«تيك توك»و «كواي» .. قنابل موقوتة تهدد الجيل القادم!

كتبت – علياء عصام الدين

لا يفارق خيالي ما قاله لي ابني وهو في الـ12 من عمره حول كيفية جني المال بسهولة بمجرد نشر فيديو يحوي حركات جوفاء أو وصفة لصناعة كيكة أو نكتة “سخيفة” عبر تطبيق تيك توك أو كواي أو غيره من تطبيقات الفيديو المنشرة الآن، وكيف ترسخ في عقليته الغضة في هذا السن المبكر أن “الموضوع سهل” والشهرة يمكن بلوغها والمال يمكن تحصيله من محتوى فارغ لاقيمة له ولا جدوى فلماذا التعب ولماذا ندرس ونتعلم يا “ماما” لنحصل في نهاية المطاف على “ملاليم” .

كلام الصغير كان بمثابة الصفعة على وجهي فكيف وصل به الحال لمثل هذا الاستنتاج الكارثي ففكرة طرق النجاح السريع التي رسختها هذه التطبيقات أحد أكثر الأفكار خطورة على الإطلاق، قنبلة موقوتة في كل منزل جسدتها تطبيقات الفيديو التي اكتسبت شعبية هائلة خلال فترة زمنية قصيرة، تلك التي اقتحمت بيوتنا العربية مستهدفة الجيل القادم.

وعلى الرغم من أن هذه التطبيقات أمثال “تيك توك” وكواي” وغيرها ليست شرًا في حد ذاتها بيد أن الكثير من أولادنا يسيئون استخدامها على نحو خطير.

تعد هذه التطبيقات مصدرًا أساسيًا لإضاعة الوقت وتبديده وزيادة العزلة الاجتماعية وجعل الأطفال منهمكين لوقت طويل في تصفح الفيديوهات غير ذات الجدوى والتي يبثها أشخاص مختلفين عنا في العادات والتقاليد كما أنها غير خاضعة لأي نوع من أنواع الرقابة المعرفية أو الأخلاقية

توغلت هذه التطبيقات كالسرطانات لتغرس في عقول أبنائنا أفكارًا غريبة عنهم لا تتناسب مع أعمارهم.

ولست وحدي من يشتكي من هذه الكارثة التي حلت علينا، فكثير من أولياء الأمور على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يشتكون من “التصاق” أولادهم بتطبيقات الفيديو هذه لساعات طويلة، الأمر الذي خرج عن سيطرة الأسرة في التحكم أو المراقبة المستمرة للطفل أثناء تصفحه هذه الفيديوهات التي توغلت كالسرطانات لتغرس في عقول أبنائنا أفكارًا غريبة عنهم لا تتناسب مع أعمارهم.

فالتطبيق الذي يستخدم أدوات سهلة وبسيطة يستطيع أي طفل تجربتها قد تمكن من السيطرة على عقول أولادنا خلال فترة قصيرة لاسيما وأنه يعتمد في الأساس على عرض المحتوى بشكل تسلسلي واحدًا تلو الآخر، فيُعرض أطفالنا لانتهاك الخصوصية خاصة مع عدم وجود رقابة على كثير من المحتويات التي تحوي ألفاظًا خادشة للحياء ومشاهد منافية لآداب المجتمع وأخلاقياته.

ولعلنا لا ننسى قصة تيك توك وحنين حسام ومودة الأدهم حيث قاد التطبيق الفتيات من عالم الشهرة إلى أبواب السجن فالإغراءات التي يقدمها التطبيق بالحصول على مبالغ مالية عند زيادة المعجبين وعدد اللايكات دفعت كثيرا من الشباب والشابات إلى اللجوء لتصرفات غير أخلاقية بغية إرضاء الجمهور والمتابعين والحصول على المال وفتحت الباب على مصراعيه لوسيلة جديدة تضاف إلى سلسلة مصادر التحرش.

وتُعلم هذه التطبيقات الأطفال الأنانية والنرجسية فمعظم المهووسين بمثل هذه التطبيقات معجبون بأنفسهم ينشرون محتوى فارغ يعزز روح الأنانية ويفقد الأطفال الطموح والتركيز ويؤثر على صحتهم البدنية والعصبية، كما أن انتشار المهرجانات بشكل كبير في مثل هذه التطبيقات يؤدي إلى انحدار الذوق الفني وطمس الهوية.

وقد تُعرض هذه التطبيقات أولادنا للابتزاز والتنمر فنحن لا نعرف مع من يتعاطون وما الذي يمكن أن يطلب منهم.

وتحتوي تطبيقات الفيديو هذه أيضًا على كوارث فنجد فيديوهات غير مناسبة إطلاقًا قد تدفع الأطفال لتقليدها كالرقص أمام السيارات في الشارع أو القيام بأعمال خطيرة باستخدام أدوات حادة أو القفز من أماكن مرتفعة وكل هذه الأفعال قد تدفع الطفل إلى إيذاء نفسه في ضوء عدم معرفته بخطوره ما يراه  وما يعرض عليه وغياب رقابة الأهل.

ووسط صخب الفيديوهات يسقط بعض الأطفال والشباب في حفرة الإحباط والاكتئاب وقد تدفعهم للانتحار في بعض الأحيان، فعندما يفشلون في تحقيق رغباتهم يتولد عندهم أحساس بالتوتر والضغط والاكتئاب والرغبة في العزلة، فهم لا يستطيعون تحصيل مثل هذه الشهرة التي يرونها “سهلة المنال” أمام أعينهم ويحصدها كثيرين بسبب ما ينشرونه من “تفاهات” قدموها دون أدنى تعب أو جهد مبذول، فيتولد لدى أطفالنا رغبة في التوجه لكل ما هو تافه وجالب للمال فيكفرون بمبادئ الجهد والعمل والعطاء في مقابل الكسب السريع والشهرة الكاذبة والتكاسل والتخاذل.

إن لعنة التطبيقات والإشعارات السارقة للأذهان تجاوزتنا نحن الكبار لتمتد إلى من هم أقل حيلة وخبرة الأمر الذي يستوجب الوقوف على مخاطر هذه التطبيقات النفسية والاجتماعية وتشديد الرقابة على أطفالنا أو حذف هذه التطبيقات نهائيًا إذا تطلب منا الأمر أن نحافظ على صحة أولادنا النفسية وعلى حياتهم ومستقبلهم.

ربما يعجبك أيضا

1