قبل «انتخابات 2023».. ما زال نظام «أردوغان» يتغذى على مخاوف الشعب التركي

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

من المقرر أن تجرى الانتخابات العامة في تركيا في عام 2023. وسينتخب الناخبون رئيسًا جديدًا بالإضافة إلى 600 عضو في الجمعية الوطنية الكبرى في تركيا كل منهم لمدة خمس سنوات.

وقد جرت الانتخابات العامة التركية السابقة في 24 يونيو 2018. وقد مثلت هذه الانتخابات انتقال البلاد من نظام برلماني إلى نظام رئاسي، كما أقره الناخبون بهامش ضيق في الاستفتاء الدستوري المثير للجدل عام 2017.

أسفرت تلك الانتخابات عن فوز الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، الذي شغل المنصب منذ عام 2014. وفي الوقت نفسه، خسر حزب العدالة والتنمية الحاكم الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية الكبرى في تركيا لأول مرة منذ يونيو 2015، مما اضطره إلى الاعتماد على حليفه، حزب الحركة القومية التابع لدولت بهتشلي، لتمرير التشريع.

محاولة للبقاء

ما زال النظام الحاكم في تركيا يقوم بتوظيف المحاولة الانقلابية الفاشلة التي وقعت قبل خمس سنوات؛ لتخويف الأتراك من ضياع دولتهم، فقد وافق البرلمان التركي على تمديد إجراءات مثيرة للجدل، فُرضت في أعقاب هذا الانقلاب.

ومن بين مجالات أخرى، تغطي الإجراءات، طول فترة الاحتجاز لدى الشرطة. وذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية، أمس الأحد، أن النواب مددوا أيضا إمكانية استمرار فصل الموظفين بشركات تديرها الدولة، في إطار محاربة المنظمات الإرهابية.

ويرى مراقبون أن قرار التمديد للإجراءات المثيرة للجدل تهدف بالأساس لتخويف كل الأصوات المعارضة وقمع الرافضين لسياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سواء في الداخل أو الخارج.

وفي السنوات الأخيرة ومع تراجع شعبية أردوغان وحزبه بسبب الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة لم يجد الرئيس التركي سوى تشديد حملة القمع للبقاء في السلطة حيث عمد لحظر حزب الشعوب الديمقراطي بذريعة الإرهاب والتراجع عن اتفاقيات متعلقة بالحقوق والحريات واستخدام القوة في مواجهة بعض الاحتجاجات.

وتشير تحليلات المراقبين الأتراك، إلى أنه لا يمكن لنظام أردوغان البقاء على قيد الحياة إلا من خلال أدوات مساعدة توصله إلى فرض حالة الطوارئ.

كما أن هناك، ثمة مشاعر متزايدة في الشارع التركي مفادها أن تحالف حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية “لا يمكنهما حكم البلاد” أو أنهما سوف يخرجان خاسرين في الانتخابات المقبلة.

وفي المقابل ثمة قناعة أنهما لا يستطيعان إدارة الحكم بالأدوات والأساليب العادية، بل هم يحتاجون باستمرار إلى وسائل غير عادية يضعونها تحت تصرفهم لحكم البلاد.

مخاوف من رحيل نظام أردوغان

يقول الكاتب محمد أوجاكتان في مقال منشور له في صحيفة قرار التركية، ترجمه موقع أحوال تركية: بالنسبة للسلطة السياسية، فقد أوجد طول حكم حزب العدالة والتنمية الذي على رأسه أردوغان، عادات في قطاعات مهمة من المجتمع ليس من السهل التخلي عنها، والتي تنبع أيضًا من المزايا التي توفرها السلطة.

ولفت الكاتب أوجاكتان إلى أنّه ليست العادات الاقتصادية فقط هي التي تجعل من الصعب الاستسلام، بل من الضروري أن نأخذ في الاعتبار أن أولئك المنغلقين على التغيير قد يكون لديهم بعض المخاوف بشأن الحساسيات الدينية والهوية. وبغض النظر عن أولئك الذين يستفيدون بشكل كبير من الفوائد الاقتصادية للحكومة، فإن القطاعات المحافظة غير راضية على الإطلاق عن المسار الحالي لحكومة حزب العدالة والتنمية والانحلال الأخلاقي والفساد اللذين يعاني منهما.

ودعا أوجاكتان إلى عدم نسيان أن جزءًا كبيرًا من المحافظين والمتدينين كان يصوّت لهذه الحكومة منذ 19 عامًا.

وأكّد أنّ الفئات الدينية أيضًا ترى أن قصة حزب العدالة والتنمية قد وصلت إلى نهايتها، لكنها تريد بحق معرفة نوع معادلة القوة التي ستحكمها في الفترة الجديدة.

كما أكّد أنّه يجب الاعتراف بأن الفئات المحافظة بشكل خاص قد تكون قلقة من تكرار مظالم الماضي من حيث الحقوق والحريات. وقال إنّه مما لا شك فيه، من وجهة نظر أحزاب المعارضة، أنه لا يوجد حتى أدنى مؤشر لتأكيد هذا القلق. على العكس من ذلك، فإن سجل الحكومة الحالي للحقوق والحريات أسوأ من جميع الحكومات في تاريخنا السياسي الحديث.

وشدّد الكاتب على أنّه إذا كان المتدينون، على الرغم من هذه الصورة السلبية، لا يزالون يواجهون مشكلة في التخلي عن حكومة أصبحت مرادفة للفساد وانعدام القانون والرشوة وشؤون العصابات والمافيا، فهناك مشكلة تنبع من الواقع الاجتماعي لتركيا. طريقة القضاء على هذه المخاوف؛ إنها لغة شاملة للسياسة من شأنها أن تخفف ضمير أولئك الذين عانوا من مظالم في الماضي في سياق الحقوق والحريات وتمنحهم الثقة.

ربما يعجبك أيضا