على طاولة مجموعة العشرين.. ضريبة الشركات الكبرى تأتي في المقدمة

ولاء عدلان

 كتبت – ولاء عدلان

يجتمع وزراء مالية مجموعة العشرين برئاسة إيطاليا، خلال هذه الساعات في مدينة البندقية، وجها لوجه لأول مرة منذ اجتماعهم في فبراير 2020 بالرياض، ويشارك في جلسات الاجتماع “عن بُعد” ومن مقار عملهم كل من وزيرة الخزانة الأمريكية والأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة المركزي الأوروبي وأيضا المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كما تشارك الهند والصين افتراضيا، نظرا لقيود كورونا، ويتصدر جدول أعمال القمة إصلاح النظام الضريبي الخاص بالشركات متعددة الجنسيات، إلى جانب قضايا التوزيع العادل للقاحات كورونا ودعم التعافي الاقتصادي والتغير المناخي.. لكن بحسب تقارير صادرة عن مجموعات عمل منبثقة عن “G20” ومسودة بيان تم نشرها سيكون التركيز الأكبر على ضريبة الشركات الكبرى.

ضوء أخضر سياسي لضريبة الشركات

مطلع الشهر الجاري اتفقت 130 دولة على فرض ضريبة عالمية على الشركات بحد أدنى يبلغ 15% من أرباح هذه الشركات، في خطوة وصفت بالتاريخية، وقال أمين عام منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ماتياس كورمان – في بيان صدر في الأول من يوليو- بعد سنوات من العمل والمفاوضات المكثفة سيضمن هذا الاتفاق أن تدفع الشركات متعددة الجنسيات حصتها العادلة من الضرائب أينما تواجدت في العالم.

وبحسب تصريحات لوزير المالية الفرنسي، اليوم السبت، ينتظر أن تعطي دول مجموعة العشرين –التي تمثل نحو 85% من الناتج العالمي- في نهاية اجتماعها بالبندقية الضوء الأخضر لهذا الاتفاق.

وقال برونو لو مير -لوكالة “فرانس برس”- هذا الحد الأدنى من الضرائب على الشركات يجب أن يكون طموحا وأن يضع حدا للسباق إلى أدنى ضريبة الذي تحول إلى مأزق منذ سنوات، مؤكدا أن دول المجموعة تسعى إلى فرض ضرائب بطريقة عادلة تحديدا على الشركات الرقمية العملاقة التي تتهرب بشكل كبير من الضرائب، بحسب تعبيره.

وأكدت مسودة البيان الختامي، أن وزراء المجموعة سيقرون الاتفاق وسيدعون إلى الشروع في اتخاذ خطوات جدية وصولا إلى اتفاق نهائي يناقش في اجتماع المجموعة المقبل في أكتوبر.

أهداف ضريبة الشركات الكبرى

هذا الإصلاح الضريبي يستهدف الشركات متعددة الجنسيات التي يتجاوز حجم مبيعاتها 750 مليون يورو سنويا وشركات التكنولوجيا العملاقة أمثال جوجل وآبل، ويرمي إلى ضمان توزيع عادل بين الدول لحقوق فرض الضرائب على أرباح هذه الشركات بغض النظر على مقرها الضريبي، وأيضا إلى الحد من المنافسة الراهنة بين الدول لتخفيض الضرائب من أجل جذب استثمارات أجنبية أكبر.

بحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فرض ضريبة بـ 15% على هذه الشركات قد يسمح بإيرادات إضافية تبلغ 150 مليار دولار سنويا، ما سيدعم بالطبع خطط التعافي الاقتصادي.

وبينما تسعى أمريكا وفرنسا وألمانيا إلى رفع هذا الحد إلى أكثر من 15%، ترفض دول مثل المجر وإستونيا ونيجيريا وكينيا الاتفاق برمته، إذ تفرض ضرائب متدنية على الشركات الكبرى بهدف استقطابها للعمل على أراضيها.   

وفي تصريحات لها اليوم السبت، على هامش مشاركتها في اجتماع البندقية، أشارت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين إلى أنه “ليس من الضروري أن تشارك كل البلاد في الاتفاق الضريبي”، مضيفة: هذا الاتفاق “جيد بالنسبة لنا جميعا”، وسنعمل على معالجة مخاوف بعض الرافضين له، مؤكدة أنه لا يوجد فائز حقيقي فيما يمكن وصفه بـ”سباق الدول لخفض الضرائب”.

وعبرت عن تفاؤلها بشأن دعم الكونجرس للاتفاق وتحديدا للجزء الخاص بالحد الأدنى للضريبة.

مساعدة الدول الفقيرة

إلى جانب ملف ضريبة الشركات، يناقش وزراء المجموعة قضية التعافي الاقتصادي والتفاوت الراهن بين الدول الغنية والنامية في القدرة على مواجهة تداعيات جائحة كورونا، وبحسب مسودة بيان نشرتها “فرانس برس”، اليوم، ستدعم المجموعة مبادرة صندوق النقد لزيادة المساعدات للدول الأضعف بشكل إصدار جديد لحقوق السحب الخاصة بـ650 مليار دولار، وستطالب بتنفيذ ذلك بحلول نهاية أغسطس.

يشار إلى أن المجموعة قامت خلال العام الماضي بتعليق تسديد الفائدة على ديون أفقر دول العالم وفي أبريل 2021 مددت العمل بالقرار إلى نهاية العام الجاري.

بالأمس دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش المجموعة إلى المساهمة في وضع خطة تطعيم عالمية لمضاعفة إنتاج لقاحات كورونا وضمان توزيعها العادل من خلال مبادرة كوفاكس.

كما دعت نغوزي أوكونجو-ايويلا المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، دول المجموعة إلى بذل المزيد من الجهود للتبرع باللقاحات ودعم صناعتها وتوزيعها.

ويرجح أن تعلن المجموعة عن تمويل جديد لبرامج التطعيم والوقاية؛ إذ أوصى تقرير للجنة المستقلة العليا -التي أنشأتها المجموعة في يناير 2021 بهدف إيجاد حلول لتمويل مكافحة أي جوائح جديدة- دول المجموعة بالالتزام جماعيا بزيادة تمويل برامج الوقاية والجاهزية بما لا يقل عن 75 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة.

“التغير المناخي” حاضر على الطاولة

خلال مشاركتها في الاجتماع أوضحت وزيرة الخزانة الأمريكية، أن دول “العشرين” مسؤولة عن 80% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وقالت من مسؤوليتنا التحرك الآن عبر اتخاذ إجراءات فورية من أجل إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي.

فيما عبر الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه حيال عدم إحراز تقدم في التمويل العام المتعلق بالمناخ ودعا مرة أخرى مجموعة العشرين إلى تعبئة 100 مليار دولار سنويا من أجل الدول النامية، على النحو المتفق عليه في عام 2009.

فمنذ ذلك التاريخ لم تف الدول الغنية بوعودها فيما يتعلق بتقديم 100 مليار دولار سنويا لتمويل التحولات المناخية في الدول الفقيرة التي لا تستطيع دفع فاتورة هذا النوع من التحولات الكبرى.  

ومن المرجح أن تكون تعهدات مجموعة العشرين فيما يتعلق بالتغير المناخي، مطاطية كالعادة، فالاستغناء عن الطاقة التقليدية نظير تشجيع الطاقة النظيفة تتشابك فيه عوامل سياسية واقتصادية تجعل المهمة صعبة في كثير من الأحيان، فعلى سبيل المثال مجموعة العشرين مطالبة بممارسة ضغط كافي على الصين للتخلي عن خططها لبناء المزيد من محطات الطاقة الفحمية وتقليل استهلاكها من الفحم وهو أمر غير وارد على المدى القصير والمتوسط.

عندما تأسست مجموعة العشرين نهاية 1999 كان الهدف الأساسي لها هو تعزيز الاستقرار الاقتصادي والمالي عالميا وزيادة القدرة على الاستجابة للأزمات العالمية، الآن المجموعة تواجه اختبارا حقيقيا سواء في ظل ما تفرضه أزمة كورونا من تحديات أو معضلة التغير المناخي التي تهدد مستقبل العالم، وفي حين أوصت بأن يضاعف العالم استثماراته لتجنب جائحة مماثلة لكوفيد-19 ممكن أن تحدث خلال 10 سنوات مقبلة، ينتظر أن يصدر عنها اليوم بيانا يضع جدولا زمنيا لدخول ضريبة الشركات الكبرى حيز التنفيذ قبل نهاية 2023 وأن يتعهد بمساعدات أكبر للدول الفقيرة في حربها غير المتكافئة ضد كورونا، كما يفترض أن تقوم بخطوات أوسع على طريق معالجة مشكلات المناخ.

ربما يعجبك أيضا