اعتقال قتلة الهاشمي.. حقائق عززت انتهاكات الميليشيات الإيرانية في العراق

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

بعد نحو عام على اغتيال الباحث السياسي هشام الهاشمي في شوارع بغداد، ألقت القوات العراقية القبض على قتلة “الهاشمي” ليفجر أحدهما مفاجأة مدوية ، والتي تمثلت في انتسابه للأجهزة الأمنية العراقية فضلًا عن قربه من أحد الميليشيات المسلحة المدعومة من إيران، ليؤكد مزاعم العراقيين الذين اتهموا ميليشيات إيران بالوقوف وراء عمليات الاغتيال والقتل التي تطال ناشطين وإعلاميين على خلفية انتقادهم للنفوذ الإيراني وتدخله في الشؤون الداخلية العراقية.. حقيقة ليست بالجديدة ولكنها عززت  قدرة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على مواجهة الميليشيات التي عجز عن مواجهتها طوال الفترة الماضية، ومثلت خطوة إيجابية للتحرر من القبضة الإيرانية داخل العراق.

اعتقال قتلة الهاشمي

في خطوة لافتة، أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي القبض على قتلة الباحث العراقي هشام الهاشمي الذي اغتيل في العاصمة العراقية بغداد العام الماضي.

وبثت وسائل إعلام عراقية اعترافات أحمد الكناني، الذي وصفته بالمتهم الرئيسي في قتل الباحث والخبير الأمني العراقي الهاشمي، وهو ضابط برتبة ملازم أول يعمل في وزارة الداخلية.

واعترف الكناني الذي ظهر مرتدياً ملابس رياضية بنية اللون، بقتل الهاشمي بإطلاق النار عليه من مسدس.

وبحسب صور التقطتها كاميرات مراقبة للهجوم ، فإن الكناني نفذ عملية القتل مع ثلاثة أشخاص آخرين كانوا على متن دراجتين ناريتين.

ولم تتم الإشارة إلى دوافع عملية الاغتيال أو الجهة التي تقف وراءها.

ونقل عن مصدر أمني قوله إن الكناني كان مرتبطاً بكتائب حزب الله العراقي، وهي ميليشيا مسلحة موالية لإيران في العراق وكان الهاشمي ينتقدها في كتاباته وتعليقاته على وسائل الإعلام.

وكان الهاشمي، وهو خبير أمني متخصص في الشبكات المسلحة ولديه شبكة واسعة من المعارف في أوساط المسؤولين وصناع القرار، قد قتل خارج منزله في بغداد في أوائل يوليو من العام الماضي على يد مسلحين يركبون دراجتين ناريتين.

ويمثل الإعلان عن قتلة الهاشمي، أول عملية اعتقال يتم تنفيذها في هذه الجريمة التي هزت البلاد، التي شهدت زيادة في عمليات القتل التي تستهدف ناشطين خلال العام المنصرم أو نحو ذلك.

شوكة في حلق الميليشيات

عقب إلقاء القبض على قاتل الهاشمي، قال علي البياتي، وهو عضو في لجنة حقوق الإنسان التابعة للحكومة العراقية: “إنها خطوة إيجابية نحو ترسيخ المساءلة وإنهاء الحصانة.. ونأمل بأن تتم محاسبة كافة المتورطين بارتكاب الجريمة”.

وإلى جانب كونه خبيراً في الحركات السنية المتشددة في العراق، أصبح الهاشمي متحدثاً مفوهاً ضد الميليشيات الشيعية المسلحة المتنفذة والموالية لإيران.

وقد أغضب دعم الهاشمي للاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في 2019 ضد حكومة اعتبرت مقربة جداً من إيران، الفصائل الشيعية المدعومة من إيران داخل الشبكة العسكرية للحشد الشعبي في العراق، حيث يحظى الأخير بتأييد ثاني أكبر كتلة في البرلمان العراقي ويسيطر على أصول مالية ضخمة.

وكان العشرات قد تجمعوا في وقت سابق من هذا الشهر في وسط بغداد وفي أربيل بإقليم كردستان لإحياء ذكرى اغتيال الهاشمي، الذي كان في السابعة والأربعين من عمره عندما تم اغتياله، وقد رفعوا صور الهاشمي وسط الشموع.

ووصف الهاشمي من أحد الحضور بأنه كان “أفضل محلل أمني عرفه العراق”. ووعد مسؤول في وزارة الداخلية حضر التجمع بمحاسبة قتلة الهاشمي، لكن كثيرين كانوا يشككون في قدرة الكاظمي على لجم الفصائل المسلحة.

واتهم ناشطون عراقيون، عقب اغتيال الهاشمي مباشرة، الكتائب بالتورط في الجريمة، خاصة وأنه تلقى تهديدات سابقة، من المدعو أبو علي العسكري، المتحدث باسم الكتائب.

وعلى إثر اعتقاله، أعلن عدنان الدنبوس، شيخ عام عشائر كنانة في العراق، براءة قبيلة كنانة من أحد أبنائها، الذي اعتقلته السلطات بتهمة قتل الباحث الأمني هشام الهاشمي.

الكاظمي يعود للواجهة

بعد إعلانه القبض على قتلة الهاشمي، استطاع رئيس الوزراء العراقي أن يزيل الشكوك حول عدم قدرته على لجم الميليشيات المدعومة من إيران، وذلك بعد إخفاقه في اعتقال العديد من الميليشيات المحسوبة على إيران وكان أخرهم قاسم مصلح.

كان القيادي البارز في الحشد الشعبي قاسم مصلح قد اعتقل للاشتباه في ضلوعه بمقتل أحد الناشطين البارزين في حركة الاحتجاج الشعبية في العراق، لكن سرعان ما أطلق سراحه في أعقاب استعراض للقوة نظمه أنصاره في بغداد. وقال القضاء العراقي حينها إنه “لم يجد دليلاً” على ضلوعه في الجريمة.

ومثّل إطلاق سراحه ضربة لجهود الكاظمي في كسب الحركة الاحتجاجية المؤيدة للديمقراطية في العراق، والتي شهدت استهداف أكثر من 70 ناشطاً فيها بعمليات اغتيال أو محاولة اغتيال منذ العام 2019.

لكن رئيس الوزراء العراقي حاول الجمعة إزالة الشكوك حول قدرة حكومته على محاسبة الخارجين عن القانون.

وقال الكاظمي على “تويتر”: “وعدنا بالقبض على قتلة هشام الهاشمي وأوفينا الوعد، وقبل ذلك وضعنا فرق الموت وقتلة أحمد عبد الصمد أمام العدالة، وقبضت قواتنا على المئات من المجرمين المتورطين بدم الأبرياء”.

وقد ألقت القوات الأمنية القبض على قاتل الهاشمي، ويدعى أحمد حمداوي عويد، وهو كان ضمن مجموعة مؤلفة من أربعة أشخاص نفذوا الجريمة.

والمتهم بقتل الهاشمي ضابط شرطة برتبة ملازم أول واعترف بعد التحقيق بقتل الهاشمي، وأقر قاتل الهاشمي في تسجيل بثه التلفزيون بأنه أطلق أربع إلى خمس رصاصات على الهاشمي من مسدسي الحكومي.

وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان قد أعلن مطلع يوليو الحالي صدور مذكرات قبض بحق متهمين بقتلة المحلل السياسي هشام الهاشمي.

ما حصل يمثل خطوة إيجابية بالنسبة للعراق للتحرر من سطوة المجموعات المسلحة، وتغولها في مفاصل الحياة السياسية والعسكرية، وهو يعطي إشارات للرأي العام بطبيعة نشاطات تلك المجموعات، وكذلك يحفز جهود المجتمع الدولي، لمساندة بغداد في إجراءتها المقبلة.

ربما يعجبك أيضا