«ذاكرة ناطقة» عن الاغتراب.. «مليحة أفنان» التشكيلية الفلسطينية التي رسمت بالحرف والرقم

أماني ربيع

رؤية

القاهرة – يحتفل اليوم محرك البحث العالمي “جوجل”، اليوم الإثنين، بالرسامة الفلسطينية مليحة أفنان (1935 – 2016) حيث نشر صورتها على صفحته الرئيسية.

مليحة أفنان

لكن من هي الفنانة القديرة التي تعد من أبرز فناني الشرق الأوسط في القرن العشرين؟

ولدت الفنانة الفلسطينية ميلحة أفنان عام 1935، في مدينة حيفا المحتلّة حيث تم تهجيرها مع عائلتها بعد النكبة لتستقرّ في بيروت، ودرست هناك في “كلية الآداب بـالجامعة الأمريكية” قبل أن تسافر إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، وتنال درجة الماجستير في الفنون الجميلة من “مدرسة كوركوران للفنون والتصميم”.

في عام 1971، أقامت مليحة معرضها الفرديّ الأول في مدينة بازل السويسرية، وجاء تنظيمه بتوصية من الفنان الأمريكي مارك توبي (1890 – 1976) الذي سجّل تقديره لتجربتها الفنية التي بدأت منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي.

مليحة 2

تنقّلت أفنان بين أكثر من مدينة، حيث عاشت في الكويت بين عامي 1963 و1966، ثم عادت إلى بيروت لتقيم فيها حتى سنة 1974، ومنها إلى باريس التي احتضنت الجزء الأكبر من مشوارها، فشاركت في العديد من المعارض الفنية، لتهاجر منها عام 1997 إلى لندن التي بقيت فيها حتى رحيلها.

لجأت أفنان إلى ألوان قاتمة في العادة تتقارب مع الألواح الطينية المحروقة، وهي تصف تكوين أعمالها بالقول: “الحرف في جوهره تجريد، وبالتالي لا أحيله إلى تجريد، إنه تجريد، ولكنني لم أكن مهتمة أبداً بالمعنى الحرفي للنص”.

رحلة طويلة مع الكتابة بوصفها عنصراً بصرياً قضتها الفنانة الفلسطينية التي تروي في مقابلات سابقة أنها في طفولتها، قبل أن تتقن القراءة والكتابة، كانت تملأ صفحات دفاترها بكتابات مبتكرة دون أن تفضي إلى معنى، واستمرت في مسارها مع تطوّر مخيلتها وأدواتها الفنية، حيث لم يغادر الحرف والرقم معظم أعمالها.

تذهب في أعمالها التي نفّذتها بالحبر ومواد مختلطة على الورق أو في تلك التي نفّتها بالباستيل الزيتي إلى تقديم حروف تبدو كأنها جزء من خط مسماري فوق تراب بلون أحمر مائل إلى البني المحروق، كما تظهر تقادم الزمن كثيمة أساسية تتكرّر لديها في لوحات أخرى حيث يبدو حاضراً على الدوام فيما يغيب المكان بوصفه جغرافيا محدّدة واضحة الملامح، مع تدرّجات لونية متعددة، لكنها تحيل جميعها على العزلة والحيرة والاغتراب عموماً.

مليحة 1

وفي التسعينيات، تمكّنت الفنانة الراحلة من تطويع الحرف العربي واللاتيني ودمجه في لوحاتها.

كتَب الناقد البريطاني جون بيرجر نصاً بعنوان “جسد اللغة” تناول فيه لوحة مليحة فنان، يدوّن فيه “هذه الأعمال، المصنوعة باليد، تهمس. تهمس بحميمية. هذه الأعمال تستحضر لغة الأم، جميع للغات الأم العالمية، بما فيها لغة (الفنانة) ولغتي. كل لغة أم تختلف عن الأخرى بطريقة كتابتها، ولكن أجسادها واحدة. ذلك أن القواميس تخلو من لغات الأم”.

“ذاكرة ناطقة” عنوان معرضها الأخير في “صالة روز عيسى” بالعاصمة البريطانية، الذي ضمّ سبعة وعشرين عملاً فنياً تمثّل مراحل مختلفة من تجربتها، واستعارت عنوانه من أحد أعمال الروائي الروسي فلاديمير نابوكوف، وعكس مناخاتها في التجريب من خلال بحثها البصري الطويل في الخط العربي واللاتيني، واستخدامها تقنيات ومواد متعدّدة، ضمن لوحتها التجريدية.

وتوفيت الفنانة القديرة في 6 يناير 2016 ، عن عمر ناهز 80 عاما.

وتتواجد بعض أعمالها في متحف المتروبوليتان للفنون في نيويورك، والمتحف البريطاني في لندن وضمن مجموعة الفن المكتوب في ألمانيا وفي معهد العالم العربي في باريس ومجموعة بنك BAII في باريس.

ربما يعجبك أيضا