«تركيا العثمانيين الجدد».. دولة استعمارية لا تفهم لغة المصالحة!

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

في الأسبوع الأول من الشهر الماضي، يوليو/تموز، اعتبر وزير الخارجية المصري سامح شكري منع تركيا المطلوبين وعناصر جماعة الإخوان المسلمين من الظهور الإعلامي “خطوة إيجابية من قبل السلطات التركية، نحو تطبيع العلاقات بين البلدين”.

ويأتي هذا التصريح، بعد أن عقدت كل من مصر وتركيا في مايو/ أيار الماضي جولة من المباحثات “الاستكشافية” في القاهرة هي الأولى من نوعها منذ عام 2013، استمرت لمدة يومين بمشاركة نائب وزير الخارجية المصري حمدى لوزا ونظيره التركي سادات أونال، أعقبها تحسن في الأجواء الإعلامية بين البلدين والتوافق على استمرار المباحثات في جولة جديدة في تركيا.

لكن سرعان ما عادت التوترات من جديد مع مطالبة مصر بسحب القوات التركية من ليبيا وترحيل إعلاميين ومعارضين مصريين خارج الأراضي التركية، واستمرار الخلافات بشأن قضايا شرق المتوسط.

ربما الخطوة التركية تجاه القنوات الإخوانية والمعارضة ضد مصر، إيجابية من جانب تركيا؛ لكن أنقرة قامت بهذه الخطوة لصالحها أولًا بعد أن بات اسمها يتردد ضمن الدول الداعمة للإرهاب.

دولة استعمارية

حسب تقرير موقع أحوال تركية، يقول مايكل روبن، زميل أول في معهد المشاريع الأمريكية: “الحقيقة هي أن تركيا اليوم هي الدولة الإمبريالية الرائدة في العالم. قد تسعى روسيا والصين إلى اقتحام مناطق على طول حدودهما، لكن تركيا تمضي إلى أبعد من ذلك. منذ أكثر من قرن من الزمان، أجبرت القوات القومية التركية بشكل منهجي أو أبادت السكان الأرمن في شرق الأناضول. ربما يكون أحد أسباب رفض القوميين والإسلاميين الأتراك الاعتراف بأن الإبادة الجماعية هو أنها ستدين دليلهم اليوم.”

ويضيف الكاتب: “الاستعمار التركي في سوريا صارخ بنفس القدر. تجبر تركيا والميليشيات التي تعمل بالوكالة عنها السكان المحليين على أخذ الأسماء التركية، واللباس الإسلامي التركي، وتعلم اللغة التركية. حتى أن تركيا وسعت بنيتها التحتية المدنية إلى أجزاء من سوريا تحتلها. اتضح أن سوريا كانت تجربة جافة لكردستان العراق، حيث أقامت تركيا قواعد عسكرية وعمل دبلوماسيوها وعملاء استخباراتها بمثابة حكام استعماريين، بمساعدة أسرة برزاني خائفة على نحو متزايد ومستعدة لمقايضة السيادة الوطنية بالمال والعقود. في ليبيا أيضًا، يصرف الخطاب المعادي للإمبريالية الانتباه عن حقيقة أن تركيا تفعل عكس ما تدعو إليه.”

لا خروج من ليبيا

بينما يشمل اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، بعض الخطوات التمهيدية لانسحاب المقاتلين الأجانب؛ لكن هذا الجزء لم ينفذ بعد، والسبب يرجع لتركيا التي لا تعتبر قوتها ومرتزقتها متواجدة بشكل غير شرعي.

وتعتمد أنقرة على حلفائها من الإسلاميين في الداخل في حماية وجودها داخل ليبيا، واعتباره وجودا شرعيا؛ ففي ذروة الحراك الدبلوماسي الذي تقوده وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش لإنهاء الوجود الأجنبي في بلادها، ألمح رئيس مجلس الدولة الليبي خالد المشري خلال لقائه وزير خارجية إيطاليا لويجو دي مايو في طرابلس أمس الاثنين، لدعم بقاء القوات التركية في ليبيا، معتبرا أنها جاءت بشكل رسمي وبناء على اتفاقيات تعاون.

والمشري القيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين الذي أعلن استقالته من التنظيم ضمن إعادة تموقع سياسي، تطرق في حديثه مع دي مايو إلى ملف القوات الأجنبية وضرورة خروجها من البلاد، مشددا على مراعاة الأولويات والتفرقة بين القوات التي جاءت بشكل رسمي وبناء على اتفاقية تعاون وبين قوات المرتزقة غير الرسمية، وفق ما ذكر موقع بوابة إفريقيا الإخباري.

ومن المتوقع أن تعمق تصريحات المشري حول ضرورة التفرقة بين القوات الأجنبية في ليبيا، الانقسامات القائمة أصلا والتجاذبات السياسية حول هذه المسألة، بينما ليبيا في غنى في الفترة الراهنة عن أي تصدعات وسجالات سياسية قد تعطل مسار الانتقال الديمقراطي.

ويفصل ليبيا عن أول انتخابات عامة نحو خمسة أشهر وهي فترة قصيرة مقارنة بحجم التحديات الراهنة ويصعب خلالها اتمام التحضيرات للانتخابات.

ويعتبر التحايل التركي للاستمرار في ليبيا، أحد العوائق أمام عودة العلاقات المصرية التركية بشكل واسع؛ حيث تدخل ليبيا في نطاق الأمن القومي المصري.

لعبة تركية في تونس

وعلى غرار اللعبة التي تقوم بها تركيا ضد الدول الأوروبية والتهديد باللاجئين؛ سعى رئيس البرلمان التونسي الذي جمّد الرئيس قيس سعيد كل اختصاصاته ورفع الحصانة عن نوابه، إلى دفع المجتمع الدولي لممارسة ضغوط أكبر على الرئيس والتراجع عن قراراته. فقد حذر الغنوشي، من هجرات واسعة النطاق للآلاف من التونسيين نحو السواحل الاوروبية في ظل خطر توسع عدم الاستقرار في البلاد عقب إعلان الرئيس تدابير استثنائية.

وهذا التحرك يأتي بتخطيط من تركيا التي تشارك في إدارة المشهد داخل تونس؛ حيث يشعر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن خسارة حركة النهضة التونسية للحكم بفعل الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد هي خسارة شخصية له وانتكاسة جديدة للمشروع التركي في شمال أفريقيا.

أثيوبيا نموذج أذربايجان

ويبدو أن الدعم الذي قدمتها تركيا لحليفتها أذربايجان في مواجهة أرمينيا من أجل استعادة مرتفعات ناغورقره باخ؛ يسعى الرئيس التركي لتكرار هذا النموذج مع أثيوبيا المتتعثرة مع أزماتها الداخلية وحربها مع مليشيات اقليم التيجراي.

وحسب تقرير لموقع أحوال تركية؛ يظهر جليا أن أردوغان يلعب على وتر الخلافات بين إثيوبيا من جهة والسودان ومصر من جهة أخرى وهو أمر سيغضب القاهرة دون والخرطوم دون شك.

ويرى مراقبون أن حديث أردوغان عن استعداده لدعم أثيوبيا يقصد منه الضغط على مصر للتنازل في عدد من الملفات خاصة وأن القاهرة دعت مرارا إلى التصدي للنفوذ التركي في عدد من الأقطار العربية.

ربما يعجبك أيضا