تحالف «الأورومو» و«التيغراي» العسكري.. ضربة موجعة لآبي أحمد

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع ما وصلت إليه الأوضاع في إثيوبيا، فآبي أحمد علي من رجل للسلام وداعية للمصالحة الذي نال بسبب جهوده تلك جائزة نوبل للسلام، تحول في سنوات إلى داعية للحروب وإثارة النعرات العرقية بين أبناء الشعب الإثيوبي.

واليوم تلقى آبي أحمد ضربة ليست موجعة لحكومته والجيش الإثيوبي فحسب، بل ولوحدة إثيوبيا كدولة فجبهة تحرير تيغراي وجيش جبهة تحرير أوروميا تحالفا لقتال الحكومة الإثيوبية بقيادة آبي أحمد ومعه مليشيات الأمهرة، والأورومو عرقية تشكل غالبية سكان إثيوبيا وغالبية الأورومو من المسلمين).

ولا شك أن انضمام العفر والصومال الإثيوبي (أوغادين) لهذا التحالف إن تم، سيعجل بنهاية آبي أحمد وحكومته وجيشه.

ولا ننس أن الجرائم التي ارتكبها الجيش الإثيوبي والجيش الإرتري في تيغراي بشهادة الدول الغربية وكافة المنظمات الحقوقية في العالم ساهمت في انضمام عشرات الآلاف من التيغراي لجبهة تحرير تيغراي للانتقام لـ70 ألفا من المدنيين الذين قتلوا على أيدي تحالف آبي أحمد – أسياسي أفورقي ومليشيا الأمهرة.

وللتذكرة فإن ما حدث حذرنا منه في بداية الصراع بين جبهة تحرير تيغراي والجيش الفيدرالي الإثيوبي التابع للحكومة المركزية في أديس أبابا، وقلنا حين اكتساح الجيش الإثيوبي لقوات جبهة تحرير التيغراي إن الصراع لم ينته بعد، وإن والحرب الأهلية في إثيوبيا إن امتدت وتوسعت، ستزعزع استقرار القرن الأفريقي، وكافة أقاليم إثيوبيا، فإثيوبيا أصلا على صفيح ساخن، وتعاني من مشكلات كبيرة سياسيا واقتصاديا، ووقلنا قبل شهور إذا لم يستطع الجيش الإثيوبي حسم المعركة سريعا، فإن النزعة الانفصالية ستندلع لا محالة في أقاليم أخرى.

2016 636175689745717794 571

وهذا ما حدث بالفعل، فكرة الثلج تضخمت، وقوات التيغراي سيطرت على مساحات كبيرة في أقاليم العفر والأمهرة، وأصبحوا يقتربون رويدا رويدا من العاصمة أديس أبابا، رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد علي” من جانبه رأى هزائم قواته المنكرة وبدأ يشعر أن الدولة الإثيوبية تتعرض للتشرذم والتفتت، والصراع المسلح توسع ويقترب من عاصمته، فخرج وأعلن بالأمس النفير العام لمواجهة هجوم التيغراي، لكن ما لم يحسب له حساب هو أن جبهة تحرير الأورومو تقدمت من جهة أخرى نحو العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أيضا، فتلك الجبهة لن تسمح للتيغراي بدخول مدينتهم أديس أبابا التي تعتبرها جبهة الأورومو ضمن إقليمهم، لكن الخبر الذي نزل كالصاعقة على رأس آبي أحمد هو الإعلان عن تحالف بين الأورومو والتيغراي.

001 8UP8HA JPEG

و”الأورومو” هم أكبر قومية في إثيوبيا؛ حيث تتراوح نسبتهم، وفق تقديرات غير رسمية، بين 50% إلى 80% من عدد السكان، البالغ عددهم أكثر من 100 مليون نسمة. ويشتكي الكثير منهم من التهميش والإقصاء السياسي، لكن الحكومة تنفي ذلك.

تحالف التيغراي والأورومو

جبهة تحرير تيغراي في إثيوبيا وافقت على التحالف ع جبهة تحرير الأورومو (أوروميا)، وقال كومسا دريبا، زعيم جيش تحرير أورومو، إنه تم الاتفاق على الشراكة بين جبهة تحرير شعب تيغراي وجيش تحرير أورومو بعد محادثات جرت على مدى الأسابيع الستة الماضية.

وأكد جيتاشيو رضا العضو البارز في الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي التوصل إلى الاتفاق، بحسب وكالة “بلومبرج” للأنباء ، وقال كومسا المعروف بالاسم الحركي جال ماروو: “هناك اتفاق على التفاهم للتعاون في تحالف عسكري”.

FB IMG 1618145283827

وقال جيتاشو: لقد أقامت جبهة تحرير تيغراي وجيش تحرير أورومو الشراكة بعد الاتفاق على مبادئ احترام تقرير المصير وحقوق الإنسان”، وأضاف “لدينا كل الأسباب للاعتقاد بأن العمل معهم يمكن أن ينجح”، والجدير بالذكر أن حكومة آبي صنفت كلاً من جيش تحرير أورومو وجبهة تحرير تيغراي كمنظمتين إرهابيتين في شهر مايو الماضي.

استراتجية التيغراي

وكانت جبهة تحرير التيغراي حققت انتصارات كبيرة على الجيش الفيدرالي في تيغراي، ثم تقدمت إلى مناطق شاسعة في إقليم الأمهرة، وبعدها تقدمت داخل إقليم العفر بحجة أنها تريد قطع الطرق والسكة الحديد مع جيبوتي لأنها تمثل شريان حياة حكومة أديس أبابا، ويقولون كذلك: “نحن لا نهاجم العفر إنما نهاجم قوات آبي أحمد المتمركزة هناك، ونسعى لخنق نظام أديس أبابا اقتصاديا، الأورومو دخلوا على خط المواجهة وقالوا: “لن نسمح للتغراي بدخول إقليمنا وأديس أبابا ضمن أرضنا”.

E60fDMFX0AAb oC

فيما العفر يعتبرون ما جرى خطأ استراتيجيًا فادحًا ارتكبته جبهة خصوصا بعد استهداف مدنيين من العفر وقتلهم بدم بارد، بل يعتبرون ما جرى خيانة لهم فهم وقفوا على الحياد في حرب آبي أحمد علي وجيشه الفيدرالي على إقليم التغراي، بل أعلن قيادات العفر أنهم ضد ما يجري للتغراي من مذابح، أما اليوم فالعفر أعلنوا أنهم سيدافعون عن أنفسهم، حيث أكد قادتهم أن شعب العفر شعب مسالم ومتسامح لكنه لا يقبل الظلم أو الاعتداء، ولهذا تدور معارك طاحنة في الإقليم.

VjBJSf6J

لكن تحالف الأورومو والتيغراي قد يغير عقلية زعماء العفر، الذين قد ينضمون إلى هذا التحالف إن وجدوا أن الكفة تميل للأورومو والتغراي على حساب الجيش الفيدرالي.

أخيرا إثيوبيا اليوم على أبواب التفكك، فإما اجتماع قيادات الأقاليم الإثيوبية والاتفاق على مصالحة شاملة ترضي جميع الأطراف وترد الحقوق إلى أهلها وتسمح بحق تقرير المصير لمختلف الأقاليم الإثيوبية، وإما “حروب” شعواء وتفكك إثيوبيا إلى دويلات بعد حروب ستأكل الأخضر واليابس، وأظن أننا بتنا نقترب من خيار التفكك بشكل ليس له مثيل في تاريخ القرن الأفريقي الحديث، فأمامنا إقليم الأوغاين يريد العودة للصومال الدولة الأم، وإقليم العفر يريد الانضمام إلى عفر جيبوتي وعفر إرتريا ، والأورومو يبحثون عن دولتهم التي ينتظرونها من عقود وأزمنة.  

ربما يعجبك أيضا