«اليورانيوم المعدني».. أزمة جديدة تعيق الاتفاق النووي الإيراني

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

في 2015 أبرمت إيران اتفاقاً مع الدول الكبرى ينصّ على تخفيف العقوبات الغربية والأممية المفروضة عليها بسبب أنشطتها النووية مقابل التزامها بعدم السعي لامتلاك سلاح ذري وخفض أنشطتها النووية الموضوعة تحت رقابة صارمة من الأمم المتحدة.

وبالتالي تعهّدت طهران بموجب هذا الاتفاق بعدم إنتاج يورانيوم مخصّب.

لكنّ إيران قالت -في وقت سابق من هذا العام- إنّها بدأت بإنتاج اليورانيوم المعدني لأغراض بحثية، وهو موضوع حسّاس لأن هذه المادة يمكن استخدامها في تصنيع أسلحة نووية.

وفي الوقت ذاته أعلنت وزارة الخارجية الأميركية إن على إيران أن تتوقف عن تصعيدها النووي وتعود للمفاوضات، بهدف “الامتثال الكامل” للاتفاق النووي.

وأوضحت الوزارة على لسان المتحدث باسمها نيد برايس، أن الولايات المتحدة اطلعت على آخر تقرير أعده أعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتعتبر أن إيران “ليست لديها أي حاجة فعلية لإنتاج اليورانيوم المعدني”.

وكانت الخارجية تعقب على تقرير الوكالة، الذي ذكر أن إيران أحرزت تقدما في تخصيب معدن اليورانيوم، رغم تحذيرات الغرب من أن عملا من هذا القبيل يهدد محادثات إحياء الاتفاق النووي.

وقالت الوكالة: “في 14 أغسطس 2021، تحققت الوكالة من أن إيران استخدمت 257 غراما من اليورانيوم 235 المخصب حتى 20 بالمئة في شكل رابع فلوريد اليورانيوم، من أجل إنتاج 200 غرام من معدن اليورانيوم 235 المخصب حتى 20 بالمئة”.

وأضافت أن هذه الخطوة الثالثة في خطة من 4 خطوات تعمل عليها إيران في هذا الإطار.

وأغضب سعي إيران لتخصيب معدن اليورانيوم القوى الأوروبية الثلاث الكبرى والولايات المتحدة، لأن هذه التكنولوجيا ومعرفة كيفية إنتاجها يمكن أن تستخدم في صنع المادة الرئيسية اللازمة لإنتاج قنبلة نووية.

وتشدد إيران على أن أهدافها النووية سلمية تماما، وعلى أنها تطور نوعا جديدا من وقود المفاعلات.

خطة بديلة

أول أمس قال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد إنه رغم عدم تأييده الاتفاق النووي مع إيران فإنه لا يعرف خطة بديلة، في حين قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية “سي آي إيه” (CIA) ويليام بيرنز أبلغ المسؤولين الإسرائيليين أن فرص عودة إيران للاتفاق النووي باتت أصعب.

وكشف لبيد -وفق ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية- عن إجراء إسرائيل حوارا وراء الكواليس مع الأميركيين والأوروبيين بشأن الاتفاق النووي، دون أن يكشف مزيدا عن طبيعة هذا الحوار.

وعبّر عن قلق إسرائيل مما سماه نموذج الإرهاب المستوحى من إيران الذي يجري توسيعه في المنطقة.

وانتقد لبيد التشكيلة الحكومية للرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، وضمها من قال إنه مسؤول عن هجوم بيونس آيرس، معتبرا ذلك دليلا على أنها حكومة إرهابية تتعامل مع الدم والموت كأسلوب حياة، وفق تعبيره.

سر الأرقام الإيرانية

المفعل النووي الإيراني

اعتبرت صحيفة “فورين بوليسي”، أن إعلانات إيران المتكررة خلال الأشهر الأخيرة بتقدمها السريع في برنامجها النووي ما هي إلا مجرد ادعاءات للضغط على الإدارة الأميركية لتخفيف العقوبات.

وأعلنت طهران في الأشهر الماضية خطوات إضافية ضمن ما تسميه “إجراءات تعويضية” بعد الخروج الأميركي من الاتفاق النووي، إذ قيّدت عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ورفعت نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60 بالمئة، علما بأن الاتفاق حدد سقف التخصيب عند 3,67.

وتقول مجلة فورين بوليسي: “في حين أن هذه المزاعم الإيرانية مثيرة للقلق بالتأكيد، فمن المحتمل أن تكون هناك مبالغة في تقديرها من أجل التأثير التكتيكي”، مضيفة أنه “ربما تستخدم طهران الأرقام في محاولة لزيادة الضغط على إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، والفوز بتخفيف العقوبات مقابل الحد من أنشطتها النووية”.

ومنذ مطلع أبريل الماضي، تخوض إيران والقوى الكبرى، بمشاركة غير مباشرة لواشنطن، مباحثات في فيينا هدفها إحياء الاتفاق المبرم عام 2015، والذي انسحبت منه الولايات المتحدة أحاديا عام 2018 وأعادت فرض عقوبات اقتصادية على الجمهورية الإسلامية.

وأرجع مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، دفع إدارة بايدن لإجراء محادثات مع طهران إلى الحاجة إلى “وضع البرنامج النووي الإيراني في صندوق”.

وفي الرابع من يناير الماضي، استأنفت إيران تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء تصل إلى 20 في المئة. وبالرغم من أن هذه النسبة غير قادرة على إنتاج الأسلحة، فإنها أعلى بكثير من نسبة ثلاثة إلى خمسة في المئة اللازمة للاستخدام في محطات الطاقة المدنية، بعد أن وافقت على وقف التخصيب والتخلص من مخزونها بالكامل في عام 2014.

وبعد خمسة أشهر من استئناف التخصيب، وبالتحديد في 15 يونيو، أعلنت إيران أنها خزنت 108 كيلوغرامات من المادة.

وعلى الرغم من أنه لا يزال هذا الرقم المعلن أقل من 155 كيلوغرامًا اللازمة لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة لقنبلة واحدة، إلا أن رقم يونيو كان أكثر بكثير من 63 كيلوغراماً التي أبلغ عنها مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل 24 يومًا فقط، في 22 مايو، وهو ما تراه المجلة أنه يصعب تصديقه.

الأرقام المعلنة.. تخفيف أم تهويل؟

تشير مجلة «فورين بوليسي» تشير أيضا إلى أنه إذا صح فإنه “يعتبر أمرا خطيرا وقريبا من الرقم 155 كيلو جراما الذي حدده رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، وعرفه على أنه خط أحمر لإسرائيل أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2012”.

وتتساءل المجلة حول كيفية قفز مخزون إيران من اليورانيوم المخصب إلى 108 كيلوجرامات بين 22 مايو و15 يونيو، “حيث كان ذلك سيتطلب من طهران مضاعفة ثلاثة مرات من معدل التخصيب بين عشية وضحاها، لتنتج ما بين 37 و 54 كيلوغرامًا في الشهر، وهو أعلى بكثير بالفعل من الذروة البالغة ثمانية كيلوغرامات شهريًا التي استطاعت إيران الوصول إليها في 2014 قبل إبرام الاتفاق النووي في 2015”.

وأضافت المجلة أن “هذا يصعب تصديقه نظرا للعدد المحدود من أجهزة الطرد المركزي الأولية في الموقع التعامل معه، وإما أنها قامت بتركيب عدد ضخم فجأة من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة”.

تشير المجلة إلى أن “كل هذا يشير بقوة إلى أن إيران تبالغ في مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة. ويمكنها أن تفعل ذلك لأنها طردت، منذ فبراير، المفتشين الدوليين الذين يمكنهم التحقق من برنامجها النووي”.

ربما يعجبك أيضا