تحورات كورونا.. هل ستمكن الاقتصاد العالمي من مواصلة التعافي ؟!

authoraccount201

رؤية

كتبت: أسماء فهمي

استيقظ العالم مع بدايات عام 2020 على صدمة هزت أركان الاقتصاد العالمي وتسببت في آثار صادمة لمعظم اقتصادات العالم، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية بشكل رسمي في مارس 2020 أن كوفيد-19 حالة طوارئ صحية عالمية، تطورت حالة الطوارئ إلى أزمة صحية عامة عالمية وأزمة اقتصادية أثرت على الاقتصاد العالمي البالغ 90 تريليون دولار.

مساعي حكومية للحد من الأزمة

 تبنت الحكومات سلسلة من الإجراءات تتألف في البداية من سياسات نقدية هدفت إلى استقرار الأسواق المالية وضمان تدفق الائتمان، في المرحلة الثانية، تحولت الإجراءات المتعلقة بالسياسات إلى تدابير مالية تهدف إلى استدامة النمو الاقتصادي حيث تبنت الحكومات الحجر الصحي وتدابير التباعد الاجتماعي، في المرحلة الثالثة ، تحولت السياسات الحكومية إلى تطوير وشراء وتوزيع اللقاحات.

ومع تطور الآثار الصحية والاقتصادية واستمرارها، أصبحت مراحل الإجراءات الحكومية أقل تأثيرا فتم إلحاق الجهود المبذولة لتطعيم السكان بضخ المزيد من الإجراءات المالية الإضافية للحفاظ على دخل الأسر.

النمو الاقتصادي العالمي بين الانتكاس والانتعاش

وفقاً لصندوق النقد الدولي، فقد شهدت اقتصادات الدول المتقدمة والأسواق الناشئة والاقتصادات النامية انخفاضًا حادًا في معدلات النمو الاقتصادي، كما جائت مؤشرات التجارة العالمية بالسالب، ويبين الجدول التالي تطور معدلات النمو الاقتصادي العالمي وحجم التجارة العالمي:

image 8

يبين الجدول السابق تحقيق العالم لمعدلات نمو اقتصادي متراجعة خلال عام الجائحة 2020، إلا ان التوقعات تشير إلى تحسن الاقتصاد العالمي مع انتشار اللقاحات ضد كورونا،  فمن المتوقع أن يصل معدل النمو للاقتصادات المتقدمة ما يعادل 5.6% بنهاية العام الحالي 2021 و 4.4% عام 2022، وذلك مع توقع انتعاش الاقتصاد الامريكي بفعل ضخ مزيد من الاستثمارات وتحسين الوضع الصحي وبالمثل في اقتصادات أوروبا فرنسا وألمانيا وإيطاليا وأسبانيا.

وبالنسبة للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية فقد حققت تراجعاً في معدلات النمو من 3.7% عام 2019، لتصل إلى -2.1% عام 2020 خلال سنة الجائحة، لتعاود الاقتصادات لمعدلات نمو إيجابية تصل إلى 6.3% عام 2021 و 5.2% عام 2022، إلا أنه تشكل ارتفاع معدلات الإصابة بكوفيد-19 في بعض البلدان الاسيوية تهديداً على نمو النشاط الاقتصادي لتلك الدول.

كما تظهر بيانات الجدول السابق تأثر حجم التجارة العالمية بشكل سلبي لتصل إلى -8.3% خلال عام 2020، إلا أنه هناك توقعات بأن تتحسن معدلات نمو حجم التجارة العالمية لتصل إلى 9.7% عام 2021، و 7% عام 2022.

ضغوطات سعرية وارتفاع في معدلات التضخم  والبطالة

من المتوقع أن يستمر التضخم العالمي في الارتفاع خلال الفترة المتبقية من العام الجاري، ومع ذلك ، من المتوقع أن تظل ضمن النطاق المستهدف لمعظم البلدان، وبالنسبة لاقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية فإنه يرتفع فيها التضخم فوق الهدف بسبب أرتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية وبالتالي ارتفاع تكلفة الاستيراد مع تذبذب أسعار الطاقة، كما تسارعت معدلات التضخم بالولايات المتحدة الأمريكية أيضاً خلال الجائحة، وبصفة عامة فإن صندوق النقد الدولي يتوقع أن تستمر معدلات التضخم مرتفعة حتى عام 2022.

وبالنسبة لمعدلات البطالة، فإن أزمة سوق العمل التي أحدثها جائحة كوفيد-19، أدت إلى أن نمو التوظيف لن يكون كافياً لتعويض الخسائر التي تكبدتها حتى عام 2023 على الأقل ، وفقاً لتقييم جديد أجرته منظمة العمل الدولية.

هذا و تشير توقعات العمالة العالمية والتوقعات الاجتماعية الصادرة عن منظمة العمل الدولية إلى أن “فجوة الوظائف” الناجمة عن الأزمة العالمية ستصل إلى 75 مليون في عام 2021، وستنخفض إلى 23 مليونًا في عام 2022، ويأتي هذا النقص في التوظيف وساعات العمل على رأس مستويات البطالة المرتفعة باستمرار قبل الأزمة ، بجانب نقص العمالة وظروف العمل السيئة.

ومن المتوقع أن تصل البطالة العالمية إلى 205 ملايين شخص في عام 2022 ، متجاوزة بشكل كبير مستوى 187 مليونًا في عام 2019.

أيضاً هناك توقعات بأن يتسارع الانتعاش العالمي للعمالة في النصف الثاني من عام 2021 ، شريطة ألا يتدهور الوضع العام للوباء، ومع ذلك ، سيكون هذا متفاوتًا، بسبب عدم المساواة في الحصول على اللقاح والقدرة المحدودة لمعظم الاقتصادات النامية والناشئة على دعم تدابير التحفيز المالي القوية. علاوة على ذلك، من المرجح أن تتدهور جودة الوظائف المستحدثة في تلك البلدان.

وبشكل عام فإنه بالرغم من محاولة اقتصادات العالم انتهاج سياسات عاجلة لدفع اقتصاداتها للنهوض من جديد إلا أنه على العالم أن يستنفر قواه لمزيد من الحماية الاقتصادية والاجتماعية والصحية، فيبدو أن تداعيات الأزمة الصحية لم تنتهي بعد، وذلك بعد اكتشاف تحورات في سلالة كورونا والتي تجعل منه أكثر خطورة وانتشاراً.

ربما يعجبك أيضا