«الوحش الساحر» و«تيتانيك الجبال».. حكاية المبنى سيء الحظ الذي يرفض الموت

أماني ربيع

رؤية

تبدو محطة Canfranc الكبرى الدولية للسكك الحديدية، وكأنها النموذج المثالي لسوء الحظ، إذا ما عرفنا بقصتها منذ البدايات الأولى لإنشائها.

وتقع محطة كانفرانك على الحدود بين إسبانيا وفرنسا، وتم تشييدها بالعام 1928 وأغلقت في عام 1970، وواجهت منذ المراحل الأولى لإنشائها عام 1853، مصاعب كثيرة، ولقبت بـ”تيتانيك الجبال”.

وبحسب ما أورد موقع atlasobscura، شهدت المحطة الدولية، الكثير من اشتعال الحروب إلى تفشي النار بمبانيها، ومطاردات الأجهزة المعنية بسبب عدم كفاءة المبنى ومطابقته المواصفات الأمر الذي جعلها فريسة لحالة خطيرة من التداعي.

mn mwq theguardian thn lbn f 1920

بدأت فكرة “تيتانيك أوف ذا ماونتنز” كنقطة عبور في جبال البرانس الإسبانية على الحدود مع فرنسا في منتصف القرن التاسع عشر، ولكن لم يكتمل البناء الفخم إلا في العام 1928.

كان للافتتاح شأن كبير، فقد كان الملك ألفونسو الثالث عشر ملك إسبانيا والرئيس الفرنسي غاستون دوميرغ، حاضريْن للاحتفال بتعاون جديد بين البلدين، وقد سُمع الملك ألفونسو وهو يعلق على المحطة قائلاً: “لم تعد جبال البيرينيه موجودة”.

ربطت محطة قطار كانفرانك، باو الفرنسية بسرقسطة الإسبانية، وكان مشروعاً ضخماً على طريق يمر عبر أكثر من 80 جسراً والعديد من الأنفاق كان أطولها يبلغ 8 كيلومترات في ذلك الوقت.

بدأ العمل في المحطة بالعام 1853، ليتم الانتهاء منه في عام 1928، ليظهر كمبنى عملاق يحتوي على 365 نافذة، واحدة لكل يوم من أيام السنة؛ مئات الأبواب ومنصات يزيد طولها على 200 متر، ولم يمضِ وقت طويل قبل أن تبدأ المشاكل، فيتحول Canfranc لمكان للنفايات لسنوات عديدة..

ووفقا لما نقل موقع سيدتي نت، عن موقع atlasobscura: كانت إحدى القضايا الحاسمة هي مقاييس السكك الحديدية المختلفة المستخدمة في فرنسا وإسبانيا. أصبح هذا كابوساً لوجستياً، حيث كان لا بد من نقل الركاب والبضائع من قطار إلى آخر.

ومن أهم المشاكل التي ضربت Canfranc كذلك الانهيار المالي العالمي عام 1929، ثم حريق في عام 1931، والذي تعرض له المبنى ليدمر بشكل كبير.

تلا ذلك الحرب الأهلية الإسبانية في عام 1936 التي شهدت إغلاق فرانسيسكو فرانكو جميع الأنفاق المحيطة لوقف تهريب الأسلحة.

وفي الحرب العالمية الثانية، بالعام 1942 تحولت المحطة لطريق هروب لكثير من الجنود المتحالفين، حيث استخدم الناس القطار من باو إلى سرقسطة للفرار من النازيين. واستخدم النازيون المحطة لشحن الذهب إلى إسبانيا والبرتغال، حيث حصلوا مقابل ذلك على المواد الخام الأساسية للحرب، وعندما هُزمت ألمانيا في الحرب، فرّ عدد غير قليل من المسؤولين رفيعي المستوى في النظام النازي، عبر محطة قطار كانفرانك؛ هرباً من العقاب.

ظلت المحطة تكافح وتناضل حتى عام 1970، عندما أغلقت أخيراً، عندما خرج قطار شحن محمّل بـ320 طناً من الذرة عن القضبان في الجزء الفرنسي من الخط، واكتشف القائمون أن إعادة بناء الجسر سيكون مكلفاً للغاية، ومن ثمّ فمصير كانفرانك حُدد وبدأ تجاهلها.

وتركت الواجهة المذهلة لتتعفن، حيث سقطت المباني في الخراب، وتقلصت القرية المجاورة مع تلاشي السكان، وتحولت المحطة إلى مبنى منسي يرتبط به أساطير عن الأشباح.

ومنذ العام 2017، بدأ المكان يثير انتباه السياح من جديد، حيث بدأ السياح يتجولون حول المحطة المتداعية، مفتونين بجزء من التاريخ الصناعي، كما عادت خدمة قطار محدودة للغاية، لتعود المحطة للحياة من جديد.

 ويبدو أن “الوحش الساحر”، كما وصفوه يرفض الموت، وبفضل استثمار جديد قيمته 27 مليون يورو (46 مليون دولار نيوزيلاندي)، من المقرر أن يعود Canfranc للحياة مرة أخرى كفندق من فئة الخمس نجوم ومركز مؤتمرات.

وبحسب صحيفة الجارديان، تمت الموافقة على أن يتحول مبنى المحطة لفندق 5 نجوم، من 104 غرف، صممه المهندسان المعماريان JoaquínMagrazó وFernando Used، حيث ستبقى الواجهة بزخارفها الكلاسيكية الرائعة، وسيتم بناء محطة قطار جديدة خلفها.

كما سيتم إعادة فتح نفق Somport الذي يربط بين إسبانيا وفرنسا؛ بهدف إنشاء خط ومحطة Canfranc التشغيلية بحلول عام 2026، وسيضم الموقع كذلك مركزاً للمؤتمرات يتسع لـ200 مقعد، ومتحفاً للسكك الحديدية ومتاجر.

ربما يعجبك أيضا