انطلق عهد الرئيس الإيراني الجديد.. هل انتهت المحادثات النووية مع الغرب؟

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

ربط المرشد الأعلى علي خامنئي بين أداء حكومة الرئيس الإيراني المنتهية ولايته، حسن روحاني، وبين المباحثات النووية. إذ اعتبر أن هذه المحادثات هى السبب وراء فشل هذه الحكومة في حل القضايا الاقتصادية. إذ قال خامنئي إن الولايات المتحدة لن تضمن لإيران عدم انتهاك الاتفاق المحتمل لإحياء الاتفاق النووي في المستقبل

وفي حين عقدت 6 جولات من المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي في حكومة حسن روحاني وتم تسليم الجولة السابعة للرئيس المقبل، قال خامنئي عن المحادثات: “في هذه المفاوضات، تمسك الأمريكيون بحزم بموقفهم العنيد ولم يخطوا خطوة واحدة إلى الأمام”.

ولم يشر خامنئي إلى عدم رضاه عن حكومة روحاني، لكنه قال: “أينما ربطتم الأمور بالغرب والتفاوض معه ومع الولايات المتحدة، فشلتم”.

وقد رد روحاني على تصريحات خامنئي، بقوله: “الثقة شيء.. لكن التحدث والتفاوض والاتفاق والتفاهم شيء آخر”.

وأكد روحاني أن “جميع الأمور جرت في إطار كان يريده المرشد”، مضيفا: “لم نكن نعتقد أن الأميركيين سينسحبون من الاتفاق النووي بسهولة”.

وسيطوى بذلك عهد روحاني الذي تألف من ولايتين متتاليتين (اعتبارا من 2013)، وشهد سياسة انفتاح نسبي على الغرب، كانت أبرز محطاتها إبرام اتفاق فيينا 2015 بشأن البرنامج النووي مع ست قوى كبرى (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، الصين، روسيا، وألمانيا).

وأتاح الاتفاق رفع عقوبات عن إيران، مقابل الحد من أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. لكن مفاعيله باتت شبه لاغية مذ قرر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سحب بلاده أحاديا منه عام 2018، وإعادة فرض عقوبات على طهران، انعكست سلبا على اقتصادها.

بدأت ولا ية “رئيسي”

يتولى الرئيس المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي هذا الأسبوع رسميا منصب رئيس الجمهورية، ليبدأ ولاية من أربعة أعوام يواجه منذ مطلعها تحديات معالجة الأزمة الاقتصادية والعقوبات الأمريكية والمباحثات بشأن الاتفاق النووي.

وينصّب رئيسي، الفائز في انتخابات حزيران/يونيو، رسميا غدًا الثلاثاء خلال مراسم يصادق فيها المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي على “حكم رئاسة الجمهورية”.

وسيؤدي رئيسي (60 عاما) اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى (البرلمان) الذي يهمين عليه المحافظون الخميس، في خطوة يتبعها تقديم أسماء مرشحيه للمناصب الوزارية من أجل نيل ثقة النواب على تسميتهم.

وستكون معالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العائدة بشكل أساسي للعقوبات، وزادت من تبعاتها جائحة كوفيد-19، المهمة الأولى لرئيسي الذي رفع خلال انتخابات 2021، كما في 2017 حين خسر أمام روحاني، شعارَي الدفاع عن الطبقات المهمّشة ومكافحة الفساد.

وكان رئيسي قد أكد بعد انتخابه أن أولوية سياسته الخارجية هي العلاقات مع دول الجوار.

حتى وصول “رئيسي”

خلال زيارته إلى الكويت، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، حول المفاوضات النووية مع إيران: إن عملية التفاوض مع إيران لإحياء الاتفاق النووي المُبرم في 2015 لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، مضيفاً أن الكرة في ملعب طهران.

أضاف: «نحن ملتزمون بالدبلوماسية، لكن هذه العملية لا يمكن أن تستمر بلا نهاية. في وقت ما لن تتسنى استعادة كافة المكاسب التي تحققت عبر (خطة العمل المشترك الشاملة) بالعودة إلى الاتفاق إذا واصلت إيران الأنشطة التي تقوم بها فيما يتعلق ببرنامجها النووي».

وتابع: «أبدينا بالفعل حسن نوايانا ورغبتنا في العودة إلى الالتزام المشترك بالاتفاق النووي، والكرة لا تزال في ملعب إيران وسنرى إن كانوا على استعداد لاتخاذ القرارات الضرورية للعودة إلى الامتثال».

ويعني بلينكن، أن على إيران الاستعجال للعودة لاستئناف المفاوضات النووية، فقد وصل الآن رئيسي إلى مقعد الرئاسة، وأن واشنطن ستفرض المزيد من العقوبات لإجبار طهران على فعل ذلك.

ويقول الباحث في المعهد الجامعي الأوروبي في إيطاليا كليمان تيرم لوكالة فرانس برس، إن “هدفه (رئيسي) الأساسي سيكون تحسين الوضع الاقتصادي من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والدول المجاورة”، وذلك عبر “تأسيس نظام اقتصادي يحمي النمو الاقتصادي لإيران، من الخيارات السياسية الأميركية”.

وكانت طهران قد أكدت أن التفاوض لن يستكمل قبل تولي رئيسي منصبه. ويرى تيرم أن لتأجيل استئناف المباحثات أسباب عدة من المنظار الإيراني، منها “الاظهار للجانب الأمريكي عدم وجود استعجال لدى طهران من أجل التوصل الى تسوية سريعة”.

ومن الأسباب أيضا، وفق تيرم، “السياسة الداخلية ورغبة الحكومة المحافظة الجديدة في إثبات قدرتها على نيل اتفاق أفضل من الحكومة السابقة”.

وسبق لرئيسي الذي يعد مقربا من خامنئي، التأكيد أنه سيدعم المباحثات التي تحقق “نتائج” للشعب، لكنه لن يسمح بـ”مفاوضات لمجرد التفاوض”.

تعطيل المفاوضات

أكد محللون سياسيون أن النشر المتزامن للجدل بين خامنئي وهاشمي رفسنجاني (الرئيس الراحل) حول المفاوضات مع الولايات المتحدة، على الموقع الرسمي للمرشد، والإذاعة والتلفزيون، قد يشير إلى أن خامنئي يمهد الطريق لإنهاء المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة في فيينا.

وحسب تقرير قناة إيران انترنشنال، فقد تم بث هذا الفيديو القديم لأول مرة مساء الأحد أول أغسطس/آب الجاري، عشية اليوم الأخير لحكومة حسن روحاني، على الموقع الرسمي لخامنئي، والتلفزيون الإيراني.

وفي هذا الفيديو، يقول خامنئي، في لقاء سري مع أعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام، يقول لأكبر هاشمي رفسنجاني، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام آنذاك: “أنت وروحاني ذكرتما فوائد المفاوضات فقط، ولم تذكرا الأضرار”.

ويبدو أن هذا التسريب للفيديو القديم، إلى جانب مناقشة البرلمان لـ «المبادرة الاستراتیجیة لرفع الحظر»؛ هو بهدف الضغط على المفاوضين الغربيين، والتهديد بإمكانية إنسحاب إيران من الإتفاق النووي؛ حتى يستجيب الغربيون للمطالب الإيرانية.

فقد قال المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسیاسة الخارجیة البرلمانیة الإیرانیة محمود عباس زاده مشکیني إن اللجنة ستعقد اجتماعا للتباحث حول أحدث المستجدات على صعید تنفیذ قانون «المبادرة الاستراتیجیة لرفع الحظر» البرلمانی.

وتؤكد المبادرة الاستراتیجیة لرفع الحظر على رفع الحظر تمامًا بما في ذلك المجالات النووية والعسكرية وحقوق الإنسان وما شابه ذلك، ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ من أجل إمكانية العودة للإتفاق النووي واستكمال المحادثات النووية مع الغرب.

ومن الواضح أن البرلمان الإيراني الذي يسيطر عليه المحافظون والمتشددون، سيقوم بالضغط على الرئيس الجديد، إبراهيم رئيسي؛ من أجل عدم الانخراط في محادثات نووية لا تضمن رفع العقوبات عن إيران.

ربما يعجبك أيضا