انتهاء حقبة «ميسي» الأسطورية مع البلوجرانا.. واقع مرير أشبه بالمستحيل!

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

حقبة أسطورية امتدت لـ16 عامًا، تاريخ مشرف من البطولات، أرقام قياسية وإنجازات فردية وجماعية كانت قد أعلنت خضوعها لملك اللعبة الشعبية منذ أن دق أبواب النادي الكتالوني، وظهر على ساحة البلوجرانا في عام 2004، ليكن السند لحظة طلب المعونة، رافعًا آنذاك شعار فريقه عاليًا، وراسمًا البسمة والسعادة على وجه كل من انتمى لهذا الفريق.

ليونيل ميسي، النجم الأسطوري، الذي لم يتخيل أحد يومًا أن يشاهد إحدى مباريات نادي برشلونة الإسباني بدونه، قد أصبح اليوم خارج أسوار البرسا، ببيان رسمي وكلمة وداع لم تترك غير الألم والحسرة لدى مشجعي البلوجرانا، وسط ذهول تام من اكتظاظ وسائل الإعلام ومواقع التواصل بالصور والعناوين التي أكدت الخبر المرير الذي كان أشبه بالمستحيل!.

رحلة إثبات الذات

1 1

لم تكن بداية الأرجنتين مع البرسا، إلا بحكاية لاعب ارتدى قميصًا يحمل ألوان النادي الكتالوني، إذ خاض أولى مباراياته مع برشلونة أمام بورتو في 16 نوفمبر 2003، وهو عمره 16 عامًا وتحت قيادة المدير الفني فرانك ريكارد.

وفي الوقت الذي كانت فيه الآراء منقسمة حوله، أعلن الفتى الأرجنتيني الصاعد عن نفسه بظهوره اللافت وأدائه المُبهر، ليملأ خانة التوقعات التي أشارت آنذاك بأن الليو قد يشكل طفرة ما، وقد كان.

بدأ ظهور الليو، بمقاييس هولندية للمرة الأولى رسميًا، حيث أشركه ريكارد في 16 أكتوبر 2004 بأول مباراة رسمية مع الفريق، أمام نادي ألباسيتي، وترك فيها اللاعب بصمة لا تُنسى، إذ سجل هدفًا من مقصية بالتعاون مع النجم العالمي رونالدينيو.

2 3

البرهنة على الجودة قيست بتحريكه للشباك، حينها حمله رونالدينيو لتنطلق رحلته مع إثبات الذات، إذ بدأ اسم ميسي في الانتشار والتردد هنا وهناك، ومن ثم توالت السنوات وتجاوز الليو حاجز العشرين، وركز الكل على مقولة إن المردود يقاس “بالمفعول لا بالحجم”، في إشارة إلى جسمه الضئيل والنحيف.

وبالإضافة إلى ريكارد الذي ترك في عهده بصمات خالدة، التحق بالفريق فيما بعد الإسباني بيب جوارديولا، كمدرب لليو ورفاقه في البرسا، في الفترة من “2008 إلى 2012″، ليتدرج ليونيل رفقة بيب صعودًا إلى أن وصل إلى سطح التيكي تاكا، التي رفعت المستوى إلى السقف.

وطيلة حقبة جوارديولا أصبح ميسي بمثابة محرك بحث برشلونة عن الألقاب، ليحقق معه بطولتين لدوري الأبطال، وثلاث بطولات لليجا في أربع سنوات، وبعد أن غادر جوارديولا ترك ورائه إرثًا يتمثل في منظومة لاعب حمل اسم “البرغوث”، في إشارة إلى كثرة لدغاته للفرق المنافسة عن طريق أهداف خيالية ورائعة.

الثلاثي المرعب

4 1

بعد مرحلة جوارديولا، توجس الجميع من المرحلة الانتقالية القادمة، إذ خلفه الراحل تيتو فيلانوفا، وبعده تاتا مارتينو، وخلال تلك المرحلة بدأت معالم الكرة الكتالونية تفقد زواياها، ولكن ميسي بقي ثابتًا في ظل هذه التغييرات، إلى أن استلم الفريق المدرب الإسباني لويس إنريكي، وحينها ارتبط اسم برشلونة بثلاثي الرعب “ليونيل ميسي، نيمار دا سيلفا، و لويس سواريز”، الذي وضع البرسا على طريق الألقاب المحلية والأوروبية من جديد.

وحقق الفريق في عهد إنريكي، وبقيادة ميسي آنذاك، الثلاثية في موسم 2015/2014، بما في ذلك دوري الأبطال في برلين، وهي آخر لقب حققه البرسا في هذه البطولة.

ومن موسم لآخر، تناوب ميسي على تحقيق البطولات، وحصد الأرقام القياسية، رغم تغيير مدربي الفريق، ليبقي ميسي هو الشعار المضيء والدائم للبرسا.

نهاية الحكاية!

bb89d0ff9f

توالى المدربون فيما بعد، ورغم الجفاف الأوروبي للألقاب، ظل ميسي النجم الأبرز للفريق تحت قيادة إرنستو فالفيردي وكيكي سيتين، وفي الموسم الأول لرونالد كومان أيضًا.

ومنذ ذلك الحين، ساءت العلاقة بين إدارة النادي بقيادة جوسيب ماريا بارتوميو واللاعب الأرجنتيني تدريجيًا منذ رحيل نيمار عن البرسا إلى باريس سان جيرمان في 2017، ووصلت إلى ذروتها في صيف 2020 حين أرسل ميسي رسالة بالفاكس يطلب الرحيل عقب الإخفاق الأوروبي الجديد ورحيل لويس سواريز.

لم يسمح بارتوميو لميسي حينها بالرحيل، وتجنب اللاعب الطريق القانوني وبالتالي أكمل عقده الذي كان يربطه مع البرسا حتى 30 يونيو 2021.

ورغم أن الرئيس الجديد للبرسا جوان لابورتا جعل التجديد لميسي أولوية، ولكن الحالة المادية المتردية للنادي لم تسمح بتحقيق ذلك.

إذ أن التأثر المادي بدأ يظهر على الأندية الإسبانية منذ 3 سنوات، إلى أن جاءت جائحة كورونا لتكون هي الضربة القاضية التي اختصرت الطريق، لتضع جميع أندية أوروبا عامة، والليجا خاصة في ورطة كبيرة.

وفي ظل هذه التوترات، ووسط تقلبات الساحرة المستديرة التي أدارت ظهرها في العديد من المناسبات للنادي الكتالوني، كان وجود ميسي بين جدران قلعة البلوجرانا، الحل الأمثل للتخفيف عن حدة ما يحدث، لكن رغبتهم ببقائه اصطدمت بقراره الأخير، وتوديع النادي لرحيل بلا عودة!.

تفاصيل الرحيل

https cdn.cnn .com cnnnext dam assets 210805215709 pba messi

الأخبار التي انتشرت بسرعة البرق، بعد الإعلان الرسمي للنادي الكتالوني، مساء أمس الخميس الموافق 5 أغسطس من عام 2021، كانت بمثابة الصاعقة، إذ إن المؤمنون بالليو ومناصريه تمنوا أن يكون هذا ليس إلا مجرد كابوسًا مزعجًا، وسيستفيقون منه تفاديًا لأن يقال أن البرسا قد فقد اسم ميسي دائمًا وأبدًا.

لكن الحقيقة، أن القصة التي بدأت رسميًا في عام 2004 انتهت ببيان قصير قال فيه النادي أنه “رغم التوصل إلى اتفاق بين برشلونة والليو، ومع وجود نية واضحة من الطرفين لتوقيع عقد جديد، لكنه لا يمكن تحقيق ذلك بسبب العراقيل المادية والهيكلية”.

وواصل برشلونة في بيانه: “نتيجة لهذا الوضع لن يبقى ميسي في برشلونة ويأسف الطرفان على أنه لا يمكن تلبية رغبات اللاعب والنادي في النهاية.. يعبر برشلونة من أعماق قلبه عن امتنانه للاعب لمساهمته في تعظيم النادي ونتمنى له الأفضل في مستقبله بحياته الخاصة والاحترافية”.

«لابورتا» يعُلق

في تطورات الأحداث، وتعليقًا على مغادرة الليو، لم يجد رئيس برشلونة، خوان لابورتا، سوى القول بأن النجم الأرجنتيني قد “فضّل مصلحة النادي”.

وأشار لابورتا، إلى أن النادي لم يملك أي خيار سوى عدم تجديد عقد ميسي بسبب لوائح اللعب المالي النظيف لرابطة الدوري.

وأوضح رئيس برشلونة إلى أن “البلوجرانا” وميسي أرادا التوقيع على عقد جديد لكن الرواتب تمثل 110% من إيرادات النادي الحالية، وهو ما يعني أن النادي ينفق أكثر من المتوقع وهي مخاطرة مالية.

وقال لابورتا -في مؤتمر صحفي عقد صباح اليوم- “النادي أهم من أي شيء حتى أهم من أفضل لاعب في العالم”، وبيّن أن برشلونة توصل لاتفاقين مع ميسي، أولهما التجديد لعامين على أن يتم دفع الراتب على مدار خمسة أعوام، والاتفاق الثاني كان لخمسة مواسم.

وبحسب لابورتا فإن النادي لم يستطع التوقيع بسبب لوائح اللعب المالي لرابطة الدوري وأنه رفض الموافقة على اقتراح رابطة الدوري بشأن استثمارات الأسهم الخاصة من شركة “سي في سي” من أجل الإبقاء على اللاعب الأرجنتيني.

واسترسل قائلًا: “من أجل التوصل إلى طلبات رابطة الدوري كان يجب عليه الموافقة على عملية إعادة رهن النادي بشكل أساسي وهو ما كان سيؤثر على النادي على مدار 50 عامًا المقبلة من حيث حقوق البث التلفزيوني”.

وكشف لابورتا عن أن الخسائر المالية للنادي كانت ضعف المتوقع جراء تداعيات جائحة فيروس كورونا.

وأبلغ الصحفيين: “يجب علينا المضي قدمًا.. لن نحاول التوصل لحل لتطبيق معايير رابطة الدوري بتعريض النادي لخطر على مدار 50 عامًا المقبلة”.

وتابع: “توصلنا لاتفاق لكننا لم نستطع التوقيع الرسمي بسبب الوضع المالي للنادي وهو ما يعني أننا لا نستطيع تسجيل اللاعب بسبب سقف الرواتب.. لا أريد الاستمرار في الحديث عن الموقف الذي ورثناه وقرارات كارثية تم اتخاذها في الماضي، انتقلنا من سيء إلى أسوأ”.

الأجواء تشتعل حزنًا

5 1

في أعقاب هذا الخبر المفاجئ، تحدثت الصحافة الإسبانية عن كواليس “ليلة الحزن” في كتالونيا ورحيل الأسطورة الأرجنتينية عن “كامب نو”.

إذ أشارت إذاعة “كواترو” الإسبانية إلى أن أن ميسي كان سيوقع عقد التجديد لصالح برشلونة الخميس أو الأربعاء، لافتة إلى أن “البرغوث” كان قريبًا من التواجد ببطولة “كأس جوان جامبر 2021” الودية بناء على الاتفاق الذي تم بين رابطة الدوري الإسباني وصندوق CVC الأمريكي، بشأن تسجيل عقد اللاعب ومن ثم حل المشكلة.

وكشفت الإذاعة الإسبانية سببًا جديدًا لرحيل ميسي عن برشلونة بالتعليق: “من الواضح أن السيد فران ريفيرتر المدير العام لنادي برشلونة كان له تأثير كبير في عدم استمرارية ليونيل ميسي”.

ومن جانبه، علق الصحفي الإسباني الشهير ألفريدو مارتينيز الذي يعمل في شبكة “أوندا سيرو” الإسبانية على أزمة رحيل ميسي، موضحًا أنه مع لوائح رابطة الدوري الإسباني ستكون هناك مشكلات إذا لم يتم تحرير لاعبين وتخفيض رواتب بعض اللاعبين في برشلونة.

وصدم مارتينيز جماهير “البارسا” عبر تغريدة له من خلال موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” بالقول: “هذا هو الواقع القاسي لبرشلونة في ميركاتو 2021-2022″، لا ميسي ولا تعاقدات جديدة”.

أما الصحف الإسبانية، الصادرة صباح اليوم الجمعة، فقد أبدت صدمتها ودهشتها إزاء رحيل ميسي، مع التركيز على كم إنجازاته مع الفريق الكتالوني.

إذ نشرت صحيفة “ماركا” عنوانًا ذكرت فيه: “برشلونة ترك ميسي يهرب”، وأضافت في عنوان فرعي إن النادي فقد “أعظم لاعب في تاريخه”.

بينما نشرت صحيفة “موندو ديبورتيفو” عنوانًا حمل كلمات “قنبلة! ميسي سيرحل!”، وأشارت إلى أن باريس سان جيرمان الفرنسي هو المرشح الأوفر حظًا في أي صراع على ضم النجم البالغ من العمر “34 عامًا”.

كذلك، نشرت “موندو ديبورتيفو” صورة لميسي على ملعب “كامب نو” وهو يستعد لتنفيذ ضربة حرة لبرشلونة، معلقة “أن هذا المشهد قد لا يتكرر مجددًا”.

ومن جانبها، نشرت صحيفة “آس” صورة لميسي على صفحتها الأولى وهو يحدق للكاميرا، وعلقت بعبارة :”إنه لن يبقى”، وأضافت :”برشلونة يعلن أن ميسي لن يجدد ويلوم الدوري الإسباني”.

أما صحيفة “سبورت” فقد نشرت عنوانًا مبسطًا ذكرت فيه “دراما.. ميسي يغادر” وذلك مع خلفية سوداء قاتمة وصورة لميسي بوجه متأمل، بينما نشرت صحيفة “إل بريوديكو دي كتالونيا” خلفية سوداء وعنوانا يحمل كلمة “لا يصدق”.

الأرقام تتحدث

messi abschied

رغم الأخبار الصادمة، إلا أن الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي اشتعلت أيضًا بالأسطورة التي ربما لا تكرر ثانية، حيث نجد أن البرغوث قد حقق خلال مسيرته مع برشلونة العديد من الأرقام القياسية وفاز بالكثير من الألقاب التاريخية، إذ أشار النادي الكتالوني إلى أن الأسطورة ميسي حمل جميع الأرقام القياسية الرئيسية في تاريخ النادي، وامتلك أكبر عدد من المباريات مع الفريق، وسجل أكبر عدد من الأهداف، وحقق أكبر عدد من الانتصارات، والأهم من ذلك كله، أنه فاز بأكبر عدد من الألقاب في تاريخ النادي الذي يبلغ عمره 121 عامًا.

الليو بدأ مشواره رسميًا مع البرسا عام 2004، وخاض مع الفريق 778 مباراة، أحرز خلالها 672 هدفًا وصنع 305 هدفًا.

ويعد الليو هو الهداف التاريخي للبارسا، وأكثر لاعب مشاركة في تاريخ النادي، كما يعد ميسي الهداف التاريخي للدوري الإسباني “الليجا” برصيد 474 هدفًا.

وحقق ميسي العديد من الألقاب مع برشلونة، من بينها الحصول على لقب الدوري الإسباني 10 مرات، ودوري أبطال أوروبا 4 مرات.

ويعتبر ميسي اللاعب الأكثر تتويجًا بالألقاب المحلية والدولية مع أحد فرق الدوري الإسباني، بعدما فاز بـ35 لقبًا مع برشلونة، متفوقًا بفارق 3 ألقاب على أقرب ملاحقيه زميله السابق في برشلونة أندرياس إنييستا.

ويحمل ميسي رقمًا قياسيًا آخر في الليجا، حيث يعد هو اللاعب الأكثر فوزًا بالمباريات في البطولة، بعدما حقق 383 انتصارًا، فيما خاض أكبر عدد من مباريات المسابقة مع برشلونة، برصيد 778 مباراة، بفارق 11 مباراة أمام أقرب ملاحقيه زميله المعتزل تشافي هيرنانديز.

كذلك حقق ميسي مع البرسا 8 بطولات للسوبر الإسباني، 7 كأس ملك إسبانيا، 3 مرات السوبر الأوروبي، وكأس العالم للأندية 3 مرات أيضًا”.

وخلال مسيرته مع البرسا، استطاع النجم الأرجنتيني أن يكون هو الأكثر تتويجًا بجائزة الكرة الذهبية، التي يتم منحها لأفضل لاعب في العالم، بعدما حصل عليها ست مرات أعوام 2009 و2010 2011 و2012 و2015 و2019.

كما يمتلك ميسي الرقم القياسي كأكثر اللاعبين حصدًا لجائزة الحذاء الذهبي، بعدما حصل عليها ست مرات، كما حمل رقمًا قياسيا آخر تمثل في إحرازه أكثر عدد من الأهداف في مختلف المسابقات الرسمية خلال موسم واحد، وذلك عندما سجل 73 هدفًا في جميع البطولات موسم 2011 / 2012، بواقع 50 هدفًا في الدوري الإسباني، و14 هدفًا في دوري أبطال أوروبا، و3 أهداف بكأس الملك ومثلها في السوبر الإسباني وهدف في السوبر الأوروبي، وهدفين بكأس العالم للأندية.

1

كذلك حقق ميسي رقمًا قياسيًا آخر وهو امتلاكه أطول سلسلة تهديفية بالدوري الإسباني، بعدما أحرز 33 هدفًا في 21 مباراة متتالية بالمسابقة، بدءًا من المرحلة الـ11 حتى المرحلة 34 بموسم 2012/ 2013.

ويتصدر ميسي قائمة هدافي برشلونة في دوري الأبطال، برصيد 120 هدفًا، متفوقا بفارق ساحق على أقرب ملاحقيه النجم البرازيلي المعتزل ريفالدو والمهاجم الأوروجواياني لويس سواريز، لاعب أتلتيكو مدريد الإسباني الحالي، اللذين سجلا 25 هدفًا في البطولة القارية.

وما بين هذا وذاك، شاء من شاء وأبى من أبى، الأخبار هذه المرة جاءت مؤكدة وموثقة ببيان رسمي من النادي الإسباني ذاته، ليغادر ميسي معقل البرسا تاركًا ورائه إرثًا عظيمًا من الأرقام والإنجازات الخيالية التي ستظل خالدة في تاريخ الساحرة المستديرة، فضلًا عن التكهنات المنتشرة حاليًا بشأن التنبؤ بخطوة ميسي المقبلة، وأي قميص جديد سيرتدي؟!.

ربما يعجبك أيضا