زحف ميليشيات إلى تيجراي.. هل يدفع إثيوبيا إلى حرب أهلية

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي

خطوات تصعيدية قد تجر الدولة المتناحرة إلى دوامة من الحرب الأهلية، فقد آثار إعلان ميليشيا محلية من أقاليم عدة الزحف إلى تيجراي لأجل استعادة الأمن والنظام في ظل انتصارات محسوبة لميليشيا الإقليم على الجيش الإثيوبي الذي تلقى خسائر في العدة والعتاد، فضلًا عن ألوف الأسرى، فهل تحول تلك الخطوة من جانب الأقاليم للتدخل البلاد لحرب أهلية؟.

تشهد الساحة الإثيوبية مؤخرا عمليات حشد لقوات خاصة وميليشيات من عدد من المناطق إلى إقليم تيجراي لدعم العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات الحكومية. وأثار هذا الأمر الكثير من المخاوف حيال اتساع رقعة الصراع في الإقليم المضطرب ودفع البلاد إلى هاوية حرب أهلية كاملة.

حشود

تحارب قوات نظامية من منطقة الأمهرة المتاخمة لجنوب تيجراي، إلى جانب القوات الحكومية منذ أن بدأ رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد العمليات العسكرية في تيجراي في نوفمبر الماضي.

لكن الآن تنضم قوات نظامية وغير نظامية من ست مناطق أخرى إلى صفوف القوات الحكومية، رغم أنها لم تكن منخرطة من قبل في الصراع في تيجراي.

ومن المناطق الست منطقة أوروميا وهي الأكثر اكتظاظًا بالسكان في إثيوبيا، وكذلك منطقة سيداما والمنطقة التي يُطلق عليها “المنطقة الصومالية” فضلا عن منطقة “الأمم والجنسيات والشعوب الجنوبية” التي تعرف اختصارا باسم SNNPR

يشار إلى أن نظام الحكم في إثيوبيا ذات طابع فيدرالي إذ تنقسم البلاد إلى عشر ولايات إقليمية على أسس عرقية تتمتع بالحكم الذاتي إلى حد كبير فيما يملك كل إقليم قوات خاصة بالإضافة إلى ميليشيات محلية تتشكل في الغالب من مزارعين تشبه إلى حد كبير وحدات الحراسة.

وفي ذلك، نقلت وكالة فرانس برس عن سيمينهي أياليو – مسؤول في منطقة غوجام في أمهرةـ قوله “لقد أرسلنا أكثر من ألفي من عناصر الميليشيات إلى جبهة القتال”.

ويثير هذا الأمر تساؤلات حيال عدد الميليشيات المحلية التي ستدخل ساحة المعارك في تيجراي، ولاسيما عقب تزويد عناصر الميليشيات الإقليمية ببنادق كلاشينكوف وربما حصلوا على تدريب بدائي للغاية، بسبب أن الحرب في تيجراي قد أنهكت القوات الفيدرالية، لكن المأساة أن أفراد هذه الميليشيات ربما يُنظر إليهم باعتبارهم وقودا للحرب، لذا يمكن أن نتوقع معدلا كبيرا من الضحايا إذا لم ينشقوا أو يستسلموا بأعداد كبيرة.

أمهرة يعلن التعبئة

حضّ حاكم إقليم أمهرة الإثيوبي، أجيجنهو تيشاغر، الأحد، سكان المنطقة ممن لديهم أسلحة على مقاتلة المتمرّدين في إقليم تيجراي، واصفاً الأمر بأنه “حملة للحفاظ على وجودهم”، وفق الإعلام الرسمي.

ومنطقة أمهرة محاذية لتيجراي لجهة الجنوب، ويدور بينهما منذ عقود نزاع حول أراض أصبح في صلب النزاع الدائر في الإقليم منذ ثمانية أشهر.

وكان آوول أربا، رئيس منطقة عفر الواقعة شرقي تيجراي، قد أطلق الجمعة موقفاً مماثلاً، ويسلّط الموقفان الضوء على مخاطر تمدد النزاع الدائر في تيجراي إلى بقية مناطق إثيوبيا.

وقال حاكم منطقة أمهرة: “اعتباراً من (الاثنين)، أدعو السكان الذين بحوزتهم أسلحة إلى التعبئة سواء على المستوى الحكومي أو الفردي في إطار حملة للحفاظ على وجودهم”.

وأوقعت هذه الحرب آلاف القتلى، وفق الأمم المتحدة. وهذا الشهر حذّر مساعد الأمين العام للشؤون الإنسانية بالوكالة راميش رجاسينغام من أن أكثر من 400 ألف شخص في الإقليم “باتوا يعانون من المجاعة”.

بدأت إثيوبيا حربا في إقليم تيجراي، في نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي، وأكدت وقتها أنها ترد على هجمات قامت بها جبهة “تحرير شعب تيجراي” ضد الجيش الإثيوبي، متعهدة بأنها لن تأخذ وقتا طويلا، إلا أن تبعات هذه الحرب ما زالت ممتدة.

قُتل الآلاف وأُجبر نحو مليوني شخص على ترك ديارهم في تيجراي بعد اندلاع الصراع بين الجبهة والجيش الإثيوبي، ودخلت قوات من إقليم أمهرة المجاور وإريتريا الحرب لدعم الحكومة، ونجحت أديس أبابا في طرد الجبهة من أغلب المناطق وعلى رأسها عاصمة الإقليم.

تجدد الصراع مع عمليات فرز الأصوات في أعقاب الانتخابات الإثيوبية العامة، التي جرت منتصف الشهر الماضي، دون التصويت في منطقة تيجراي الشمالية وأجزاء أخرى مضطربة، ومع ذلك، اعتبر آبي أحمد هذه الانتخابات “يوما تاريخيا لإثيوبيا”.

وأشارت التقارير الإعلامية التي كشفت عن تجدد المواجهات العسكرية في تيجراي الإثيوبي، بين جبهة تحرير الإقليم وقوات الجيشين الإثيوبي والإريتري، إلى تعرض الطرفين الأخيرين لخسائر متتالية في أماكن متفرقة من المنطقة الشمالية، قبل أن تتمكن الجبهة من استعادة السيطرة على الإقليم.

في وقت سابق، استعرضت قوات إقليم تيجراي آلاف الأسرى من الجيش الإثيوبي، وهم يمشون وسط حشود تحتفل بالانتصار، وطرد القوات الحكومية من المدينة، وأعلنت رفضها وقف إطلاق النار إلا إذا انسحبت قوات إريتريا والأمهرة- اللتين تدعمان الجيش الإثيوبي- من المنطقة.

ربما يعجبك أيضا