محاصيل الفضاء.. التوجه نحو تحقيق الأمن الغذائي بالصين

authoraccount201

كتبت: أسماء فهمي

تعد قضية إمكانية الوصول المادي والاجتماعي والاقتصادي إلى طعام كاف وآمن ومغذي يلبي تفضيلات واحتياجات الأفراد الغذائية من أجل حياة نشطة وصحية أو بما يعرف بالأمن الغذائي، على رأس أولوية جميع الدول، خاصة مع تغير المناخ ، وتزايد عدد سكان العالم ، وارتفاع أسعار المواد الغذائية ، والضغوط البيئية والتي لها تأثير كبير على توفر المحاصيل الغذائية، وظل سوء التغذية مشكلة عالمية كبيرة فهناك ما يعادل 3 مليارات شخص لا يستطيعون تحمل تكاليف نظام غذائي صحي.

وكما الدول الأخرى فإن الصين حملت نفس القدر من المخاوف والمتمثلة في القدرة على الاستمرار في توفير المواد الغذائية المتكاملة لمواطنيها، لذلك لم تستكف بزراعة أراضيها بالمحاصيل المتنوعة وإدخال التكنولوجيا لتطوير حجم إنتاجها الزراعي، بل ذهبت أبعد من ذلك من خلال ابتكار طريقة جديدة لتأمين الطعام لمواطنيها، فاتجهت نحو الفضاء لزراعة المنتجات الزراعية، وسيستعرض التقرير وضع القطاع الزراعي بالصين مع الإشارة إلى توجهها نحو الفضاء لزراعته:

نظرة على القطاع الزراعي بالصين

تعد الصين دولة ذات مساحة محدودة من الأراضي الصالحة للزراعة بالنسبة لحجمها، وفي نفس الوقت هي بحاجه لتوفير الغذاء لعدد سكان يبلغ 1.4 مليار نسمة عام 2021، كما أنه يواجه نظام الأغذية الزراعية في الصين تحديات متعددة مثل نقص الموارد وهدر الطعام والاختلالات التغذوية، لذلك تولي الحكومة الصينية أهمية كبيرة للزراعة.

وعلى الرغم من ضياع كميات كبيرة من الأراضي الزراعية بسبب البنية التحتية والصناعات والمستوطنات الحضرية الجديدة كل عام، إلا أنه لا يزال الناتج الإجمالي للمنتجات الزراعية يشهد زيادات طفيفة، وتعد الصين اليوم أكبر مستورد للمنتجات الزراعية في العالم من حيث القيمة المالية، وفي المقابل فهي أكبر منتج للمواد الزراعية من حيث الكميات، فهي تنتج ربع الإنتاج العالمي من الغذاء، وتجدر الإشارة إلى أن الصين متقدمة عالمياً في إنتاج محاصيل كالقمح والأرز والذرة والشعير والبذور الزيتية وفول الصويا.

هذا وتشير البيانات التي أصدرها المكتب الوطني للإحصاء في الصين إلى تراجع مساهمة قطاع الزراعية في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من العام 2021، ويبين الشكل التالي تطور مساهمة قطاع الزراعية في الناتج المحلي الإجمالي:

شكل: تطور مساهمة قطاع الزراعية من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة الربع الأول 2019 إلى الربع الأول 2021 (القيمة باليوان الصيني)

Untitled 18

المصدر: المكتب الوطني للإحصاء الصيني

يبين الشكل السابق تذبذب مساهمة قطاع الزراعية في الناتج المحلي الإجمالي ما بين الصعود والانكماش، ونلاحظ أنه انخفضت قيمة مساهمة قطاع الزراعية في الناتج المحلي الإجمالي الصين إلى 11332 مليار يوان صيني في الربع الأول من عام 2021، مقارنة بما كانت عليه 77754.1 مليار يوان صيني في الربع الرابع من عام 2020.

التوجه الصيني نحو زراعة الفضاء

بدأت الصين أولى تجاربها الزراعية في الفضاء منذ عام 1987، حيث تم إرسال ما يزيد على نحو 200 نوع من المحاصيل الزراعية والتي من بينها الطماطم والقطن، وامتدت المساحة الزراعية التي استغلتها الصين لزراعة المحاصيل الفضائية على مساحة بلغت 2.4 مليون هكتار وذلك عام 2018.

وقامت الصين بإنشاء مختبر الفضاء الصيني تيانقونغ – 2، حيث تقوم بإرسال البذور لتتعرض للأشعة الكونية ثم تستعيدها مرة أخرى للأرض، وترى الصين أن تلك العملية تساعد في زيادة المحاصيل الزراعية، كما أنها تعمل على تحسين جودة البذور.

وفي وقت سابق أعلنت الصين عن نجاحها في إنبات بذور القطن والبطاطا ونباتات متنوعة على سطح القمر، ومع نهاية العام الماضي 2020 أرسلت الصين 40 جرام من بذور الأرز كما أرسلت بذور البرسيم وزهرة السحلبية وغيرها لإجراء تجارب بحثية في زراعة النباتات، ثم أعيدت تلك البذور إلى الأرض لمتابعة نموها والتحولات التي تطرأ عليها والتي بينت التحسن في بذور الفضاء وقدرتها على مقاومة الآفات مقارنة بالبذور العادية.

ومن هنا فإن الصين تسعى إلى تحقيق الأمن الغذائي بشتى الطرق، حيث ركزت على زيادة إنتاجها من الحبوب والخضار لتوفير الإمدادات اللازمة من المواد الغذائية، الأمر الذي مكنها بالفعل من تحقيق الاكتفاء الذاتي في كل من محصول الأرز والقمح، كما أثمرت جهودها في تحسن جودة الحبوب وزيادة الكمية المنتجة وذلك من خلال البحوث التي تجريها على الأرض أو بإرسالها إلى الفضاء لتحسين من جينات البذور والمحاصيل المختلفة.

ربما يعجبك أيضا