قانون الإصلاح الضريبي في المغرب.. خطوة طال انتظارها

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

صادق برلمان مملكة المغرب، الأسبوع الماضي، على قانون جديد يهدف إلى زيادة القاعدة الضريبية وضمان العدالة الضريبية ومكافحة ظاهرة التهرب الضريبي واستحداث “ضريبة كربون”، وذلك في وقت تأمل الحكومة المغربية أن يسهم التشريع الجديد في تمويل عجز الموازنة العامة في ظل زيادة الإنفاق بسبب جائحة كورونا.

تفاصيل قانون الإصلاح الضريبي

وافق البرلمان المغربي يوم الثلاثاء الموافق 13 يوليو الجاري على مشروع قانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي والذي يعد أول إصلاح للنظام الضريبي في البلاد منذ العام 1984، ويأتي بهدف معالجة اختلالات “ضريبية” استمرت لعقود تؤثر على مداخيل الدولة وخطط التنمية.  

وبموجب نص القانون المقدم من قبل الحكومة إلى البرلمان والمفرج عنه مطلع الشهر الجاري، يهدف القانون الجديد إلى تخفيف العبء الضريبي على الخاضعين للضريبة بالموازاة مع توسيع الوعاء الضريبي، وتكريس مبدأ حيادية الضريبة في مجال الضريبة على القيمة المضافة من خلال توسيع نطاق تطبيقها وتقليص عدد الأسعار وتعميم الحق في استرجاعها.

وينص القانون الجديد أيضا على التوجه تدريجيا نحو سعر موحد فيما يخص الضريبة على الشركات، لا سيما بالنسبة إلى الأنشطة الصناعية، بما يضمن التشجيع على الالتزام الضريبي أكثر، كما يستهدف تحسين المساهمة برسم الضريبة على المؤسسات والمقاولات العمومية والشركات التي تزاول أنشطة مقننة أو في وضعية احتكار أو احتكار القلة، والتخفيض التدريجي لأسعار الحد الأدنى للضريبة.

ولم يغفل القانون الجديد عن الشركات حديثة النشأة العاملة في مجالات التكنولوجيا الحديثة والأبحاث والتطوير، حيث ينص على سن تدابير تحفيزية لدعم وتطوير هذه الشركات وحاضنات المشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل عام.  

كما تعهد القانون بإعادة النظر في الجدول التصاعدي لأسعار الضريبة على الدخل المطبقة على الأشخاص العاديين وتوسيع وعاء هذه الضريبة وملاءمة وتحسين نظام المساهمة المهنية الموحدة من أجل إدماج القطاع غير المهيكل.

إلى ذلك، استحدث القانون الجديدة “ضريبة على الكربون” وهي ضريبة تفرض على إنتاج وتوزيع واستهلاك الوقود الأحفوري، بهدف حماية البيئة والحد من الانباعثات الكبرونية، وبحسب تصريحات لشكيب لعلج رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب: تمثل ضريبة الكربون الجديدة فرصة سانحة لتعزيز تنافسية العلامة التجارية “صنع في المغرب” وجعل المملكة وجهة لإنتاج صناعي بدون كربون.

وأضاف لعج – خلال مشاركته الجمعة الماضية في ندوة بالدار البيضاء حول دور القطاع الخاص في تحول منخفض الكربون صامد في وجه التغيرات المناخية- “إلى جانب الإكراهات التي ستفرضها هذه الضريبة بالنسبة لقطاعي الصناعة والتصدير، يمكن لهذه الضريبة المساهمة في تسريع ظهور صناعة وطنية خضراء خالية من الكربون تماشيا مع التزام المغرب فيما يخص قضية التغير المناخي”.

قانون يشكل ضرورة اقتصادية

دخل القانون الجديد حيز التطبيق بمجرد نشره الأسبوع الماضي بالجريدة الرسمية، وسيكون على البرلمان المغربي بالتعاون مع الحكومة إصدار النصوص الضرورية للشروع في تطبيقه خلال أجل لا يتجاوز خمس سنوات من الآن.

وقال وزير المالية المغربي محمد بنشعبون – في تصريح لـ”رويترز” الأربعاء الماضي- “القانون الجديد يهدف لتقوية كفاءة النظام الضريبي كوسيلة لتمويل السياسات العامة وخفض العجز المالي، عبر زيادة الإيرادات الضريبية، لافتا إلى زيادة الدين الحكومي  بنسبة 76.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الماضي، مقارنة مع 64.8 في المئة في 2019، وذلك نتيجة لتداعيات جائحة كورونا.

وبحسب بنشعبون 80% من إيرادات الضريبة على الشركات في المغرب تأتي من 1% فقط من الشركات، ما يكشف الحاجة الماسة لمثل هذا الإصلاح الضريبي.

فيما تشير تقارير دولية إلى أن 33% من شركات المغرب فقط هي التي تصرح بتحقيق أرباح، فيما تسعى 67% للتهرب أو الإعلان عن تكبدها لخسائر، وبحسب تقرير لمنظمة “أوكسفام” نشر عام 2019 تفقد الخزينة العامة للمغرب إيرادات بنحو 2.45 مليار دولار بسبب التهرب الضريبي والاحتيال من الشركات وتحديدا متعددة الجنسيات، كما أن 82% من العائدات الضريبية على الشركات يستخلص منها 2% فقط.

يقول المحلل الاقتصادي مهدي فقير – في تعليق على القانون الجديد نشرته قناة “الحرة”، الأربعاء الماضي- قانون الإصلاح الضريبي يندرج في إطار مشروع وطني وقومي لإصلاح عميق للمالية العمومية، ويهدف إلى رفع كفاءة التحصيل الضريبي، لأن المشكلة في المغرب هي أن الضريبة تحدد بشكل سنوي، أما الآن فالقانون الجديد يحدد الضريبة كل خمس سنوات وهو أمر جيد.

وأضاف: سيسهم القانون الجديد في تخفيف ديون الدولة، فهناك نسبة كبيرة من موارد الدولة تأتي من الضرائب، وإذا تم الرفع من كفاءة التحصيل العام، ففي المحصلة سوف يتوفر للدولة موارد لتعيد التوازن إلى الموازنة العامة.

يشار إلى ان المغرب جمع العام الماضي صافي إيرادات ضريبية بلغ 16.2 مليار دولار، وبحسب أرقام رسمية، فإن قرابة 50% من ضريبة الدخل وضريبة الشركات وضريبة القيمة المضافة تسددها 140 شركة فقط، ولدى المغرب ثغرات قانونية تتعلق بضعف العقوبات الخاصة بالتهرب الضريبي، فعلى سبيل المثال الغرامة المالية للتهرب الضريبي لا تتجاوز الـ 50.000 درهم، مهما بلغ حجم المخالفة.

في ميزانية العام الماضي سجل المغرب عجزا ماليا بنسبة 7.6٪، يتوقع خفضه إلى 6.3٪ خلال العام الجاري، وبحسب تقرير لوكالة “فيتش” صدر في يناير الماضي، من المتوقع أن تنمو إيرادات موازنة المغرب هذا العام بنسبة 6.5% بدعم من زيادة القاعدة الضريبية، وفي المغرب هناك تفاؤل عام بأداء الاقتصاد خلال 2021، حيث يتوقع البنك المركزي تسجيل نمو اقتصادي بنحو 4.6%، فيما يتوقع البنك الدولي أن يسجل المغرب نموا بنسبة 4%، ما يعني أن البلد يسير باتجاه تجاوز تداعيات كورونا تدريجيا بعد انكماش كبير شهده خلال العام الماضي وصل إلى نسبة 7% في بعض التقديرات، ولا شك أن خروج قانون الإصلاح الضريبي سيعزز قدرة المغرب على تمويل أفضل للموازنة العامة وخفض مستويات الدين العام، كما سيسهم في تمويل أفضل لمشاريع الحماية الاجتماعية التي زادت الحاجة إليها بفعل الجائحة، وستكون الفترة المقبلة بمثابة اختبار للحكومة والبرلمان على قدرتهما على ترجمة نصوص القانون إلى واقع يحقق مساواة ضريبية ويحمي الشركات والأفراد الخاضعين للضريبة من أي تأويل خاطئ لنصوص القانون، والأهم أن يعزز القانون الجديد الثقة بين الحكومة ودافعي الضرائب ويشجع على إداء الضريبة طواعية.

ربما يعجبك أيضا