غارات إسرائيل تصطدم بالدفاعات السورية.. وروسيا تتدخل لتغيير قواعد اللعبة

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

مع استمرار القصف المتواصل لإسرائيل داخل الأراضي السورية، عززت روسيا الدفاعات الجوية السورية التي ساهمت في التصدي للعديد من الهجمات، مُعلنة تحولها لمواجهة التحركات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، بعد انفتاح قنوات التواصل الروسية مع الإدارة الأمريكية الجديدة وسعيًا لحماية مصالحها في سوريا، لتواجه الضربات الإسرائيلية فشلًا ذريعًا قد يلقى نهايته مع دخول روسيا على الخط لتغيير قواعد اللعبة.

قصف إسرائيلي متواصل

لا زالت إسرائيل تواصل قصف مواقع وأماكن داخل الأراضي السورية، كان أخرها هجومًا صاروخيًا على منطقة في محافظة حمص بالقرب من الحدود اللبنانية، فجر الخميس الماضي، وهو ما تصدت له الدفاعات الجوية السورية وأسقطت معظمها وأسفرت عن خسائر مادية.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد استهدفت الصواريخ مواقع عسكرية تابعة لحزب الله اللبناني ودمرت مستودعات أسلحة، ويعد هذا الهجوم الثاني داخل سوريا خلال أسبوع، فقد تصدت الدفاع السورية لهجوم مماثل استهدف حلب يوم الإثنين الماضي، ما أسفر عن مقتل  خمسة مقاتلين موالين لإيران ودمر قاعدة للتنظيم ومستودع أسلحة.

ومنذ اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011، نفذت إسرائيل غارات بشكل روتيني في سوريا، استهدفت في الغالب المواقع الحكومية بالإضافة إلى قوات حزب الله اللبنانية ومراكز عسكرية تابعة لإيران.

وفي المقابل، نادرًا ما تؤكد إسرائيل وقوع عملياتها العسكرية في سوريا، لكن الجيش الإسرائيلي قال إنه قصف نحو 50 هدفًا في سوريا العام الماضي، من دون تقديم تفاصيل، حيث أفادت مصادر مخابراتية لـ”رويترز”بأن إسرائيل عززت الضربات على سوريا منذ العام الماضي كجزء من حرب خفية وافقت عليها الولايات المتحدة.

وتعد هذه الضربات جزءا من سياسة إسرائيل المناهضة لإيران، وقد قوضت خلال العامين الماضيين قوتها العسكرية الكبيرة وحدت من قدرتها على تنفيذ عمليات ضد إسرائيل، بحسب الوكالة نفسها.

روسيا تتدخل

وعلى إثر استمرار الغارات، قامت روسيا بتعزيز الدفاعات الجوية السورية بمعدات حديثة، حيث من المتوقع أن يتولى الخبراء الروس الإشراف عليها، بحسب ما نقلت صحيفة “الشرق الأوسط اللندنية” عن مصدر روسي.

يأتي هذا التطور ليحمل في طياته رسائل إلى إسرائيل مفادها بأن الوضع في الأراضي السورية قد تغير ويجب التعامل مع الواقع الجديد، حيث ترغب موسكو في تحديد قواعد جديدة حيال التحرك والعمل داخل سوريا.

ووفقًا للصحيفة، فإن فتح قنوات حوار بين الكرملين والبيت الأبيض أزال عقبة رئيسية كانت تعترض تعامل روسيا مع ملف حماية المجال الجوي السوري.

التطورات الأخيرة، تعكس تحولا نوعيًا في تعامل موسكو مع الهجمات الإسرائيلية، فهي تعد مؤشرًا إلى أن موسكو «نفد صبرها» بسبب مواصلة تل أبيب تجاهل الدعوات الروسية لوضع قواعد واضحة للتعامل على الأراضي السورية.

وكان وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، وجه بداية العام، رسالة للإسرائيليين بأهمية الاتفاق على «قواعد جديدة» للتحرك في سوريا، وقال إن بلاده تحافظ على «تنسيق وثيق» مع الجانب الإسرائيلي و«ترفض استخدام الأراضي السورية ضد إسرائيل»، داعياً في الوقت ذاته، إلى عدم تحويل سوريا إلى ساحة صراع بين الأطراف الإقليمية.

يأتي ذلك في وقت صرحت فيه مصادر أمريكية لموقع “النشرة اللبناني” أن الضربات الإسرائيلية المتكررة على سوريا لن تتوقف، بل سوف تطال في القريب شريان المواصلات الذي يصل إيران بسوريا مروراً بالعراق.

تغيير قواعد اللعبة

بحسب مصادر روسية، فإن التحول الروسي الأخير له علاقة مباشرة بالمحادثات التي انطلقت مع الولايات المتحدة في أعقاب القمة الأولى التي جمعت الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن الشهر الماضي، حيث اعتمدت ردات فعل موسكو السابقة على تنسيق الجانب الإسرائيلي مع واشنطن، في الوقت الذي كانت فيه قنوات الاتصال الروسية مع واشنطن مقطوعة.

 وبدا من الاتصالات الجارية مع الجانب الأمريكي حاليًا، أن موسكو حصلت على تأكيد بأن واشنطن لا ترحب بالغارات الإسرائيلية المتواصلة، لذلك تم تصعيد اللهجة بشكل واضح ضد أي عمل عسكري إسرائيلي يستهدف سيادة سوريا، ويخالف القرارات الدولية.

من جهة أخرى، يشعر الإسرائيليون أن الهجمات الأخيرة لم تعد لها فعالية كبيرة لأن شبكة المضادات الجوية السورية تم تعزيزها أخيرًا، وأكملت موسكو هذا التعزيز بتزويد دمشق بمعدات دفاع جوية حديثة فضلا عن قيام الخبراء الروس بالإشراف عليها بشكل مباشر.

ومن ثم فإن هذا التغير في الموقف الروسي يشمل كل الأهداف المحتملة داخل الأراضي السورية، في إشارة إلى أن موسكو كانت تصمت في الغالب عند استهداف المواقع الإيرانية في حين تنتقد استهداف مواقع القيادة والتحكم ومراكز الأبحاث السورية التي تشرف عليها موسكو مباشرة.

إلى ذلك، دانت الخارجية السورية الاعتداءات الإسرائيلية التي استهدفت بالصواريخ بعض المناطق في منطقة القصير وسط سوريا، وطالبت في بيانها مجلس الأمن الدولي مجددا بأن يتحمل مسؤولياته في إطار ميثاق الأمم المتحدة، وأهمها صون السلم والأمن الدوليين، وأن «يلزم إسرائيل باحترام قراراته المتعلقة باتفاقية فصل القوات لعام 1974 ومساءلة كل الأطراف، التي تدعم الإرهاب وتشن الاعتداءات على السيادة السورية، عن إرهابها وجرائمها التي ترتكبها بحق الشعب السوري والتي تشكل جميعها انتهاكات صارخة لميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي».

قواعد جديدة تحيطها روسيا للدخول على خط المواجهة الإقليمية بعد حوارها الأخير مع الولايات المتحدة، لمواجهة النفوذ الصيني والإيراني ويعزز في الوقت ذاته نفوذها داخل سوريا التي تواجه أحداثًا ساخنة منذ 2011، وتصبح بنهاية المطاف عرابة الحل بعد فشل العديد من المحادثات الدولية لإنهاء الأزمة.

ربما يعجبك أيضا