ليلة سقوط كابول.. أفغانستان في قبضة طالبان وذعر وفوضى في كل مكان

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

تسير الأحداث على الأرض في أفغانستان بشكل أسرع مما يتوقعه أي شخص، والتطورات التي يعتقد الخبراء أنها قد تستغرق أسابيع أو شهورا تحدث في أيام، بينما تعود البلاد إلى قبضة طالبان، التي تمر بالفعل عبر بوابات كابول.

ليلة سقوط كابول

خلال الساعات الأخيرة، تسارعت وتيرة سيطرة «طالبان» على البلاد، إذ سيطر مقاتلوها على العاصمة كابول، وانهارت الحكومة الأفغانية مع فرار الرئيس أشرف غني إلى الخارج.

وأظهرت لقطات بثتها وسائل الإعلام عددا من المقاتلين داخل القصر الرئاسي، وهم يلوحون بالبنادق.

Untitled 18

وانزلقت العاصمة في حالة من الفوضى، حيث حاول سكان محليون والمواطنون الأجانب الفرار، حيث كان أمس الأحد يوما مفزعا، فقد شهد عودة طالبان بعد ما يقرب من 20 عاما من الإطاحة بهم، من قبل تحالف تقوده الولايات المتحدة.

وكانت كابول آخر مدينة رئيسية تصمد أمام هجوم طالبان، الذي بدأ قبل أشهر لكنه تسارع في غضون أيام، وتمكنت الجماعة من تعزيز سيطرتها الآن مع انسحاب غالبية القوات الأجنبية.

مع شروق فجر اليوم الإثنين، يواجه الشعب الأفغاني عالماً جديداً للغاية، بعد ليلة مظلمة اندفع فيها الآلاف إلى المطار للفرار بينما استسلم الآخرون الذين ليس لديهم سوى خيار الحياة في ظل نظام طالبان الجديد.

أعرب الكثيرون على الإنترنت عن حزنهم بسبب التدهور السريع لديمقراطيتهم الوليدة، وأعربت العديد من النساء على وجه الخصوص عن خوفهن مما يخبئه المستقبل لهن.

فوضى في مطار كابول

عقب سيطرة حركة طالبان على كابول، ساد الذعر في المدينة وتوجه سكان إلى المطار وتركوا السيارات وشقوا طريقهم سيرًا على الأقدام، في محاولة يائسة للخروج من البلاد.

وتظهر العديد من المقاطع المصورة حشودا تحاول الوصول إلى الطائرات الموجودة في المطار.

وقال شاهد عيان: إن المحاولات اليائسة للفرار تتحول في بعض الأحيان إلى تدافع، حيث لا تزال عمليات إجلاء الأجانب مستمرة.

مع تدافع آلاف من الأفغان، أطلقت قوات أمريكية النار في الهواء داخل مطار كابول، وقال شاهد عيان «أشعر برعب شديد، إنهم يطلقون النار في الهواء»، بحسب ما نقلته وكالة «فرانس برس».

وتشير تقارير بأن هناك أولوية للرحلات الأمريكية التي ستقل الدبلوماسيين، وهو ما فاقم حالة الفوضى والارتباك.

وكانت الولايات المتحدة أرسلت قوات دعم لتأمين المطار مع قوات الناتو، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية: إن عمليتها التي تتكون من قرابة 6000 جندي ستتولى السيطرة على الحركة الجوية.

أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أنها أجلت جميع موظفي سفارتها إلى مجمع في مطار حامد كرزاي.

تعطي الدول الأجنبية الأولوية لإجلاء دبلوماسييها ومواطنيها من العاصمة، لكن الولايات المتحدة قالت إنها ستسرع أيضًا إجراءات إجلاء الأفغان الذين عملوا لديها – مثل المترجمين وكذلك السكان المحليين المستضعفين المؤهلين للحصول على تأشيرات هجرة خاصة.

سيستمر نقل المواطنين الذين اجتازوا الفحص الأمني ​​مباشرة إلى الولايات المتحدة، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية «سوف نجد مواقع إضافية لأولئك الذين لم يتم فحصهم بعد».

في ظل انعدام النظام في المطار في الوقت الحالي، لا يبدوا واضحا متى سيحدث ذلك؟ إذ يقول شهود عيان إن الصعود على متن الطائرات يحدث بالتدافع، وفي ظل عدم وجود بيانات تسجيل الوصول وغياب الفحوصات الأمنية.

afghanistan taliban war 01 rt llr 210814 1628949888764 hpMain 16x9 1600

«الحرب انتهت»

أعلنت حركة طالبان، إن «الحرب انتهت»، وقال متحدث باسم الحركة: إن المسلحين دخلوا لمنع الفوضى والنهب، بعد أن غادرت قوات الأمن أجزاء من كابول، وأظهرت لقطات نشرتها وسائل إعلام مقاتلين داخل القصر الرئاسي، وهم يلوحون بالبنادق.

وجاء تقدم طالبان إلى كابول بعد فرار الرئيس غني إلى خارج البلاد، وأضاف المتحدث: «وصلنا إلى ما كنا نسعى إليه وهو حرية بلادنا واستقلال شعبنا، ولا نعتقد أن القوات الأجنبية ستكرر تجربتها الفاشلة في أفغانستان مرة أخرى»، بحسب «بي بي سي».

وأكدت الحركة المتشددة أنها سيطرت على 11 مركزًا للمقاطعات في العاصمة.

قال سهيل شاهين المتحدث باسم الحركة، إن طالبان تسعى إلى «انتقال سلمي للسلطة» في أفغانستان في الأيام القليلة المقبلة، مضيفا: «نطمئن الناس، ولا سيما في مدينة كابول، أن ممتلكاتهم وحياتهم في أمان».

وقال الخبير في شؤون جنوب آسيا فيكاس باندي، أنه من السابق لأوانه الاعتقاد بأن طالبان ستفي بوعودها بعدم الانغماس في الانتقام.

من جانبه قال مايكل كوجلمان، نائب مدير مركز ويلسون للأبحاث بواشنطن، إن حركة طالبان في عام 2021 تبدو مختلفة في إستراتيجيتها للعلاقات العامة، مضيفا «حقيقة أن لديهم متحدثًا باللغة الإنجليزية لوسائل الإعلام الأجنبية هي علامة واضحة على رغبتهم في أن يتم قبولهم، لكن المجتمع الدولي بحاجة إلى توخي الحذر لأن هذه هي الأيام الأولى، ويجدر بنا أن نتذكر أننا ما زلنا نتحدث عن جماعة مسلحة وحشية لها ماض دموي».

إلى أين ذهب أشرف غني؟

في رسالة موجهة إلى الشعب الأفغاني، قال الرئيس أشرف غني إنه اتخذ القرار الصعب بالمغادرة لتجنب إراقة الدماء في العاصمة، مضيفا: «طالبان انتصرت بحكم السيف والبندقية، وعليهم مسؤولية حماية شرف وازدهار واحترام الذات لمواطنينا».

فر الرئيس الأفغاني أشرف غني من أفغانستان، وكانت تقارير سابقة قد أشارت إلى أنه سافر جوا إلى طاجيكستان، لكن أشارت تقارير أخرى إلى أن غني وزوجته ورئيس الأركان ومستشار الأمن القومي غادروا البلاد إلى طشقند، أوزبكستان، مستشهدة بالحارس الشخصي للرئيس كمصدر لكن الحكومة لم تؤكد أوتنفي ذلك.

وانتقد مسؤولون الرئيس الأفغاني لفراره من البلاد، وقال عبد الله عبد الله، رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية في أفغانستان: «الله سيحاسبه والأمة ستحكم عليه».

من جانبه يعرض الرئيس الأفغاني السابق، حامد كرزاي المساعدة في نقل السلطة، وقال إنه تم تشكيل مجلس تنسيق لإدارة نقل السلطة، يتألف منه، ومن عبد الله عبد الله وأمير الحرب السابق، قلب الدين حكمتيار.

وعبر مقطع فيديو يظهر فيه كرزاي إلى جانب بناته الثلاث، طالب القوات الحكومية وطالبان بحماية الشعب الأفغاني.

وقال الرئيس السابق، «إن الرئيس غني ترك «فراغًا» بسبب فراره من البلاد وأنه بمجرد أن سمع أنه غادر البلاد، اتصل بقادة سابقين لمعرفة ما يمكن القيام به لمنع «الفوضى»، ويأمل أن تتولى الإدارة المقبلة زمام الأمور من خلال إرادة الشعب».

قرارات كارثية

يُعزى انهيار السلطات الأفغانية والجيش إلى القرار الكارثي للولايات المتحدة بسحب قواتها بحلول الذكرى الـ20 لهجمات 11 سبتمبر الشهر المقبل.

وتقول صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، إنه مع التركيز على تنفيذ قرارات دونالد ترامب ثم جو بايدن، لم يحدث نقاش سياسي يذكر بشأن ذلك في بريطانيا، وأشارت إلى أنه منذ الانضمام بريطانيا إلى غزو أفغانستان عام 2001، قتل 457 من أفراد الخدمة، وذلك قبل أن تتبع الحكومة خطى الولايات المتحدة في البدء في سحب قواتها.

وتشير الصحيفة إلى أنه من حق الشعب الأفغاني أن يعتقد أن بريطانيا، مثل الولايات المتحدة، تتراجع، يعترف وزراء بريطانيا الآن بأن التهديد الإرهابي للغرب من المتطرفين الإسلاميين الذين قاتلوا إلى جانب طالبان، حقيقي للغاية وقد يجبر بايدن على إعادة القوات إلى أفغانستان في حالة وقوع هجوم آخر على الأراضي الأمريكية.

ولفتت إلى أنه ليس لدى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أي أساس للاعتقاد بأنه سيتم الحفاظ على مكاسبه الحيوية، ولا تثق الحكومة في حفاظ طالبان على سلامة الدبلوماسيين البريطانيين، الذين يتم إجلاؤهم على عجل، فكيف يمكن أن تثق بوعد الجماعة الأصولية بعدم العودة إلى حكم العصور الوسطى الهمجي؟.

ويبدو أن بريطانيا استجابت لحلفاء الناتو، مثل فرنسا وألمانيا، بشأن الحفاظ على وجودها في أفغانستان بدون الولايات المتحدة، لكنها قررت أنها لا تستطيع المضي بمفردها، وتسلط هذه الحلقة الضوء على حدود بريطانيا العالمية، دولة تعتمد كليا على أمريكا، دون القدرة على التأثير عليها، وقد عزلت نفسها أيضا عن شركائها الأوروبيين.

ووصف توم توجندهات، الذي يرأس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم، الأحداث الجارية بأنها «أكبر كارثة سياسة خارجية منفردة» منذ أزمة السويس عام 1956.

ويخشى توبياس إلوود، الذي يرأس لجنة الدفاع، من هجوم على مستوى 11 سبتمبر «كوخزة في وجه التحالف الغربي لإظهار مدى عدم جدوى جهودنا على مدى العقدين الماضيين»، بحسب الصحيفة.

ربما يعجبك أيضا