اعتذار الحريري يهوي بـ«الليرة» ويشعل الشارع اللبناني

محمد عبدالله

رؤية- محمد عبدالله

في إعلان لم يكن مفاجئا لأغلب اللبنانيين وحتى المتابعين للشأن اللبناني، جاء اعتذار رئيس الحكومة اللبنانية المكلف، سعد الحريري عن عدم تشكيل الحكومة، ليزيد الغموض حول مستقبل الوضع في البلد المنهك اقتصاديا، فرغم مضي ثمانية أشهر على تكليف الحريري بتشكيل الحكومة، يفشل الفرقاء اللبنانيون مجددا في الاتفاق على تشكيلة حكومية، فيما يغرق لبنان في الكثير من الأزمات السياسية والاقتصادية.

حتى اعتذار الحريري يشكل مادة ينقسم حيالها الفرقاء، فثمة من يدعو إليها، وثمة من يرى فيها هروباً من المسؤولية، وثمة من يعتبر الحريري الوحيد المؤهل لمهمة تشكيل الحكومة. فأي سيناريوهات تنتظر تشكيل الحكومة في لبنان؟ وهل اعتذار الحريري يحل أزمات لبنان أم يعقّدها؟

اعتذار الحريري

اعتذر رئيس الحكومة اللبنانية المكلف، سعد الحريري، الخميس، عن عدم تشكيل الحكومة اللبنانية، وذلك بعد لقائه مع الرئيس ميشال عون، واكتفى خلال مؤتمر صحفي عقب لقائه عون، بالقول إنه لم يتوصل إلى اتفاق مع الرئيس. وأضاف: «الله يكون في عون البلد».

كلمة مقتضبة لم تكن كافية لإزالة الغموض الذي اكتنف الساعات التي سبقت الإعلان أو الاعتذار، ليسهب الحريري عبر صفحته على تويتر في بيان أسباب الاعتذار، ويوضح أن الرئيس عون لا يرغب بمنحه الثقة، بل يريد الثلث المعطل الذي كان ولا يزال سببا رئيسيا للأزمات المتعاقبة التي تشهدها لبنان.

تنوعت الأزمات اللبنانية ما بين سياسية واقتصادية وصحية وتعليمية والسبب واحد معلوم للجميع، ظل الحريري طيلة 9 شهور يحاول الوصول إلى تشكيلة حكومية تنتشل البلاد من مستنقع الأزمات الذي ألمت به منذ تفجير مرفأ بيروت من العام الماضي.

الرئاسة ترد

لم يتأخر رد رئاسة الجمهورية كثيرا، حيث قالت إن رفض رئيس الحكومة المكلف لمبدأ الاتفاق مع رئيس الجمهورية يدل على أنه اتخذ قرارا مسبقا بالاعتذار عن تشكيل الحكومة.

وأضافت رئاسة الجمهورية اللبنانية في بيانها: بعد اعتذار الرئيس المكلف سيحدد رئيس الجمهورية موعدا للاستشارات النيابية الملزمة بأسرع وقت ممكن.

وأشار مكتب الإعلام إلى أن الرئيس عون عرض على الرئيس المكلف ملاحظاته على التشكيلة المقترحة طالبا البحث في إجراء بعض التعديلات للعودة إلى الاتفاق الذي تم التوصل من خلال مسعى الرئيس نبيه بري.

انهيار جديد للعملة

لم تمر دقائق على اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة حتى تفاعلت ألوان العملة اللبنانية التي واصلت رحلة انهيارها أمام الدولار الأمريكي، حيث يتم تداولها قرب مستويات 22 ألف ليرة للدولار الواحد ، مما خلق جواً من الغضب والاستنكار بين المواطنين الذين كانوا قد استبشروا خيراً بالتصريحات المطمئنة الصادرة عن القصر الجمهوري في بعبدا، وصدموا برفض التشكيلة الحكومية المقترحة التي قدمها الحريري.

وكانت الليرة قد سجلت هبوطا قياسيا غير مسبوق، الأسبوع الماضي، حين سجلت العملة اللبنانية 19400 ليرة مقابل الدولار الأمريكي.

غضب في الشارع

يبدو أن اللبنانيين كانوا بانتظار اعتذار الحريري، ليعاودوا الخروج إلى الشارع والتعبير عن غضبهم من الطبقة الحاكمة التي تقود البلد إلى الجحيم كما عبر الحريري. احتجاجات وفوضى وقطع للطرق وإطلاق للرصاص الحي امتدت من طرابلس شمالي البلاد إلى شوارع بيروت عقب إعلان الحريري اعتذاره عن تشكيل الحكومة.

ويرى مراقبون ان الوضع الأمني بات أكثر حساسية في ظل اصطفافات يخشى أن تتحول إلى طائفية، ونقلت سكاي نيوز أن الحريري سيدعو في مقابلة تلفزيونية مرتقبة، للهدوء والالتزام بالاحتجاجات السلمية لأن المرحلة الحالية خطيرة ودقيقة جداً ويجب تحمل المسؤولية الكاملة.

وينص الدستور اللبناني بعد اعتذار الحريري على أن يدعو رئيس الجمهورية إلى استشارات نيابية ملزمة ينتج عنها تسمية شخصية تكون مكلفة لتشكيل مجلس الوزراء، غير أن الدستور لم يحدد مهلة للرئيس لهذه الدعوة وهذا ما استعمله عون في العديد من الأوقات لتأجيل الاستشارات، ومن المتوقع أيضاً في هذه المرحلة أن تتأخر هذه الاستشارات، رغم وعد الرئاسة في بيانها الأخير بأنها ستجريها قريبا.

ربما يعجبك أيضا