«أرجنتين الليو» يُعانق المجد.. ظفر بكوبا أمريكا وكسر نحس راقصي التانجو

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

بلوحة فنية، وفوز ثمين للغاية، أسدل المنتخب الأرجنتيني لكرة القدم، فجر اليوم الأحد، الستار على آخر مشاهد بطولة “كوبا أمريكا” بعد أن لقن نظيره البرازيلي درسًا قاسيًا لينتزع اللقب الغائب عن جدرانه طويلًا، بهدف ناري قضى على طموح راقصي السامبا في الظفر باللقب.

اللقب الغالي، بمذاقه الخاص لم يكسر النحس الذي لازم المنتخب الأرجنتيني لسنوات وسنوات فقط، بل أنصف النجم ليونيل ميسي ملك اللعبة الأكثر جماهيرية، ليعانق المجد الكروي دوليًا، وكأن كرة القدم أرادت أن تُزين مشوار التألق والتميز الذي طالما متعنا به “البرغوث”، بلقب دولي يضاف إلى مشواره التاريخي والمتفرد.

انتزاع اللقب من قلب «الماراكانا»

3 12

في نهائي بطولة “كوبا أمريكا” الذي أقيم فجر اليوم على ملعب “الماراكانا” بريو دي جانيرو في البرازيل، لم يكن أمام المنتخب الأرجنتيني سوى سيناريو واحد، ألا وهو الفوز من أجل كسر النحس الذي طارده طيلة السنوات الماضية، منذ عام 1993، وقد كان.

النهائي الشاق الذي انتهى بهدف دون رد لصالح راقصي التانجو، بدأ بحذر مُتبادل من كلا المنتخبين، دون أي خطورة حقيقية تُذكر، وانحصر اللعب في وسط الملعب، طوال الـ20 دقيقة الأولى.

وفي الدقيقة 21 من عمر الشوط الأول، سجل أنخيل دي ماريا الهدف الأول في المباراة، حيث تلقى تمريرة من دي باول واستغل تقدم إيدرسون ليسدد أعلاه ووضع الكرة في الشباك.

وفي الدقيقة 31، انطلق ليونيل ميسي قائد المنتخب الأرجنتيني، وراوغ دفاع منتخب البرازيل، وسدد كرة أرضية مرت بجانب القائم الأيمن، بعدها أرسل إيفرتون تصويبة على حدود منطقة الجزاء لكن مارتينيز تصدى لها بسهولة في الدقيقة 42، ثم انتهى الشوط الأول بتقدم راقصي التانجو (1-0).

ومع بداية الشوط الثاني، سجل ريتشارلسون هدف التعادل للبرازيل في الدقيقة 52، لكن حكم المباراة ألغاه بداعي التسلل على مهاجم السيلساو، بعدها تألق إيمليانو مارتينيز حارس مرمى الأرجنتين، في التصدي لتسديدة قوية من ريتشارلسون داخل المنطقة في الدقيقة 54، ليحرمه من التعادل للسيلساو.

وسقط ميسي في منطقة الجزاء في الدقيقة 64 مطالبًا بركلة جزاء، إثر تدخل دفاع البرازيل ضده، لكن حكم المباراة أشار لاستكمال اللعب، كما طالب لاعبو البرازيل باحتساب ركلة جزاء في الدقيقة 78، إثر سقوط جابرييل باربوسا بعد التحام مع رودريجيز، لكن حكم المباراة لم يُشير لأي خطأ.

وكاد باربوسا أن يسجل هدف التعادل للبرازيل في الدقيقة 82، بتسديدة داخل المنطقة، لولا تدخل دفاع الأرجنتين الذي حول الكرة للركنية، وواصل باربوسا محاولاته بتسديدة أخرى داخل المنطقة، تصدى لها أيضًا مارتينيز حارس الأرجنتين في الدقيقة 87، وحولها إلى ضربة ركنية.

وأضاع ميسي فرصة قتل المباراة في الدقيقة 88، حيث تلقى تمريرة حريرية داخل المنطقة لينفرد بالحارس إيدرسون لكنه برعونة فشل في التسديد، ومن ثم مرت الدقائق الأخيرة وسط هجوم برازيلي ودفاع أرجنتيني محكم، لينتهي اللقاء بفوز راقصي التانجو.

الأرجنتين يُعادل سجل الأوروجواي

2 10

بعد الظفر باللقب، تمكن المنتخب الأرجنتيني من معادلة السجل التاريخي للمنتخب الأورجواياني، الذي يُعد أكثر من توج بلقب كوبا أمريكا عبر التاريخ.

إذ رفع منتخب التانجو رصيده إلى 15 لقبًا في بطولة كوبا أمريكا، ليعادل بذلك المنتخب الأوروجواياني، ويصبح كلا المنتخبين الأكثر تتويجًا باللقب، أما البرازيل فتوقف رصيدها من الألقاب عند 9.

دي ماريا.. بطل اللحظات الصعبة

توج المنتخب الأرجنتيني باللقب القاري بفضل هدف المخضرم أنخيل دي ماريا دون شك، حيث أصبح بعد هذا الهدف هو بطل اللحظات الصعبة مع كتيبه التانجو منذ سنوات عديدة.

وقاد دي ماريا الأرجنتين في عدة مناسبات بنجاح، بدأها عندما واجه منتخب نيجيريا عام 2008، في نهائي دورة الألعاب الأولمبية في بكين.

إذ سجل دي ماريا حينها، هدف الأرجنتين الوحيد، بعد هجمة مرتدة عقب تمريرة سحرية من ليونيل ميسي، وضعت الجناح الشاب في ذلك الوقت بمواجهة الحارس النيجيري أمبروز فانزيكين، ليسددها “لوب” بلمسة رائعة من فوق رأس الحارس في الدقيقة 58 من زمن المباراة، لتسكن الشباك وتمنح التانجو اللقب.

وفي مباراة اليوم، عاد دي ماريا مجددًا ليعلن سيطرته، إذ سجل هدفًا بنفس الطريقة ضد البرازيل، بعد تمريرة سحرية من رودريجو دي بول، فشل الظهير الأيسر رينان لودي في إبعادها، لينفرد الجناح الأرجنتيني بالحارس إيدرسون، ويضعها “لوب” من جديد فوق رأس الحارس إيدرسون لتسكن الشباك البرازيلية، ليصبح دي ماريا هو شفرة النجاح لكتيبة التانجو.

بعد عناء.. الألقاب الدولية تبتسم لـ«الليو»

1 12

ابتسمت أولى الألقاب الدولية، للنجم ميسي، أخيرًا وعانق الذهب لأول مرة في تاريخه مع التانجو، وذلك بعد أربع محاولات حزينة سابقة، حيث خسر البرغوث أربع نهائيات سابقة مع منتخب بلاده في (نهائي كأس العالم 2014 – نهائي كوبا أمريكا نسخ 2007 و2015 و2016).

ميسي البالغ الآن الـ34 من عمره، كان يُمني النفس بهذه البطولة، لأن فكرة تواجده بالنسخة المقبلة من كوبا أمريكا قد تبدو مستبعدة كونها ستكون في 2024، أي بعد ثلاثة أعوام سيكون بلغ فيها سن الـ37، لذا اعتبارها الكثيرين الفرصة الأخيرة لليو لرفع الكأس القارية وتحقيق لقب دولي رفقه منتخب بلاده.

على نطاق، آخر تشبث ميسي بهذه البطولة تحديدًا، لأن مغامرة مشاركته مع الأرجنتين في المونديال المقبل قد لا تعود عليه بالنفع، فالأمر لن يكون سهلاً للتانجو بحضور عمالقة أوروبا، ولكن فكرة الفوز بمباراة أخيرة في ملعب خاوي من البرازيليين كانت بالفعل أكثر واقعية، ليتحقق الحلم أخيرًا ويصبح حقيقة.

جوائز وألقاب

4 5

في أعقاب المباراة، نال بعض اللاعبين على عدة جوائز، جاءت على رأسها جائزتي النجم ليونيل ميسي -بعد أن فرض نفسه نجمًا للبطولة مع 4 أهداف و5 تمريرات حاسمة- وهما: أفضل لاعب في البطولة، وهداف النسخة الحالية من البطولة.

ومن جانبه، نال آنخيل دي ماريا جائزة أفضل لاعب في المباراة النهائية، بينما فاز زميله إيمليانو مارتينيز بجائزة “القفاز الذهبي” كأفضل حارس مرمى في البطولة.

وعلى صعيد مكافآت منتخبي الأرجنتين والبرازيل، بطل ووصيف البطولة، كشفت صحيفة “آس” الإسبانية، أن إجمالي الجوائز المالية للبطولة، يقدر بـ19.5 مليون دولار.

وأشارت الصحيفة إلى إنه يتم توزيع مكافآت البطولة على المنتخبات التي نجحت في الوصول إلى مراحل خروج المغلوب، أي من دور الثمانية.

وبالطبع كانت مكافآت لاعبي الأرجنتين والبرازيل هي الأكبر بصفتهما البطل والوصيف، إذ تم توزيع مكافآت البطولة على النحو التالي:

  • البطل منتخب الأرجنتين: 6.5 مليون دولار ما يوازي “101 مليون و813 ألف جنيه”.
  • الوصيف منتخب البرازيل: 3.5 مليون دولار ما يوازي “54 مليون و822 ألف جنيه”.

وينال صاحب المركز الثالث كولومبيا 3 ملايين دولار، والمركز الرابع بيرو سيحصل 2.5 مليون دولار، أما المنتخبات التي ودعت كوبا أمريكا من الدور ربع النهائي تحصل على 1.5 مليون دولار.

حقائق وأرقام

نسخة البطولة القارية هذا العام، اختتمت فعاليتها بعدة حقائق وأرقام، كان أهمها:

  • معادلة الأرجنتين لرقم أوروجواي القياسي كأكثر منتخب تتويجًا بلقب كوبا أمريكا برصيد 15 لقبًا، خلفهم البرازيل بـ9 بطولات فقط.
  • تلقى المنتخب البرازيلي خسارته الأولى منذ نوفمبر 2019، والهزيمتين على يد الأرجنتين.
  • البرازيل خسرت في مباراة رسمية على ملعب الماراكانا لأول مرة منذ عام 1950، بعدما حققت 22 فوزًا و6 تعادلات في 28 مباراة.
  • الأرجنتين فازت على البرازيل في مباراة نهائية لأول مرة منذ عام 1937 في نهائي كوبا أمريكا أيضًا، كما إنها حققت أول فوز على البرازيل في مباراة رسمية منذ عام 2005.
  • البرازيل خسرت لقب كوبا أمريكا على أرضها لأول مرة، بعدما استضافت البطولة في 5 نسخ سابقة وتوجت بها جميعًا.
  • توج الثنائي ليونيل ميسي وسيرجيو أجويرو معًا بلقب كأس العالم للشباب عام 2005، ثم الميدالية الذهبية في أولمبياد بكين 2008، وأخيرًا كاس كوبا أمريكا 2021.
  • منتخب الأرجنتين سجل ضد البرازيل على أرضهم في كوبا أمريكا بعد 3 مباريات متتالية دون أن يفعل ذلك، وآخر هدف يسكن شباك البرازيل على ملعبهم في البطولة كان في عام 1979، وخسر التانجو بهدفين مقابل هدف في تلك النسخة.

لقطات لا تُنسى

بمشاهد ولقطات ستدون بالطبع في تاريخ كتيبة التانجو، غمرت السعادة جميع اللاعبين إثر رفع الكأس الغالية.

وشهدت مراسم التتويج احتفال لاعبي الفريق بقائدهم ليونيل ميسي، قبل الصعود لمنصات التتويج، حيث كانت البداية بالركض تجاهه بمجرد نهاية المباراة، احتفالًا معه بالانتصار.

ولم يكتف نجوم الأرجنتين بذلك، بل حملوا قائدهم على الأعناق وقاموا برفعه عاليًا، لتهنئته على اللقب الذي طال انتظاره منذ بداية مسيرته الدولية.

في المقابل، لم يتمالك النجم البرازيلي نيمار دا سيلفا نفسه، بعد ضياع اللقب، وانهار باكيًا بعد إطلاق الحكم صافرة نهاية اللقاء.

وواصل نيمار البكاء في أحضان مدرب الأرجنتين، ليونيل سكالوني، كما حرص لياندرو باريديس زميله في باريس سان جيرمان، على مواساته.

ولم ينس نيمار وسط أحزانه أن يهنئ صديقه الأرجنتيني، ميسي، وأخذ الثنائي في الحديث سويًا في مشهد أوضح حجم العلاقة القوية بين اللاعبين.

كذلك لم ينسى ميسي مشاركة هذه اللحظات السعيدة والمؤثرة للغاية مع عائلته، إذ رصدت عدسات الكاميرات لقطة له وهو يتحدث بحرارة مع زوجته عبر الهاتف فور انتهاء المباراة والظفر باللقب.

ربما يعجبك أيضا