هل يتصاعد خطر داعش في روسيا؟

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

على رغم الجهود الأمنية المتواصلة لجهاز الأمن الروسي، لمحاصرة التنظيمات الإرهابية بشكل عام، بما في ذلك منطقة شمال القوقاز، لا يزال خطر التهديدات الإرهابية حاضرا بقوة. 

وكان جهاز الأمن الفيدرالي الروسي أعلن أمس الإثنين، عن إحباط سلسلة من الهجمات الإرهابية، في العاصمة موسكو ومدينة أستراخان وجمهورية قباردينو بلقاريا، أعدها عناصر من تنظيم داعش، وتُعتبر هذه المناطق الخاصرة الأمنية الرخوة بالنسبة لروسيا في مواجهة التنظيمات المتطرفة..

 ويأتي ذلك، بعد سلسلة من العمليات المماثلة التي تم إحباطها خلال الفترات الماضية، والتي تُظهر مدى خطورة التهديدات الأمنية التي تواجهها روسيا جراء تواجد العناصر المنتمية لتنظيم داعش.

وتشير التقارير إلى خطر العائدين إلى روسيا من سوريا والعراق بعد هزيمة تنظيم داعش هناك، وسعيهم لبناء قواعد جديدة، لا سيما أن المقاتلين الروس كانوا يشكلون النسبة الأكبر ضمن قائمة المقاتلين الأجانب داخل التنظيم الإرهابي.

محاولات متكررة

أثار إعلان جهاز الأمن الروسي إحباط عدد من الهجمات التي كان داعش بصدد تنفيذها تساؤلات بشأن دوافع استهداف التنظيم للبلاد وتركزها في مناطق بعينها.

خلال العام الجاري 2021 تمكن الأمن الروسي من إحباط عدد من العمليات، ففي ديسمبر الماضي، أعلن الأمن الفيدرالي الروسي، إحباط هجمات منسقة في جمهورية داغسان القوقازية التابعة لروسيا، مشدداً على أن المخططين كانوا يستهدفون شن هجمات منسقة على مراكز وزارة الداخلية والبنوك والمدارس والمراكز الثقافية،

وفي فبراير ألقي القبض على 19 متشدداً للاشتباه في التخطيط لهجمات بشمال القوقاز.

وفي مارس الماضي، أعلنت السلطات الروسية عن القبض على 14 شخصاً كانوا يستعدون لارتكاب عمليات إرهابية في البلاد، وفي أبريل قتل داعشياً خطط لمداهمة مجمع للوقود.

في أواخر أبريل الماضي، اعتقلت القوات الروسية  “إسلامبيك إجايف”، بتهمة دعم تنظيم داعش بمبلغ 34 مليون روبل (حوالى نصف مليون دولار)، وكان “أسلامبيك” يُدير مؤسسة “أمة” للإعلام والناشر، الأوسع انتشاراً في أوساط المسلمين في روسيا.

وبحسب التحقيقات كان”إسلامبيك إجايف” ينفذ خطة دعائية لصالح التنظيم منذ عام 2012، وأنه عقد اجتماعات سرية مع نظرائه الآخرين من العديد من مناطق البلاد، منهم من ارتكبوا جرائم إرهابية أو ساهموا فيها، وأدت التحقيقات اللاحقة إلى كشف شبكات من عمل التنظيم في مختلف مناطق روسيا.

وأشار الأمن الروسي إلى أن كمية الأسلحة التي تم العثور عليها في مدينة غروزني عاصمة جمهورية الشيشان فيما بعد، وبعد إلقاء القبض على المجموعة، كانت الأكبر التي يتم اكتشافها منذ سنوات طويلة.

وفي مايو، أعلن جهاز الأمن الفيدرالي إحباط عمل إرهابي في مدينة (نوريلسك) أثناء احتفالات أعياد النصر،  وفي الثالث من يوليو الجاري، أعلنت اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب في روسيا، عن القضاء على خمسة إرهابيين في عاصمة جمهورية قباردينو بلقاريا، في شمال القوقاز بجنوب البلاد.

وبعد تلك الحوادث المتزامة التي يُكشف عنها كل عدة أشهر تقريباً في روسيا، يعتبر مراقبي المشهد الروسي الأجهزة الأمنية الروسية تتجهز كل فترة لمواجهة موجة جديدة من الهجمات.

وعملت الجمهوريات القوقازية الثلاث الشيشيان أنغوشيا وداغستان، ذات الأغلبية السكانية المُسلمة والمُرتبطة مع روسيا عبر اتحاد فيدرالي، على تشكيل مركزاً للأعمال التي يسعى تنظيم داعش الإرهابي لتنفيذها، إذ ينشر دعايته المتطرفة بين الأوساط الأقل تعليماً والأكثر هامشية من جاليات تلك الجمهوريات السوفيتية السابقة.

تقول تاتيانا ساباتشيه الباحثة والكاتبة الروسية المختصة بشؤون الإرهاب: “يستفيد تنظيم داعش الإرهابي من ثلاثة عوامل متراكمة في تلك المنطقة، إذ ثمة وضع سياسي خاص لتلك الجمهوريات، تتعامل معها السلطات الإدارية والأمنية المركزية بحساسية بالغة”.

وأضافت ساباتشيه: “ن الظروف الاقتصادية هي الأقل بمثابة محرض ودافع تحفيزي، لأن التنظيم يستخدم مجموعة ضخمة من الأموال لإغراء أفقر الطبقات في تلك المناطق، فوق الأمرين فأن التنظيم يغذي الصراع الديني بين المسلمين والمسيحيين في البلاد، ويعمل بشكل منتظم للاصطياد في تلك الثنائية”.

دوافع التطيم

يقول مراقبون روس، إن تنظيم “داعش” يشعر بنوع “النقمة” تجاه روسيا، شيء شبيه بما كانت تشعر به التنظيمات المتطرفة اتجاه الولايات المتحدة في تسعينات القرن المنصرم.

وأشاروا إلى أن عناصر التنظيم يعتقدون بأن روسيا كانت الفاعل الأكبر في القضاء على التنظيم في أكثر من منطقة من العالم، خاصة في سوريا، وأن بقاء روسيا بشن هجمات جوية على بقايا وخلايا التنظيم في المناطق الصحراوية من سوريا يزيد من مستويات تلك النقمة، وتحاول دوماً أخذ نوع من الثأر، وبالذات داخل روسيا.

وتشير التقديرات التي اعتبرت أن نسبة المقاتلين من حملة الجنسية الروسية في التنظيم الإرهابي كانوا الأكبر على الإطلاق، آي بنسبة تصل إلى ثلث المقاتلين الأجانب في صفوف داعش.

وأكد الباحث الروسي في مركز جامعة فولغا، أندريه سمالايج، إمكانية نجاح موسكو في مواجهة داعش، مشيرا إلى أن الأجهزة الأمنية الروسية تعرف بأن الأساس ليس في السيطرة  أو القضاء عدد كبير من المتطرفين الحاليين من مواطني روسيا، لكن فقط بضبط ومراقبة الدعاية الدائمة التي تُرسل لمواطني روسيا لجذبهم وتجنيدهم إلى خلايا التنظيم، وهو أمر أصبح أكثر صعوبة خلال السنوات الماضية، بسبب انفجار أشكال الدعاية والتواصل خلال السنوات الماضية”.

ربما يعجبك أيضا