انتهاكات لا حصر لها للمليشيات الحوثية.. والمبعوث الأممي الجديد في مأزق

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

على طريقتها المعهودة وأساليبها الإرهابية، مليشيات الحوثي تقوض عملية السلام في اليمن قبل أن تبدأ، وذلك بالتزامن مع تعيين المبعوث الأممي الجديد “هانس جروندبيرج”، لتؤكد من خلال جملة من الدلالات أن تلك المليشيات المدعومة من إيران ليس لديها رغبة جدية لإيجاد حل للأزمة اليمنية المستمرة منذ سنوات، فضلًا عن عدم وجود ما يرغمها من قبل المجتمع الدولي للسير في عملية السلام، فإلى متى سيظل العالم صامتًا أمام الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها المليشيا المسلحة بحق اليمنيين ودول الجوار؟

انتهاكات لا حصر لها

تزامنًا مع تنصيب المبعوث الأممي الجديد لليمن “هانس جروندبيرج”، ارتكبت مليشيا الحوثي أكثر من 60 خرقًا وانتهاكًا للهدنة الأممية في محافظة الحديدة خلال يوم واحد، حيث وثقت القوات المشتركة اعتداءات الحوثيين عبر إطلاق طائرات مسيرة وشن هجمات بالمدفعية والأسلحة المتوسطة والقناصة.

الانتهاكات استهدفت الملاحة البحرية في بابا المندب عبر محاولتها استهداف سفينة تجارية سعودية بطائرة مسيرة، كما استهدفت أراضي سعودية بالمسيرات لولا تصدي قوات التحالف العربي.

فيما بينت إحصائية محدّثة لإجمالي انتهاكات المليشيا الحوثية أنها أطلقت 383 صاروخًا باليستيًّا و690 طائرة مسيرة و79 زورقًا مفخخًا، وكذلك زرعت المليشيا الحوثية 205 ألغام بحرية، وأطلقت 96912 مقذوفًا، وانتهكت وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة اليمنية 30527 مرة.

وفي الداخل اليمني، كشفت تقرير لمنظمة “ميون” لحقوق الإنسان والتنمية عن مقتل 640 طفلًا ممن جندتهم مليشيا الحوثي الإرهابية للقتال في صفوفها خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، فيما يقدر عدد الجرحى 3400 طفل، خلافا للقتلى الذين لم يتم الإعلان عن أسمائهم.

وبين التقرير أن الحوثيين يجبرون الأطفال على تنفيذ مهام كالقتال المباشر، ونقل الإمداد وجمع المعلومات، وزراعة الألغام، وقيادة السيارات والدراجات النارية، وبناء التحصينات والخنادق، ومرافقة القيادات والمشرفين، وكذلك العمل في نقاط التفتيش، وتعرضهم للقتل أو الأسر، والإصابات بعاهات مستديمة، بالإضافة إلى تحويل المدارس إلى ثكنات عسكرية وتفخيخ بعضها ونسف أخرى، والتي  تعد من الانتهاكات والجرائم الأكثر وحشية ويمثل هذا الاعتداء جريمة حرب متكاملة الأركان وحظر القانون الدولي تدمير الممتلكات.

تصعيد يحمل في طياته دلالات عدة، أبرزها أن المليشيات الموالية لإيران لا تجد من يرغمها للسير في عملية السلام ومن ثم إفساح المجال أمام تمكينها من بعثرة أوراق الحل كلما كانت هناك مبادرات، ليبدو واضحًا أمام العالم أجمع أن الجهود الحالية في التعامل مع الانتهاكات الحوثية مصيرها الفشل المحتوم، وهو ما بدا واضحًا مع تعيين المبعوث الأممي الجديد، وما سبقه من جولة لوزير الخارجية الأمريكي بلينكن أنتوني للرياض.

رفض حوثي وترحيب يمني لعملية السلام

قبل أي تحركات للبدء في عملية السلام باليمن، جددت المليشيات الحوثية الانقلابية رفضها الانخراط في آي محادثات حول عملية السلام في اليمن، لتؤكد من جديد إصرارها على إفشال الجهود الدولية لإيجاد تسوية للأزمة اليمنية المستمرة منذ سنوات.

الرفض الحوثي تضمن وضع اشتراطات كانت من أسباب فشل المحادثات السابقة وكذلك المبادرة السعودية وتحركات المبعوث الأمريكي. اشتراطات تمثلت في فتح المطارات والموانئ دون أي قيود أو رقابة أممية أو من قبل التحالف العربي وهو ما يعني السماح بتدفق لا محدود للدعم العسكري الإيراني إلى الميليشيات .

وفي المقابل، تقوم المليشيات بمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى تعز وغيرها من المدن اليمنية التي تواجه أوضاعًا مأساوية، الأمر الذي دفع بالمبعوث الأممي السابق مارتن جريفيث لإعلان نهاية مهامه بفشله في إقناع المليشيات الحوثية بالانخراط في محادثات سلام تنهي سنوات من الحرب والمعاناة لليمنيين.

وبالتزامن مع الرفض والتعنت الحوثي، رحبت المملكة العربية السعودية والحكومة الشرعية في اليمن بتعيين السويدي هانس جروندبيرج، مبعوثا خاصا للأمم المتحدة إلى اليمن.

وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أكد استمرار دعم المملكة للجهود الرامية إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، وإنهاء معاناة الشعب اليمني بما يحقق أمنه واستقراره.

من جانبه، جدد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، رغبة حكومته الدائمة نحو السلام، مؤكدًا مواقفها الواضحة والصريحة في هذا الصدد وتجاوبها وتفاعلها الدائم مع كل مبادرات السلام الرامية لحقن الدماء وإنهاء انقلاب المليشيات الحوثية الإيرانية وتبعاتها الكارثية على اليمن والمنطقة بصورة عامة.

هل ينجح المبعوث الأممي الجديد في مهامه؟

وفقا لمكتب الأمم المتحدة باليمن، فإن المبعوث الأممي الجديد سيسعى لاستئناف عملية الانتقال السياسي السلمية بقيادة يمنية وَفق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني لعامي 2013-2014، لكن كثير من المحللين يرون أن دورَ أي مبعوث أممي سيظل محدوداً، لأن الحل يعتمد على جاهزية الأطراف للتحرك صوب السلام، في حين يتعين على المبعوث الجديد عدمَ تكرار أخطاء أسلافه.

وأبرز تلك الأخطاء التي يتوجب تلافيها، هو مخالفةُ الحوثيين  للقرار الأممي 2216 الصادر في أبريل 2015 والذي يقضي بالامتناع عن الإجراءات الأحادية ويطالب الحوثيين بسحب قواتهم من جميع المناطق التي سيطروا عليها بما في ذلك العاصمة صنعاء.

ولذا يتعين على المبعوث الأممي الجديد حل بعض الملفات العالقة وأبرزها وقفَ الهجوم الحوثي على مأرب، وفكَ حصار تعز الممتدٍّ لأكثرَ من 6 سنوات، وإشراكَ منظمات المجتمع المدني الحقيقية في عملية السلام باليمن.

بالإضافة إلى ذلك هناك إجماع دولي وإقليمي على ضرورة ممارسة الضغط على جماعة الحوثي للقبول بالمبادرة السعودية لإنهاء الحرب والتعامل بحزم مع الممارسات الحوثية لما تمثله من تهديد للأمن الدولي، في ظل استمرار عرقلة المليشيات لأي مساع للتهدئة.

وبحسب التوقعات، فإن الحوثيين لن يقبلوا بأي مبادرة دولية خشية تقليل نفوذهم، ومن ثم فإن المحاولات الحثيثة من قبل المجتمع الدولي لإجبارهم على الجلوس على طاولة المفاوضات لن تؤتي ثمارها، حيث يرى بعض المحللون بأن الخيار يكمن في الحل العسكري لاسيما وأن هناك استقطابًا إيرانيًا كاملًا لهذه المليشيا لتشكيل حزب الله جديد في اليمن كما في لبنان وغيرها.

ربما يعجبك أيضا