مصر تدخل عصر «الهيدروجين الأخضر والأزرق»

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

تتجه مصر بقوة نحو ملف إنتاج الطاقة المتجددة والنظيفة وتسعى لتوطينها وتنوع مصادرها، من بينها ما يعرف بـ«الهيدروجين الأخضر»، وهو عبارة عن وقود خالٍ من الكربون، مصدر إنتاجه هو الماء، ويتم فصل جزيئات الهيدروجين عن جزيئات الأكسجين بالماء بواسطة كهرباء مُولّدة من مصادر طاقة متجددة.

ويتميز الهيدروجين الأخضر، في قدرته على حماية البيئة ومكافحة الاحتباس الحراري لاعتماده على إزالة الكربون وتقليص نسبته في الهواء، وفي ظل اهتمام وزارة الكهرباء المصرية بتنويع مصادر الطاقة ضمن استراتيجية 2035 يأتي مشروع إنتاج الهيدروجين لمزيد من الاعتماد على الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء الذي يساهم في خفض أسعار بيع الكهرباء.

استراتيجية وطنية لإنتاج الهيدروجين الأخضر

في غضون ذلك، اجتمع الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم السبت، مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة.

تناول الاجتماع “استعراض عدد من مشروعات وزارة الكهرباء خاصة في قطاعات الطاقة الجديدة والمُتجددة والربط الكهربائي مع دول الجوار، بالإضافة إلى مركز التحكم الرئيسي في الشبكة القومية للكهرباء بالعاصمة الإدارية الجديدة”.

واستعرض الدكتور محمد شاكر مُستجدات مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية بمد خطوط الكهرباء وإنشاء عدد من محطات التحويل الكهربائي في الجانبين، وذلك بهدف تبادل الطاقة الكهربائية بين شبكتي الكهرباء الوطنية في البلدين لتحقيق الاستفادة الاقتصادية المتبادلة بينهما على مدار العام وفقا لاحتياجات كل جانب.

كما تم عرض الموقف التنفيذي فيما يخص استكمال أعمال البنية التحتية الخاصة بخطوط الكهرباء الهوائية بمشروع إنشاء محور التعمير بالساحل الشمالي، وتعديل مسار بعض الخطوط وإزالة تلك التي تتعارض مع المحور، وقد وجه السيد الرئيس بحوكمة الجدول الزمني المخصص لتنفيذ التعديلات المطلوبة أخذاً في الاعتبار الامتداد الإضافي لمحور التعمير في اتجاه الغرب لاستيعاب حركة المواطنين الكثيفة عليه باعتباره محور ربط رئيسي ما بين مدينة الإسكندرية وقرى ومدن الساحل الشمالي.

وأضاف المتحدث الرسمي أن وزير الكهرباء استعرض كذلك المشروعات القومية في قطاع إنتاج الكهرباء من الطاقة الجديدة والمتجددة خاصة التي تعتمد على طاقة الرياح والطاقة الشمسية بالتعاون مع شركات القطاع الخاص والشراكة مع الخبرة الأجنبية، وذلك في إطار استراتيجية مصر للطاقة المتكاملة والمستدامة التي تهدف للوصول إلى نسبة 42% للطاقة المتجددة من مزيج الطاقة الكهربائية في مصر بحلول عام 2035. وفي هذا الإطار؛ وجه السيد الرئيس بالاستمرار في الخطط الوطنية الخاصة بتعزيز مكون الطاقة المتجددة وتعظيم قيمتها وذلك لتنويع مصادر إمدادات الطاقة التي تعتمد عليها عملية التنمية في مصر.

بدوره، قال الدكتور أيمن حمزة المتحدث باسم وزارة الكهرباء، إن الهيدروجين الأخضر هو طاقة المستقبل، ومصر لديها خطط واعدة بنسبة مشاركة الطاقات المتجددة، وصلت 20% هذا العام، وتخطط أن تصل إلى نسبة 42% في 2035.

ولفت حمزة -في مداخلة هاتفية على التلفزيون المصري، اليوم السبت- إلى توقيع عدد من الاتفاقيات مع بعض الشركات لكيفية تعظيم الاستفادة من الهيدروجين الأخضر، مشيرا إلى أن الدول الأوروبية مهتمة جدًا بالحصول عليه.  

وأشار حمزة إلى أن ذلك وفق توجيهات الرئيس بأن تكون مصر محور اهتمام لتبادل الطاقة، خاصة بعد التطوير الكبير الذي تم في هذا القطاع الحيوي، فضلًا عن التطوير الذي تم في شبكات الكهرباء التي تستخدم للربط بين مصر وبعض الدول، وهناك خطوط طاقة مع الأردن وليبيا والسودان، وهناك دراسات لزيادة قدرة هذه الخطوط، مشيرا إلى وجود مشروع للربط بين مصر والمملكة العربية السعودية لتبادل الطاقة الكهربائية بما يعود بالنفع على الجانبين.

بروتكول تعاون مع شركة «إيني الإيطالية»

قبل يومين، شهد المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية والدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة بحضور اليساندرو بوليتي الرئيس التنفيذي لأنشطة الموارد الطبيعية بشركة إيني الإيطالية، التوقيع على مذكرة تفاهم  بين الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس» والشركة القابضة لكهرباء مصر وشركة إيني الإيطالية للتعاون في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق وتقييم الجدوى الفنية والتجارية لمشروعات إنتاجه المستهدفة في مصر.

بمقتضى البروتوكول سيتم التعاون من خلال إجراء دراسة حول المشروعات المشتركة لإنتاج الهيدروجين الأخضر باستخدام الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة، وكذلك إنتاج الهيدروجين الأزرق من خلال تخزين ثاني أكسيد الكربون في حقول الغاز الطبيعي المتقادمة، وتشمل الدراسة أيضًا التعرف على استهلاك السوق المحلي المحتمل للهيدروجين وفرص التصدير المتاحة، وكذلك تقييم الخطط والأعمال اللازمة لتنفيذ المشروعات المطروحة.

يأتي ذلك في إطار توجه الدولة المصرية لدخول هذا المجال بقوة من خلال مشروعات جديدة وفق استراتيجيتها الهادفة لتنويع مصادر إنتاج الطاقة والاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية وإتاحة مصادر طاقة نظيفة متعددة.

إنتاج الهيدروجين الأخضر

توطين الهيدروجين

جاءت أولى خطوات مصر نحو توطين صناعة الهيدروجين؛ حينما شهد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في مارس الماضي، مراسم توقيع اتفاقية بين وزارات الكهرباء والبترول والقوات البحرية مع شركة «ديمي» البلجيكية للبدء في الدراسات الخاصة بمشروع إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر.

وسبق ذلك التوقيع على اتفاق نوايا مع شركة سيمنز الألمانية، خلال يناير الماضي، للبدء في مناقشات ودراسات لتنفيذ مشروع تجريبي لإنتاج الهيدروجين الأخضر بمصر.

كما سبق أن اجتمع الرئيس المصري مع الرؤساء التنفيذيين لشركات «ديمي» لأعمال التكريك وميناء «أنتويرب» و«فلوكسي» لبحث الاستثمار في إنتاج الهيدروجين الأخضر.

وفي أواخر شهر مايو السابق من العام الحالي 2021، وافق رئيس الوزراء على السير في إجراءات توقيع مذكرة تفاهم مع شركة “تيسين كروب” الألمانية، لتنفيذ مشروع إنشاء مصنع للأمونيا الخضراء لتصدير الهيدروجين الأخضر لألمانيا، كما أكد الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة، المتجددة أن مصر تمتلك مقومات كبيرة، تؤهلها لتكون مركزا لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر.

وخلال مشاركة المهندس طارق الملا، وزير البترول، كمتحدث رئيسي في فعاليات المنتدى الأول «إطلاق صناعات الهيدروجين في إفريقيا» عبر تقنية الفيديو كونفرانس، في التاسع من يونيو 2021، معلنا تواصل قطاع البترول مع الدول والشركات العالمية ذات الخبرات الفنية الكبيرة في هذا المجال لاستكشاف فرص التعاون.

الإمكانيات التي تمتلكها مصر لإنجاح هذا الملف كبيرة، فحسب ما أكد وزير البترول، فمصر لديها سوق محلي واسع وصناعات تمثل مستهلكين محتملين للهيدروجين، بالإضافة إلى تمتعها بوجود الموانئ على البحرين المتوسط والأحمر، في إطار السعي للوفاء بمتطلبات السوق المحلي والعالمي، كما أن لديها خبرات في التكنولوجيات المستخدمة في إنتاج الهيدروجين، إضافة إلى خبرة فنية في تخزينه.

ربما يعجبك أيضا