العلاقات السعودية العمانية.. شراكة مرتقبة وتنمية مستقبلية

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

استقبل ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، ظهر اليوم الأحد، في مطار خليج نيوم، السلطان العماني هيثم بن طارق، وذلك فور وصوله للمملكة، وللعلاقات المشتركة بين البلدين تاريخ طويل منذ الدولة السعودية الأولى وحتى وقتنا الحاضر، حيث تأسست تلك العلاقات على روابط الدين والقومية والجوار، إلى جانب المواقف السياسية والاقتصادية المتبادلة بين القيادتين، إضافة إلى أن هاتين الدولتين من مؤسسي مجلس التعاون الخليجي في عام 1981م.

يعكس اختيار سلطان عمان زيارة المملكة كأول محطة له منذ تسلمه مقاليد الحكم حرصه على توطيد العلاقات السعودية العمانية ، حيث ينظر المراقبون إلى زيارة سلطان عمان هيثم بن طارق للمملكة اليوم (الأحد) ، كونها تكتسب أهمية قصوى من خلال عدة محاور إستراتيجية ؛ تتضمن إطار المحور الثنائي لبناء شراكة إستراتيجية في جميع المجالات والارتقاء بهذه العلاقة لإيصالها لمرحلة التحالف الجيو-استراتيجي، خصوصا أنه سيتم التوقيع على حزمة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي ستعطي دفعة قوية للمضي إلى الأمام.

تعزيز العلاقات الاقتصادية

يعمل البلدان الشقيقان على تعزيز العلاقات الاقتصادية بينهما، والتعاون المشترك في مجال التجارة والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة، بما يخدم توجهات البلدين لتحقيق رؤية «المملكة 2030» ورؤية «عمان 2040»، وما تتضمنه الرؤيتان من مستهدفات ومبادرات للتنوع الاقتصادي.

كما يتطلع البلدان أن يسهم تأسيس مجلس التنسيق السعودي- العماني في وضع رؤية مشتركة لتعميق واستدامة العلاقات بينهما، ورفعها إلى مستوى التكامل في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية، وكذلك في مجالات الاقتصاد والتنمية البشرية، بما يخدم أهداف البلدين، ويحقق آمال وتطلعات القيادتين والشعبين الشقيقين.

وتعمل المملكة وسلطنة عمان على استكمال مشروع المنفذ البري الذي يربط بين البلدين، ومن المتوقع أن يسهم المنفذ بعد افتتاحه في زيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، كما أن هذا المنفذ سيفتح المجال أمام حركة البضائع من المملكة مروراً بالطرق البرية في السلطنة، وصولاً إلى موانئها التي ستسهل تصدير البضائع السعودية للعالم.

وفي جانب آخر، فإن مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي أعلن عنها الأمير محمد بن سلمان تعتبر مجالاً واعداً للتعاون بين المملكة وعمان في مكافحة التغير المناخي.

تطور في جميع المجالات

توقع اتحاد الغرف السعودية، أن تؤدي زيارة سلطان عُمان، للسعودية، لمرحلة جديدة من العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

نوه رئيس اتحاد الغرف السعودية، عجلان بن عبدالعزيز العجلان، بما تشهده العلاقات السعودية العمانية من تطور مستمر في جميع المجالات.

وأكد عجلان، حسب وكالة أنباء السعودية، أن زيارة السلطان هيثم بن طارق، للسعودية، تعبّر عن قوة الإرادة السياسية في تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين، والوصول بها إلى مستويات متقدمة من الشراكة الاستراتيجية على الصُّعُد كافة، خاصة الاقتصادية.

وتابع: حيث تتضمنان فرصا ومشاريع ضخمة، يمكن استغلالها لتصبح السعودية، الشريك التجاري الأول لعمان في المنطقة، بما ينعكس بشكل إيجابي على الوضع الاقتصادي للبلدين، وقطاعي الأعمال السعودي والعماني والاستثمارات المشتركة وفرص العمل.

ودعا في هذا السياق إلى بذل مزيد من الجهود، والعمل على تذليل المعوقات والتحديات التجارية والاستثمارية، بما يسهم في رفع حجم التبادل التجاري الذي لا يزال دون مستوى الطموحات، وأقل من حجم الفرص المتاحة، حيث لم يتجاوز 10 مليارات ريال عام 2020.

وقال العجلان: إن اتحاد الغرف السعودية سيدعم بقوة جهود تنمية العلاقات الاقتصادية السعودية العمانية بالتنسيق مع الجهات الحكومية والخاصة في البلدين عبر تشجيع الصادرات، وتبادل السلع والخدمات، وإقامة المشاريع الاستثمارية والتجارية المشتركة.

واستعرض أهم مجالات التعاون بين البلدين المتمثلة في قطاع الصناعة، وخاصة صناعة البتروكيماويات، والكيماويات المتخصصة التحويلية، والأعلاف، والصناعات الغذائية، والسياحة، والترفيه، والفنادق، والقطاع العقاري واللوجستي، وقطاع المصائد والزراعة السمكية، وقطاع التعدين والنقل البحري.

ولفت النظر إلى الدور المهم الذي يضطلع به مجلس الأعمال السعودي العماني الذي تأسس في عام 2005 في تنمية العلاقات التجارية، وتعزيز الشراكات بين أصحاب الأعمال في كلا البلدين.

التبادل التجاري

الملك سلمان والسلطان هيثم
الملك سلمان والسلطان هيثم

يقول وزير التجارة  السعودي الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي، عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان في المجالات كافة وخاصة المجال التجاري الذي يشهد تطورًا ملحوظًا نتيجة لرؤية البلدين الطموحة، وحجم التبادل التجاري المتنامي.

وأوضح القصبي في تصريح نقلتها وكالة الأنباء السعودية “واس” علي هامش زيارة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان للمملكة أن الزيارات المشتركة لكبار المسئولين تعبّر عن الرغبة الجادة لتكريس الجهود وبناء شراكات إستراتيجية قوية في مختلف المجالات لخدمة البلدين والشعبين الشقيقين، والارتقاء بحجم التبادل التجاري بين البلدين الذي بلغ أكثر من 58.6 مليار ريال خلال السنوات الست الماضية (2020/ 2015).

وأبان أن قيادتي البلدين حريصتان على تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية وتعزيز التعاون المشترك من خلال مجلس الأعمال السعودي العماني الذي سيسهم في ترجمة الفرص التجارية والاستثمارية إلى شراكات ملموسة, بوصفه قناة تواصل فعالة بين رجال الأعمال لتعزيز الشراكة والتعرف على الفرص الاستثمارية والاستفادة منها.

يذكر أن حجم الاستثمارات العمانية المرخصة في المملكة بلغ أكثر من 318 مليون ريال، وتأتي المملكة في المرتبة السابعة ضمن الدول المصدرة إلى عمان، في حين تأتي عمان في المرتبة التاسعة عشرة ضمن الدول المصدرة إلى المملكة.

وبلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين المملكة وسلطنة عمان في العام 2020 نحو 3.36 مليار دولار، تشمل الحديد والصلب ومنتجات كيميائية عضوية، فيما بلغت قيمة الصادرات السعودية غير النفطية إلى سلطنة عمان 1.16 مليار دولار، تشمل منتجات معدنية ومصنوعات من الحديد أو الصلب والأغذية.

تحديد المجالات

كان سفير سلطنة عمان في المملكة السيد فيصل بن تركي آل سعيد قد أوضح في لقاء بين غرفة تجارة وصناعة عمان واتحاد الغرف السعودي تم مؤخراً بأنه من المهم جداً تحديد مجالات الحراك الاقتصادي بين البلدين.. مشيراً إلى أنه من المتوقع أن «نشهد في القريب العاجل توقيع العديد من الاتفاقيات التجارية بين البلدين والكثير من هذه الاتفاقيات التي تهم القطاع الخاص».

ونوه السفير إلى أهمية وجود إطار واضح لدور مؤسسات القطاع الخاص في الاتفاقيات التجارية، إضافة إلى تشكيل فرق قطاعية في الزراعة والتجارة والصناعة لبلورة أهداف المجلس على أرض الواقع واستثمار تقارب وجهات النظر بين البلدين لتفعيل البرامج المطروحة.

وشهدت مؤخراً تحركات سعودية – عمانية لتعزيز الاستثمارات السعودية في سلطنة عمان حيث طرح وفد عماني يضم عدداً من الجهات الحكومية والخاصة نحو 150 فرصة استثمارية في عمان تقدر قيمتها بـ 15 مليار ريال سعودي في قطاعات التطوير العقاري والصناعة والسياحة والثروة السمكية والطاقة المتجددة والبتروكيماويات وذلك خلال لقاء جمع أعضاء مجلس الأعمال السعودي – العماني وعدد من أصحاب الأعمال.

وأكدت وكيلة وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في سلطنة عمان أصيلة بنت سالم الصمصامية خلال اللقاء أهمية تكامل الجهود بين الرؤية السعودية 2030 والعمانية 2040م، مشيرة إلى وجود الكثير من التقاطعات بينهما في التوجهات بما في ذلك التنويع الاقتصادي وسعي بلادها لدعم الاقتصاد عبر تكوين شركات وكيانات اقتصادية مشتركة وقوية داعية إلى تشكيل فرق عمل تشمل كافة القطاعات الواعدة التي أبرزها القطاع السياحي والنقل البحري والصناعات التحويلية.

ربما يعجبك أيضا