا، ولذا من الصعب على الجيش الاتحادي الانتصار لشراسة أهل تيجراي.

الإقليم كذلك يمتلك فضائيات وكما أسلفنا قوات مسلحة متمرسة في القتال، وقد قصفت جبهة تحرير تغراي حتى إرتريا، حيث اتهمت نظام أسياسي أفورقي بالهجوم على أراضي الإقليم تزامنا مع هجوم الجيش الإثيوبي، وقد أقال آبي أحمد العشرات من القادة العسكريين التيجراي في الجيش والاستخبارات واعتمد في حربه على الطيران إلا أن ذلك لن يفلح مع المناطق الجبلية الوعرة.

جذور الصراع

و”جبهة تحرير شعب تيجراي”، أكبر حركة سياسية في الولاية، وتنظر لها الحكومة الإثيوبية على أنها فاسدة، غير قادرة على قبول خسارتها للسلطة في 2018 على خلفية موجة الاحتجاجات الضخمة.

إقليم تيجراي كذلك هيمن على السياسة الإثيوبية منذ إطاحة الشعب الإثيوبي بالديكتاتور الماركسي هايلي ماريام عام 1991، لكن وصول آبي أحمد للسلطة وهو من قومية الأورومو أدى لاشتعال الغضب بين مكونات إقليم التيجراي، حيث انسحبت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي من الائتلاف الحاكم (الائتلاف مكون من أحزاب “أمهرا الديمقراطي”، “الحركة الديمقراطية لشعوب جنوب إثيوبيا” وحزب “الأورومو الديمقراطي”.) في أديس أبابا العام الماضي، بل وقامت بإجراء انتخابات إقليمية في سبتمبر الماضي، وصفتها الحكومة بأنها غير قانونية.

آبي أحمد علي وحكومته اعتقلوا عددًا كبيرًا من كبار المسؤولين التيجراي كما أقالوا وهمشوا المئات أُقيلوا بحجة الحملة على الفساد، وهو ما اعتبره سكان الإقليم حملة ممنهجة لتهميشهم وقمعهم، ولا يشكل سكان تيجراي سوى خمسة بالمئة من عدد سكان إثيوبيا البالغ 109 ملايين نسمة، لكن الإقليم أشد ثراء، وتأثيرا من أقاليم أخرى كثيرة أكبر في البلاد.

ربما يعجبك أيضا