جرائم تركية في جنوب إفريقيا.. «أردوغان» يتجسس وينكل بمعارضيه

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

يتتبع نظام الرئيس التركي رجب أردوغان، منتقديه ومعارضيه في كل مكان، ولا يسلمون من شره في كل بقاع الأرض على الرغم من الحرص الشديد على إخفاء أي أثر لما يقوم به رجال أردوغان من مخالفات، بذريعة مكافحة الإرهاب، فيلاحقهم بالتجسس تارة أو المراقبة وربما باللجوء إلى العنف والتصفية الجسدية وتبدو على هيئة حوادث غير مدبرة، تقرير جديد كشف تورط تركيا في انتهاك جديد للقوانين الدولية، إثر تجسسها على معارضين للرئيس رجب أردوغان في الخارج، وقدم موقع “نورديك مونيتر” المختص في الشؤون العسكرية والأمنية، اليوم السبت، في تقرير له، وثائق تظهر استخدام “أنقرة” لبعثتها الدبلوماسية في جنوب إفريقيا للتجسس على معارضين لـ”أردوغان”.

المهزلة الجديدة لنظام “أردوغان” في بريتوريا، كشفت عن وثائق سرية وسلسلة فضائح للبعثة الدبلوماسية التركية في جنوب إفريقيا، وانغماس البعثة التركية خلال سنوات في أعمال تجسس غير قانونية بحق معارضين أتراك، وأكدت الوثائق أن وزارة الخارجية هي من قدمت الملفات للمدعي العام. وأشار التقرير إلى أنه الوثائق قد تكون أرسلت إلى أنقرة من قبل كان إيسنر أو إليف تشوم أوغلو أولغن، السفراء الأتراك في بريتوريا بين عامي 2012 و2021.

ممنوع قانونًا

يتعرض منتقدو حكومة أردوغان في الخارج، للمراقبة والمضايقات والتهديدات بالقتل والاختطاف بشكل مستمر، وكثيرًا منهم حرموا من الخدمات القنصلية مثل التوكيل الرسمي وتسجيل المواليد وكذلك سحب جوازات سفرهم، كذلك، تم مصادرة أصولهم في تركيا ويتعرض أفراد عائلاتهم في المنزل لخطر التهم الجنائية.

كما كشف تقرير لموقع سويدي متخصص، أنشطة تجسس تقوم بها البعثات الدبلوماسية التركية في دول كل من سويسرا وألمانيا واليونان وبلجيكا والهند وكولومبيا لجمع معلومات عن الأتراك ضمن حملة تجسس منذ محاولة ما يعرف بالانقلاب 2016. وتحايلت أنقرة على الدول المضيفة من خلال تعيين ضباط في الشرطة ضمن طاقم سفاراتها في الخارج، من دون إدراجهم أسمائهم في القائمة الدبلوماسية على أنهم رجال في الشرطة.

وتظهر وثيقة أن مكتب المدعي العام التركي فتح في 19 ديسمبر 2018، تحقيقًا منفصلًا بشأن 64 تركيًا وأستراليًا، تم إدراجهم في ملفات التجسس التي أرسلها دبلوماسيون أتراك دون أي دليل ملموس على ارتكاب المخالفات، ووجه إليهم المدعي العالم تهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية.

60 170854 erdogan embassies turks 2

ونتيجة لعملية تطهير واسعة النطاق، تحول القضاء التركي وأجهزة المخابرات والبعثات الدبلوماسية في الخارج وسلطات إنفاذ القانون إلى أدوات مسيئة في أيدي حكومة أردوغان لاضطهاد ومحاكمة منتقديه ومعارضيه، مما أدى إلى سجن عشرات الآلاف بتهم باطلة.

وبموجب القانون يحظر على الشرطة التركية جمع المعلومات الاستخباراتية خارج حدود تركيا، ويقتصر عملها على توفير الحماية للبعثات الدبلوماسية ومنازل السفراء، ولا يحق إلا لمؤسسة الاستخبارات الوطنية التركية جمع مثل تلك المعلومات في البلدان الأجنبية، إلا أن المدعي العام التركي، قد فتح تحقيقات في عام 2018، بشأن 16 تركيًا تم إدراجهم في ملفات (تحتوي على أسماء المعارضين).

طالبو اللجوء

التتبع والتجسس التركي الرسمي على المعارضين لحماية نظام أردوغان، لا ينقطع في أي مكان. إذ راقبت المخابرات التركية تحركات طالبي اللجوء من الأتراك في اليونان، من بينهم 300 موظف حكومي سابق، ممن طردوا من أعمالهم بشكل غير قانوني من دون تحقيق إداري أو قضائي على إثر محاولة الانقلاب الفاشلة (2016).

وكانت وثائق عدة، كشفت في وقتِ سابقِ عن أنشطة تجسسية مماثلة للحكومة التركية في إسبانيا وجنوب إفريقيا وكندا والولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا واليونان. وفي يوليو 2020، قامت المخابرات التركية بجمع المعلومات الاستخباراتية عن المعارضين ومنظماتهم من قبل سفارة أنقرة في كندا، وهو نفس النمط الذي تتبعه البعثات الدبلوماسية الأخرى، التي تحتفظ بها تركيا في الدول الأجنبية.

وإلى جانب تقارير أخرى عن عمليات تجسس للدبلوماسيين الأتراك على معارضي أردوغان في أمريكا وبولندا، استغلت أنقرة دور العبادة أيضًا للتجسس على الخصوم، إذ كشفت تحقيق استقصائي أجرته قناة تلفزيونية ألمانية أن الرئيس التركي يستغل المساجد التركية في ألمانيا من أجل تتبع خصومه والتجسس على معارضيه، سواءً كانوا من الأتراك أو الألمان.

ملاحقة الصحفيين

ومن بين المنظمات التي تجسس عليها الدبلوماسيون الأتراك جمعية “الصداقة التركية الكندية”، وهي منظمة غير حكومية تروج للتعددية الثقافية، وتقدم دروسًا ثقافية وفنية للمجتمع، وتساعد الوافدين الجدد على الاندماج في المجتمع الكندي وتسعى جاهدة للمساهمة في السلام العالمي، كما وصفت وثائق اثنين من الصحفيين الأتراك المعارضين، الذين يعيشون في كندا لسنوات عديدة، فاروق أرسلان، وحسن يلماز، وعرضوا بالتفصيل أنشطتهم.

وهناك المزيد من الصحفيين، الذين أجبروا مؤخرًا على الانتقال إلى كندا لطلب اللجوء من أجل الهرب من حملة قمع كبيرة من قبل الحكومة التركية ضد الصحفيين الناقدين والمنافذ الإعلامية المستقلة في تركيا.

وسبق أن تعرضت تركيا لانتقادات لاذعة على خلفية أنشطتها التجسسية حول العالم، ففي يناير 2019، كشفت وثائق قضائية تركية أن الرئيس التركي يستخدم الشرطة المكلفة حراسة البعثات الدبلوماسية في عشرات الدول الأوروبية، من أجل التجسس على خصومه.

ونشر موقع “نورديك مونيتور” وقتها وثيقة أرسلتها مديرية المخابرات بالشرطة التركية إلى القضاء، تتحدث فيها عن “نشاط تجسسي غير قانوني” لرجال الشرطة في السفارات، على أنصار غولن في 67 دولة أجنبية. وأشارت المحكمة الجنائية العليا في أنقرة إلى الوثيقة في أحد قراراتها ضد أعضاء حركة غولن في 16 يناير 2019، مما يعد انتهاكًا واضحًا للقانون التركي، بالإضافة إلى قوانين البلد المضيف.

ربما يعجبك أيضا