الإخوان إلى القاع مجددًا .. عندما يتهاوى أعداء الدولة الوطنية

كتبت – علياء عصام الدين

تعد فكرة الدولة الوطنية والإيمان بها أو الكفر بمفرداتها أساس نجاح أو سقوط أي فصيل سياسي.

وقد أجمع خبراء السياسة على مدار عقود وأكدت على ذلك شواهد التاريخ أن الإسلام السياسي قد عجز عن إثبات نفسه ببساطة كونه يضفي قدسية على ممارساته من جانب ويكفر بفكرة الدولة الوطنية من الجانب الآخر.

ويتكرر السيناريو مرة تلو الأخرى ليثبت للجميع أن منطلقات الإخوان على اختلافهم تتمثل في استخدام المفردات البراقة والشعارات الرنانة كالشرعية والصندوق والديمقراطية ككلمات حق يراد بها باطل فسرعان ما تحول الرئيس المدني إلى دكتاتور انقلابي ومنتهك للدستور وهو الجامعي المختص في القانون الدستوري!

فبعد قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد التي جاءت استجابة لإرادة الشعب التونسي الذي عانى الأمرين على مدار السنوات الأخيرة، انطلقت أبواق الإخوان وتهافت المنتمون لهم إلى المنابر الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي للعويل على الديمقراطية المنتهكة والدستور المغتصب في تمثيلية المظلومية المعتادة المنتهية الصلاحية.

لقد كانت هذه النتيجة التي توجها الرئيس التونسي بجملة قرارات تنحاز للشعب نتيجة حتمية لما قامت به أغلب مكونات الحكومة المجمدة من تحالفات وسرقة وانتهاك وتلاعب بثغرات الدستور مع غض طرف أعضاء النهضة عن مطالب الشعب.

فقد عجزت حركة النهضة عن السيطرة على وباء كورونا وتوفير الأدوية، واللقاحات اللازمة لعلاج المرضى، وتدخلت عدة دول للمساعدة والأدهى من ذلك أصبحت أرواح المواطنين لعبة ومحل خلاف بسبب التنازع غير المسؤول بشأن إجراءات مقاومة الوباء وهو ما ضاعف من الأزمة، وكشف قصور الجماعة التي لا يهمها سوى السيطرة والتفرقة وتضييع طاقة المواطنين في مهاترات سياسية تحت مظلة الديمقراطية والثورة.

ولم يعد خافيًا أن منطلقات الإخوان وحركات الإسلام السياسي واحدة وهي توظيف الانتهازية السياسية لخدمة المصلحة الشخصية المزينة بحلم الأمة الإسلامية المتخيلة، ولن تراوح مشاريع الإخوان مكانها لإخفاقاتهم المتتالية وانكشاف نواياهم وتقلبات مواقفهم وخطاباتهم وقدرتهم الجبارة على التلون والقفز من خندق إلى خندق وهو ما بات مفضوحًا، فضلًا عن تحالفاتهم الصارخة والواضحة مع أعداء الأوطان واستقوائهم بتركيا وعجزهم عن تقديم نماذج اقتصادية واجتماعية مثالية للحكم، وعجزهم عن كسب ثقة المواطنين والنخب الفكرية والثقافية.

إن معيار نجاح أي نظام سياسي هو أمن المواطن ورضاه ورفاهيته وثقته في قيادته في حاضره ومستقبله وقبل كل ذلك إيمان هذا النظام بفكرة الوطنية وأن الدين لله والوطن للجميع وهو ما فشلت نظم الإسلام السياسي في تحقيقه.

ولعل تحرك الشعب التونسي للمطالبة بالتغيير وإنهاء عهد الإخوان، فرصة أخيرة لإنقاذ تونس من كارثة اقتصادية وشيكة كانت نتاج إهمال وانشغال الجماعة بمعارك هامشية على حساب الوطن.

لقد أثبتت كل التجارب أن طريق الإصلاح في عالمنا العربي هو الطريق الأمثل وأن التغيير لا بد أن يتم من داخل الدولة (الوطنية) ومؤسساتها، وأنه لا مكان بيننا لتجار الدين، فهنيئًا لتونس نجاتها من نير النهضة ولتكن دائمًا الإجابة (تونس).

ربما يعجبك أيضا