الترحيل القسري من ألمانيا.. ارتداد سياسات الهجرة واللجوء

جاسم محمد

رؤية – جاسم محمد

أثار قرار وزارة الداخلية الألمانية بانتهاء حظر الترحيل القسري إلى سوريا، الكثير من المخاوف لدى اللاجئين والمهاجرين، خاصة إلى سوريا وأفغانستان ودول أخرى ما زالت مصنفة بانها دول غير آمنة. وقالت وزارة الداخلية الألمانية مطلع شهر يوليو 2021 إن الحظر المفروض على ترحيل السوريين لن يتم تمديده وهذا ما يمكن اعتباره انتهاك للقانون الدولي وحماية اللاجئين .

 انتهى الحظر المفروض على ترحيل المواطنين السوريين   في 31 ديسمبر 2020  الذين يُعتقد أنهم يشكلون خطراً على الأمن في ألمانيا من وجهة نظر الاستخبارات الألمانية. إعادة الأشخاص قسراً إلى سوريا  أثار الكثير من الجدل داخل ألمانيا، على مستوى الطبقة السياسية والشارع : تشير التقارير إلى أن عمليات الاحتجاز والاختفاء والتعذيب في سوريا  لا تزال موجودة.

تاتي هذه التطورات،بعد أن فشل وزراء داخلية حكومات الولايات الألمانية في الاتفاق على شروط التمديد على الترحيل إلى سوريا من ألمانيا في 31 ديسمبر 2020.

 وكان الحظر ساري المفعول منذ عام 2012 وتم تمديده مرارًا وتكرارًا بسبب استمرار النزاعات  في الشرق الأوسط . لكن في السنوات الأخيرة ، دفع عدد من الهجمات من قبل عناصر إسلاموية متطرفة، إلى الخروج لدعم إدخال تغييرات على الحظر المفروض على الترحيل. وفي الآونة الأخيرة ، قُتل رجل في هجوم بسكين في مدينة درسدن الشرقية وتوفي في 4 أكتوبر 2020. والمشتبه به في هذه القضية هو مواطن سوري ومعروف بميوله المتطرفة.

يذكر بانه يعيش أكثر من 250000 شخص في ألمانيا بدون وضع قانوني وفقا لتقرير الدوتش فيللة في10 يناير 2021، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى عدم إمكانية تحديد جنسيتهم. تدفع الحكومة الألمانية لسفارات أجنبية لاستجوابهم لاحتمال ترحيلهم.  

إن منح صفة “منع الترحيل المؤقت” لبعض طالبي اللجوء في ألمانيا يعني وضعهم في “فئة ثالثة” هذا ما قاله سياسي من حزب الخضر. السياسي الألماني طالب بإلغاء هذه الصفة بسبب إشكالية قانونية قد تسببها هذه الصفة للاجئين! يحصل بعض طالبي اللجوء في ألمانيا على صفة “منع ترحيل مؤقت”، وهذه الصفة غالبا ما تنطبق على أشخاص هويتهم غير معروفة ومطالبين بمغادرة ألمانيا، ولكن يعرقل ترحيلهم بسبب عدم توفر معلومات صحيحة عن أصلهم أو فقدان هذه المعلومات. 

في تصريح لصحيفة “نوي أوسنابروغ” طالب فيليز بولات المتحدث باسم سياسة الهجرة عن حزب الخضر يوم 07 أبريل 2021 بإلغاء صفة “منع ترحيل مؤقت” عن هؤلاء الحاصلين عليها. وأضاف بولات بالقول “بهذه الصفة وضعت الحكومة الفيدرالية بعض اللاجئين ضمن الفئة الثالثة”.

عراقيل الترحيل

أكد مسؤول ألماني مطلع شهر يناير 2021 أنه على الرغم من إنهاء مسألة حظر الترحيل إلى سوريا لمن تثبت خطورته على أمن ألمانيا، فإنه ما تزال هناك عقبات وعراقيل أمام أي ترحيل مفترض، ويجب استيفاء العديد من الشروط أولاً لتنفيذ هذا القرار. وقال الرئيس الجديد لمؤتمر وزراء داخلية الولايات الألمانية، توماس شتروبل، إنه “سيكون هناك مكسب أمني كبير للولاية وألمانيا برمتها، إذا تم ترحيل بعض الأفراد الخطيرين أمنياً إلى سوريا”، مشيراً إلى أن “هناك 89 سورياً إسلاموياً، مصنفين على أنهم خطيرون أمنياً في ألمانيا، ولا تستبعد سلطان الأمن الألمانية ارتكابهم جرائم جسيمة ذات دوافع سياسية”.

وأوضح شتروبل، أنه يمكن ترحيل نحو عشرة من الجناة أو الخطيرين أمنياً إلى سوريا إذا أصدرت الهيئة الاتحادية لشؤون الهجرة واللاجئين قراراً بإلغاء حظر الترحيل عنهم.

ولكن رغم، ذلك العراقيل القانونية للترحيل إلى سوريا ما زالت كبيرة، وفقا للمادة 33 من اتفاقية جنيف للاجئين، لا يُرحل إلا الأشخاص الذين يعتبرون “خطرا على أمن البلد” أو “يشكلون خطرا على مجتمع ذلك البلد”. وسابقا قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، قبل 30 عاما، بأن الدول المُرحلة يجب أن تضمن ألا يواجه المُرحَّلون خطرا على الحياة في البلد المستهدف.

منظمات أممية معارضة للترحيل تقول : “لا نعتقد أن الظروف مناسبة (للعودة القسرية إلى أفغانستان) في هذا الوقت . وقالت منظمة مساعدة ودعم المهاجرين الأفغان ، “أماسو ” ، إنها تلقت “عدة إحالات من الأفغان الذين يحتاجون إلى المشورة والدعم بعد الترحيل إلى أفغانستان.

وصرح هانز جورج إنجيلكي وزير الدولة بوزارة الداخلية  بأن “الحظر العام على عمليات الترحيل (إلى سوريا) انتهى نهاية العام الماضي 2020، وقال”أولئك الذين يرتكبون ويلحقون الضرر الجسيم بألمانيا سيتعين عليهم  المغادرة “. تم اتخاذ القرار ، الذي أثار انتقادات شديدة من قبل جماعات حقوق الإنسان ، في مؤتمر عبر الهاتف بين وزير الداخلية الفيدرالي هورست سيهوفر ، دعا منذ فترة طويلة إلى إنهاء حظر الترحيل ، ونظرائه البالغ عددهم 16 على مستوى الولاية. 

النتائج

ـ على الرغم من أن ألمانيا أغلقت سفارتها في دمشق في عام 2012 ، إلا انه لم تقطع علاقاتها تمامًا مع سوريا ، كما قال ستيفان تالمون، أستاذ القانون في معهد القانون الدولي بجامعة بون، لـ DW. وأشار تلمون إلى أنه لا تزال هناك سفارة سورية في برلين وهناك اتصالات واضحة على المستوى الإداري. وهذا يعني أن الحكومة الألمانية تستثمر علاقاتها غير المعلنة مع سوريا من أجل الترحيل القسري، وهو مخالف للعلاقات الدبلوماسية.

ـ لا يزال الوضع في سوريا مقلقا، ووفقا لآخر تقرير أمني للأمم المتحدة عن سوريا، “يستمر قتل السوريين ويعانون من صعوبات شديدة وخطيرة وانتهاكات الحقوق”. وكشفت المنظمات الدولية مثل منظمة العفو الدولية، أن العديد من اللاجئين السوريين الذين يعودون إلى وطنهم قسرا أو طوعا، يتعرضون للاعتقال والاستجواب والسجن.

ـ إن عمليات الترحيل القسري ما زالت تثير الجدل ، فهناك من يعتقد إن أفغانستان تشكل خطورة كبيرة على إعادة طالبي اللجوء إليها.  يذكر انه غادرت ألمانيا  رحلة مطلع يناير 2021  من مطار دوسلدورف. 

ـ من المرجح أن تستمر ألمانيا اكثر في سياسة الترحيل القسري، وبضمنها سوريا ودول أخرى غير آمنة، وهذا ريما يعود إلى أسباب سياسية، تحديدا، هناك مخاوف من قبل الأحزاب التقليدية في ألمانيا خاصة الحزب الاشتراكي والاتحاد المسيحي، من أن تفقد أصواتها لصاح الأحزاب الأخرى التي ترفض الهجرة واللجوء أبرزها – حزب البديل من أجل ألمانيا.

وهذا يمثل ارتدادا سلبيا في سياسات ألمانيا تجاه الهجرة واللجوء، ممكن أن يشهد تفاعلا أكثر خلال السنوات القادمة.

ـ ما ينبغي العمل عليه، أن يكون هناك فصل بين من وصل إلى ألمانيا لغرض الحصول على الحماية، وبين العناصر الخطرة والمتطرفة التي ارتبطت بالجماعات المتطرفة، على مستوى تنظيمي أو أيديولوجيا.

ربما يعجبك أيضا