قيس سعيد يتبع سياسة المراحل للتخلص من أخطبوط الإسلام السياسي

مراسلو رؤية

رؤية – كريم بن صالح

مثلت الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي يوم 25 يوليو الجاري ضربة قاضية لنفوذ الإسلام السياسي والمتحالفين معه بعد أن اعتقدوا بأن الرئاسة التونسية غير قادرة على إحداث تغيير حقيقي لعدة اعتبارات من بينها ضعف صلاحيات الرئيس وتغول حركة النهضة على مفاصل الدولة.

لكن قيس سعيد قلب الطاولة على الإسلاميين وحلفائهم بإعلانه الإجراءات الاستثنائية وفق الفصل 80 من الدستور واتخاذ جملة من القرارات أبرزها تجميد البرلمان ورفع الحصانة عن النواب وتولي النيابة العامة “السلطة القضائية” وحل الحكومة وإقالة رئيسها هشام المشيشي.

ورغم النقاشات المستمرة حول تجاوز قيس سعيد للفضل 80 ببعض الإجراءات المتخذة لكن المتمعن في المشهد السياسي يلاحظ أنه لا يمكن تغيير الواقع المتردي للتونسيين ومواجهة حالة الانحدار والتصدي للفاسدين إلا عبر اتخاذ جملة من الإجراءات القوية والفعالة.

تطهير الأمن والقضاء من الإسلام السياسي

ويلاحظ أن الرئيس التونسي بدا بالتدرج وعبر المراحل فك سيطرة حركة النهضة على مفاصل الدولة وذلك عبر عزل عدد من المسؤولين الجهويين المحسوبين على الحركة وإقالة بعض القيادات الأمنية التي توصف بأنها اليد الطولى في وزارة الداخلية وفي مقدمتهم المدير العام للمصالح المختصة لوزارة الداخلية “الأزهر لونقو” الذي تعرض لانتقادات كبيرة بسبب تستره على ملفات الحركة.

كما تعمل أجهزة الدولة بدفع من الرئاسة على تطهير القضاء من بعض القضاة المحسوبين على النهضة والمتهمين بالدفاع عنها والتستر على بعض الملفات المتعلقة بالإرهاب والفساد.

ولعل وضع القاضي بشير العكرمي المحسوب على الإسلام السياسي في الإقامة الجبرية بسبب اتهامه بإخفاء ملفات مرتبطة بالإرهاب ومنها اغتيال المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وآلاف الملفات المتعلقة بالجهاديين بداية حقيقية لفتح كثير من الملفات التي كانت مغلقة في ظل حكم النهضة.

ويقول مؤسس التيار الديمقراطي محمد عبو إنه لا يمكن مواجهة تغول النهضة وإنقاذ الدولة دون المرور لإجراءات قوية مؤكدا أن من يعتقد أن الإجراءات الاستثنائية للرئيس هو انقلاب على الدستور تناسى دور النهضة في انتهاك فصول دستور 2014 طيلة سنوات من حكمها معتمدة على أغلبيتها التي مكنتها من تمرير قوانين غير دستورية وتضر بالشعب التونسي.

ورد عبو على بعض الحقوقيين الرافضين للإجراءات الاستثنائية قائلا: “بأن التغيير لا يمكن أن يكون من داخل منظومة فاسدة”.

ومن بين جهود قصقصة أجنحة الإسلام السياسي وإضعافه عمد قيس سعيد إلى فرض تطبيق بعض القرارات القضائية ضد عدد من النواب الذين صدرت بحقهم أحكام باتة لكنهم تمسكوا طيلة حكم النهضة بالحصانة للتفصي من العقاب.

ومثلت خطوة سعيد برفع الحصانة عن النواب ومن بينهم المقربين من النهضة بداية كذلك لإضعاف التيار الإسلامي الذي اتهم بتحويل البلاد إلى غنيمة.

وألقت قوات الأمن القبض على النائب ياسين العياري الذي صدر ضده حكم بات بالسجن مدة شهرين لكنه لم ينفذ كما اعتقلت الأجهزة الأمنية النائب عن ائتلاف الكرامة ماهر زيد الذي صدر ضده كذلك حكم بات بالسجن ولم ينفذ في ظل حكم الإسلام السياسي.

وحالت النهضة إدانة قيس سعيد عبر اتهامه باستغلال القضاء والأمن لتصفية حساباته السياسية لكن هذه الردود لم تلق آذانا صاغية لدى التونسيين حيث نفت مؤسسة الرئاسة أن يكون لها دور في إلقاء القبض على النواب وأن الأمر متعلق بأحكام باتة.

سعيد مصمم على المضي في سياساته بتدرج لكن بثبات

ويظهر جليا أن قيس سعيد الذي ظل منذ قبل انتخابه رافضا للنظام السياسي ولمنظومة الحكم لا يزال مستمرا في نهجه من أجل تحرير البلاد من سطوة الإسلاميين وحلفاءهم من الفاسدين وذلك من خلاله رفضه لدعوات أطلقها رئيس النهضة راشد الغنوشي للحوار والإصرار على تطهير أجهزة الدولة من الإخوان.

ولا يستبعد مراقبون أن يلجأ قيس سعيد إلى الاستفتاء المنصوص في الدستور لإلغاء النظام السياسي الحالي والمرور إلى نظام رئاسي يمنح الرئيس مزيدا من الصلاحيات التي تمكنه من القضاء على الفساد وإنقاذ البلاد من الإسلام السياسي.

ولعل الحديث عن خارطة طريق جديدة دليل على أن الرئيس يريد طوي ملف الإسلام السياسي والمرور إلى انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة يستند فيها إلى شعب سئم من انتهاكات حركة النهضة.

ويشعر الإسلاميون أنهم في مأزق حقيقي حيث إنهم فقدوا تأييدهم الداخلي كما أن محاولاتهم للاستقواء بالخارج لم تلق رواجا بل انعكست عليهم سلبا حيث حملت بعض القيادات رئيس الحركة راشد الغنوشي مسؤولية الأزمة الحالية.

وفي المقابل دعت قوى سياسية على غرار حزب الشعب حركة النهضة للاستماع إلى صوت الشعب وإصلاح سياساتها عوض تحدي رئيس الجمهورية.

وقال الأمين العام للحزب زهير المغزاوي: إن راشد الغنوشي يريد رمي أنصاره في المحرقة من أجل مطامعه السياسية.

ربما يعجبك أيضا