أزمة سد النهضة | تحركات دبلوماسية «مصرية سودانية» لمواجهة تعنت إثيوبيا.. وأديس أبابا تبدأ الملء الثاني

إبراهيم جابر
أزمة سد النهضة الأثيوبي

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – تبذل وزارتا الخارجية في مصر والسودان جهودا كبيرة، لجمع تأييد دولي قبيل عقد جلسة مجلس الأمن بالأمم المتحدة، الخميس المقبل؛ حول أزمة سد النهضة الإثيوبي، إذ عقد مسؤولو الوزارتين اجتماعات عدة، لإعادة التأكيد على موقفيهما بشأن الأزمة، والقائم على ضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد يراعي مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوقهما ومصالحهما المائية.

في الوقت ذاته، أعلنت وزارة الري المصرية، تلقي وزير الري محمد عبد العاطي، خطابًا رسميًا من نظيره الإثيوبي يفيد ببدء إثيوبيا في الملء للعام الثاني لخزان سد النهضة الإثيوبي، مشيرة إلى أن عبد العاطي، وجّه خطابًا رسميًا إلى وزير الري الإثيوبي لإخطاره برفض مصر القاطع لهذا الإجراء الأحادي الذي يعد خرقًا صريحًا وخطيرًا لاتفاق إعلان المبادئ.

“اجتماعات مستمرة”

وزير الخارجية المصري، سامح شكري؛ توجه إلى مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، أمس الأحد؛ للتحضير للجلسة المقرر عقدها لمجلس الأمن بالأمم المتحدة، الخميس المقبل؛ لتناول قضية سد النهضة الإثيوبي، والتي تعقد بناءً على طلب مصر والسودان بعد فشل المفاوضات مع إثيوبيا.

شكري، استهل نشاطه، بإجراء اتصال مع نظيره الفيتنامي، اليوم الإثنين؛ بحسب بيان عبر صفحة وزارة الخارجية بـ”فيس بوك”، لاستعراض الموقف المصري الثابت من قضية سد النهضة معرباً عن تطلع مصر إلى تفهم فيتنام، العضو الحالي بالمجلس، لهذه الشواغل باعتبارها أيضاً دولة مصب.

وأكد شكري خلال لقاء مع نظيرته السودانية مريم الصادق المهدي، وجود تنسيق مشترك بين البلدين في إطار الإعداد لجلسة مجلس الأمن حول سد النهضة.

“تحالف عربي”

والتقى وزير الخارجية المصري، باللجنة العربية المعنية بمتابعة تطورات ملف ‫سد النهضة والتنسيق مع مجلس الأمن حيالها، والمكونة من ‫الأردن و‫السعودية والعراق والمغرب والجامعة العربية، لتنسيق المواقف ومناقشة التطورات المتعلقة بالأزمة، تمهيدا للجلسة التي سيعقدها مجلس الأمن.

وأكد شكري، اليوم أيضا، خلال لقاء مع السفير طارق الأدب المندوب التونسي الدائم لدى الأمم المتحدة، حرص مصر على التنسيق الوثيق مع جمهورية تونس الشقيقة في الملف في ضوء العلاقات الثنائية الممتازة التي تجمع البلدين الشقيقين، وأخذاً بعين الاعتبار كون تونس العضو العربي الحالي بمجلس الأمن، مثمنا الدعم الكبير الذي تقدمه تونس للموقف المصري في الملف.

والتقى الوزير أيضا، مجموعة الدول الأفريقية بمجلس الأمن “النيجر وكينيا وتونس”، لشرح الموقف المصري تجاه قضية ‫سد النهضة.

“موقف السودان”

الخارجية السودانية، عقدت هي الأخرى عدة اجتماعات لجمع تأييد دولي لموقفها بشأن أزمة سد النهضة، بدأت بعقد وكيل وزارة الخارجية السفير محمد شريف، لقاء أمس الأحد؛ بمجموعة السفراء الأفارقة المعتمدين لدى السودان، عرض خلاله موقف السودان الثابت من سد النهضة، والقائم على ضرورة الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم لجميع الأطراف فيما يتعلق بملء وتشغيل السد.

وأكد شريف التزام السودان بالمفاوضات تحت رئاسة الاتحاد الأفريقي مع تعزيز دور المراقبين من المجتمع الدولي، موضحا أن طلب السودان بعقد جلسة طارئة في مجلس الأمن الدولي يهدف إلى تعزيز دور المجتمع الدولي لحث الأطراف الثلاثة للوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف في إطار زمني لا يتجاوز الستة أشهر، آخذين بالاعتبار ما تم التوافق عليه مسبقا.

في الوقت نفسه، التقت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، أمس؛ ممثلي دول الترويكا “الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والنرويج”، وهم: “دونالد بوث مبعوث الولايات المتحدة الأمريكية، وبوب فيرويذر مبعوث المملكة المتحدة، وإندري ستيانسن مبعوث النرويج”.

وشرحت الوزيرة بحسب بيان عبر صفحة وزارة الخارجية، موقف السودان من سد النهضة ومطالبته بعقد جلسة طارئة في مجلس الأمن الدولي.. في الوقت نفسه توجهت الصادق إلى نيويورك، اليوم الإثنين؛ للمشاركة في  جلسة مجلس الأمن الدولي، والمقرر عقدها الخميس المقبل.

“خيارات السودان”

قال وزير الري السوداني ياسر عباس خلال مؤتمر صحفي اليوم الإثنين، إن الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي قاب قوسين، مشددا على أن الخرطوم لديها خيارات عديدة ستعلن عنها لاحقا، منوها بأن بلاده أجرت سلسلة اتصالات قبيل جلسة مجلس الأمن بشأن سد النهضة، متوقعا أن يأخذ مجلس الأمن بالاعتبار مطالب السودان.

وقال الناطق باسم وفد التفاوض السوداني: “ذهبنا لمجلس الأمن من أجل إلزام إثيوبيا وتعزيز المفاوضات”، مردفا: “استوفينا كل المفاوضات ولم نعترض على سد النهضة واستفادت إثيوبيا من الموارد المائية بشرط التوصل لاتفاق ملزم، والخرطوم توجهت لمجلس الأمن للضغط على إثيوبيا لتوقيع اتفاق ملزم”.

وأوضح الوزير أنه يجب على مجلس الأمن أن يضع ملف سد النهضة تحت المراقبة ويصدر تقارير دورية كل 6 أشهر، منوها بأن مطالب السودان تتمثل في: “عقد جلسة في مجلس الأمن، ودعوة إثيوبيا لعدم القيام بخطوات أحادية، وتعزيز دور اللجنة الرباعية بتحويلهم إلى وسطاء بدل مراقبين، ودعوة هذه اللجنة للعب دور في التفاوض”.

وأكدت اللجنة العليا السودانية لسد النهضة، أن الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي أصبح أمراً واقعاً، مشددة على أهمية استمرار الإجراءات الاحترازية لتقليل الآثار السلبية للملء الثاني، حسبما أفادت وكالة الأنباء السودانية (سونا).

وأطلعت اللجنة خلال اجتماعها اليوم الإثنين، على استعدادات السودان بشأن جلسة مجلس الأمن المخصصة للنظر في قضية سد النهضة والمزمع عقدها الخميس القادم، داعية إلى تكثيف الاتصالات مع الدول المعنية وفي مقدمتها تونس، كينيا، النيجر بالإضافة إلى فرنسا التي ترأس جلسات مجلس الأمن خلال يوليو.

“تعنت إثيوبيا”

وفي ضوء التحركات المصرية والسودانية، أعلنت وزارة الري المصرية، تلقي وزير الري محمد عبد العاطي، تلقى خطابًا رسميًا من نظيره الإثيوبي يفيد ببدء إثيوبيا في الملء للعام الثاني لخزان سد النهضة الإثيوبي، مشيرة إلى أن عبد العاطي، وجّه خطابًا رسميًا إلى الوزير الإثيوبي لإخطاره برفض مصر القاطع لهذا الإجراء الآحادي الذي يعد خرقًا صريحًا وخطيرًا لاتفاق إعلان المبادئ.

وأكد وزير الري المصري، في بيان رسمي؛ اليوم الإثنين؛ أن القرار يعد انتهاكًا للقوانين والأعراف الدولية التي تحكم المشروعات المقامة على الأحواض المشتركة للأنهار الدولية، بما فيها نهر النيل الذي تنظم استغلال موارده اتفاقيات ومواثيق تلزم إثيوبيا باحترام حقوق مصر ومصالحها المائية وتمنع الإضرار بها.

وأرسلت وزارة الخارجية كذلك الخطاب الموجّه من الدكتور وزير الموارد المائية والري إلى الوزير الإثيوبي، إلى رئيس مجلس الأمن بالأمم المتحدة لإحاطة المجلس – والذي سيعقد جلسة حول قضية سد النهضة يوم الخميس 8 يوليو 2021 – بهذا التطور الخطير والذي يكشف مجددًا سوء نية إثيوبيا وإصرارها على اتخاذ إجراءات أحادية لفرض الأمر الواقع وملء وتشغيل سد النهضة دون اتفاق يراعي مصالح الدول الثلاث ويحد من أضرار هذا السد على دولتي المصب، وهو الأمر الذي سيزيد من حالة التأزم والتوتر في المنطقة، وسيؤدي إلى خلق وضع يهدد الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي.

ربما يعجبك أيضا