هل بدأ التغير المناخي في أوروبا؟

محمود رشدي

محمود رشدي

أدت العواصف التي اجتاحت عدة دول أوروبية إلى مصرع العشرات وفقدان المئات في ألمانيا، في كارثة عزاها مسؤولون إلى التغيرات المناخية ووصفتها المستشارة أنغيلا ميركل “بالمأساة”، في ظاهرة تعد هي الأولى التي تتعرض لها القارة العجوز من مائة عام من حيث كثافة الأمطار، وارتفاع درجة الحارة في عدة مدن أوروبية.

التغير المناخي يضرب غرب أوروبا

ولم تكن ألمانيا الوحيدة بين دول غرب أوروبا التي تعرضت لسقوط الأمطار الغزيرة، وشهدت فيضانات الأنهار على ضفافها، واجتاحت المدن والشوارع، وسجلت الضحايا والمفقودين، فهناك بلجيكا التي سجلت مقتل 15 شخصًا جراء الفيضانات.

ويعزى السياسيون والخبراء ما يحدث من فيضانات في أوروبا إلى الأحوال الجوية القاسية الناجمة عن التغير المناخي، إذ عزا أرمين لاشيت، رئيس وزراء ولاية شمال الرين-ويستفاليا الألمانية، الأحوال الجوية القاسية إلى التغير المناخي، وذلك خلال زيارة قام بها إلى منطقة منكوبة.

وقال لاشيت: “سوف نواجه أحداثا كهذه بشكل متكرر، وهذا يعنى أن علينا مسارعة الإجراءات الرامية إلى الحماية من آثار التغير المناخي، فأثره المناخي ليس مقصورًا على دولة واحدة”.

أضرار واسعة النطاق

وقالت السلطات الألمانية، اليوم الجمعة، إن أعداد الضحايا التي لم تتكشف عن آخرها بعد، هي أكبر خسارة بشرية تتسبب بها أمطار غزيرة في البلاد منذ سنوات.

وحسبما نقلت “فرانس برس”، قالت السلطات الإقليمية في ولاية راينلاند بالاتينات، غربي ألمانيا، إنها أحصت صباح الجمعة، مقتل 50 شخصا بسبب العواصف والفيضانات التي ضربت البلاد.

كما قالت شرطة مدينة كوبلنتس في الولاية نفسها، إن أكثر من ألف شخص فقدوا في منطقة نوينار آرفايلر، ما يرجح تسجيل أعداد أكبر من الضحايا في فيضانات ألمانيا، وتعهدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بدعم المتضررين.

وتسببت الأمطار في وقف حركة القطارات في مناطق واسعة من ألمانيا، وكانت أكثر المناطق تضررا في جنوب وغرب البلاد.

وقالت المتحدثة باسم الحكومة المحلية في منطقة أرفيلر، إن شبكات الهاتف النقال قد توقفت عن العمل مما جعل التواصل مع الناس مستحيلا، كما فقد أثر المئات من المواطنين.

كما أسفرت الفيضانات عن تدمير قرية شلد التي يبلغ سكانها 700 نسمة بالكامل، وتنبأت الأحوال الجوية بسقوط أمطار قوية فى المنطقة الجمعة، ما يعنى استمرار وتفاقم الأزمة.

فيما وصل حوالى 15 ألف رجل شرطة وجندي وعامل إنقاذ إلى المنطقة للمساعدة في عمليات البحث والإنقاذ، بينما قامت المروحيات بانتشال العالقين من سطوح المنازل، وقامت الدبابات بتنظيف الطرق من الركام والأشجار المكسورة والشظايا.

الطقس السيئ يزيد كارثة الفيضانات

وحسبما نقلت هيئة “البي بي سي”، قال خبراء إنهم يتوقعون زيادة آثار التغير المناخي ومرات حدوثها، إلا أنها اعتبرت أن ربط حدث منفرد بالتغير المناخى هو شىء معقد.

وأشارت إلى أن منطقتي أرفيلر وشمال الرين-ويستفاليا في ألمانيا هما الأكثر تأثرًا بالأحوال الجوية القاسية، إلى جانب بلجيكا وهولندا اللتين تأثرتا أيضا، وهناك فيضانات في لوكسيمبورج وسويسرا .

ميركل: أوقات عصيبة

وأعربت المستشارة الألمانية عن تعازيها لجميع المواطنين الذين فقدوا أحبائهم خلال يوم من القلق واليأس، وقالت: “أخشى أننا لن نرى المأساة بكامل أبعادها إلا في الأيام القادمة”.

كما تعهدت بدعم الحكومة لجهود الإنقاذ وإعادة البناء ووجهت حديثها للشعب الألماني، قائلة “لن تتخلى الحكومة عنكم في هذه الأوقات العصيبة”.

مخاوف انهيار سدود في بلجيكا

كما واصلت الفيضانات تدمير مدينة ليج فى بلجيكا ، وأظهرت لقطات صور الفيضانات وسيارات مجروفة فى مدينة فيرفيير. فيما أصدرت السلطات تعليماتها لسكان المدينة، ثالث أكبر مدن بلجيكا، بمغادرة منازلهم، أو التوجه إلى أعلى منطقة فى مساكنهم.

ويتوقع الخبراء ارتفاع منسوب المياه في نهر يجرى عبر مدينة ليج البلجيكية بمقدار 1.5 متر، رغم كونه على وشك الفيضان حاليا.

وأعرب المسؤولون عن قلقهم من احتمال انهيار أحد السدود في المنطقة، وحثوا السكان على مد يد العون ما استطاعوا. وقالت السلطة المحلية في بيان إن “الوضع المتأزم استثنائي، ويتطلب التضامن”.

فيما زار الملك البلجيكي فيليب، أحد مراكز الطوارئ في شودفونتين، جنوب شرقي لياج.

إجلاء سكان القرى في هولندا

كما تفقد الملك فيليم ألكساندر، والملكة ماكسيما، أضرار الفيضانات في فالكنبرج في هولندا، بالقرب من الحدود مع بلجيكا وألمانيا، حيث حاصرت الفيضانات مركز البلدة واضطرت السلطات لإخلاء بعض بيوت المسنين.

وبحسب التقارير، لم تتوفر أنباء بشأن وقوع ضحايا، لكن السلطات حثت السكان في القرى والبلدات الواقعة على نهر الميز على مغادرة منازلهم بسرعة، كذلك، أصدرت سلطات هولندا الأوامر لسكان مدينة ماستريخت بمغادرة منازلهم، وعددهم 10 آلاف نسمة على الأقل.

ربما يعجبك أيضا