الاعتراف بـ «طالبان».. هدف «إيراني» «تركي» مشترك

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

يبدو أن تركيا وإيران قد اتفقتا على الاعتراف بحركة طالبان كحاكم فعلي لأفغانستان؛ وذلك لحماية مصالحيهما في أفغانستان بعدما سيطرت الحركة على معظم الأفغانية الكبرى، وبات وجودها المسلح أمر واقع. ففي اتصال هاتفي جمع بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، أكدا فيه الرئيسان في تصريح، على أن التعاون بين البلدين سيعود بالكثير من المنافع للامة الإسلامية.

تبدو عبارة التصريح، من الجانب الدبلوماسي لطيفة وودودة؛ لكنها تكشف عن آفاق التعاون بين إيران وتركيا في العديد من الملفات المشتركة المتعلقة بالعالم الإسلامي، بداية من فلسطين حتى أفغانستان.

وبالنسبة للملف الأفغاني، فهناك تحول في الخطاب السياسي التركي والإيراني نحو الاعتراف بطالبان؛ وذلك لأهداف ومكاسب سياسية واقتصادية من هذا الاعتراف. خاصة أنه طبقًا لسياسة الأمر الواقع، فإن حركة طالبان باتت صاحبة اليد العليا في مناطق عدة من أفغانستان.

اعتراف إيراني

يبدو أن هناك اتفاقا بين الحكومة الإيرانية وطالبان؛ فمقابل اعتراف إيران بالحركة كحاكم فعلي لأفغانستان، تقوم الحركة في المقابل بحماية المصالح الإيرانية، فبعد استيلاء قوات طالبان على هرات وقندهار، ليل الخميس- الجمعة الماضية، أشار رسول موسوي، مساعد وزير الخارجية الإيرانية لشؤون جنوب آسيا على “تويتر” إلى طالبان باسم “الإمارة الإسلامية”، وقال إنهم تعهدوا بتأمين القنصلية الإيرانية.

وفي الوقت نفسه، أعلنت القنصلية الإيرانية في مزار شريف عن نقل شؤونها إلى كابول.

وقال مساعد وزير الخارجية الإيرانية لشؤون جنوب آسيا: إن “إدارة هرات أصبحت تحت سيطرة قوات الإمارة الإسلامية طالبان.. أنا على اتصال منتظم معهم.. القوات التي تدير الأمور طالبان ملتزمة بالأمن الكامل للقنصلية العامة ودبلوماسييها وموظفيها”.

يشار إلى أن وزارة الخارجية في إيران، وكذلك محمد جواد ظريف، قد استضافا عددا من قادة طالبان في طهران عدة مرات من قبل.

ووصف أحمد نادري، عضو البرلمان الإيراني، طالبان بـ”الحركة الأصلية” الأمر الذي قوبل بردود فعل واسعة من النشطاء الإيرانيين.

وأضاف نادري أن “طالبان هي إحدى الحركات الأصيلة ذات الخلفية البشتونية في المنطقة، والعمل معهم يمكن أن يؤدي إلى انتشار الاستقرار في المجتمع الأفغاني، ومنع نفوذ جماعات مثل داعش”.

وقالت القنصلية العامة الإيرانية في مزار شريف، في بيان لها، إنه تم نقل القنصلية إلى كابول بسبب تصاعد الحرب في شمال أفغانستان.

اهتمام تركي

لدى تركيا، أيضًا، اهتمام بأفغانستان لحماية مصالحها في منطقة أسيا الوسطى، حيث يندرج اهتمامها المبالغ فيه بهدف ربط علاقة متينة مع طالبان ضمن رؤية أوسع تهدف إلى تمتين النفوذ التركي في آسيا الوسطى، مستفيدة من روابط تاريخية وعرقية ومذهبية. وتقوم الاستراتيجية التركية على تحويل الدول ذات التاريخ المشترك إلى قطب اقتصادي وتجاري إقليمي ستكون هي أكبر مستفيد منه لما تمتلكه من إمكانيات.

وتريد تركيا الاستفادة من العزلة التي ستجد طالبان نفسها فيها بعد السيطرة على البلاد، لتكون أنقرة بمثابة الضامن والوسيط الذي يفتح أمام الحركة أبواب التواصل مع الآخرين خاصة الولايات المتحدة، وهذا سر تمسك تركيا بالاحتفاظ بمهمة حماية المطار الذي سيمكنها من أن تكون لاعبا ضروريا في الاتجاهين.

وحسب تقرير لصحيفة العرب اللندنية، تخطط أنقرة للاستفادة في أفغانستان من دورها المفترض في الربط مع مشروع طريق الحرير والحزام الصيني، وهو ما يوفر لها ممرا منخفض التكاليف. كما سيمكنها وجودها القوي في أفغانستان من فتح طرق جديدة للوصول إلى الجمهوريات التركية في آسيا الوسطى بعيدا عن الطرق التي تمر من روسيا وإيران.

كما أن أفغانستان -التي يبلغ عدد سكانها 38 مليون ساكن- بمثابة سوق جديد للخدمات والسلع والمنتجات التركية، فضلا عن أن الوضع الجديد سيوفر فرصة لترويج المنتجات الدفاعية التركية، وخاصة المسيّرات التي صارت تجد رواجا بعد ما حققته من نتائج في ليبيا وإقليم ناغورني قره باغ.

ربما يعجبك أيضا