رغم دعوة مسعود.. حملة «طالبانية» صوب بنجشير الأفغانية

حسام السبكي

حسام السبكي

لا يزال ملف الأزمة الأفغانية، وتحديدًا مع الولاية الثانية لحركة طالبان في حكم البلاد، عقب الانسحاب الأجنبي من أفغانستان، هو الشغل الشاغل لوسائل الإعلام العربية والغربية، خاصةً مع تجدد المخاوف، من بذور نبتة جديدة للجماعات المتطرفة من قلب بلاد الأفغان، وما يمثله من قلق على الصعيدين الإقليمي والدولي، في السنوات إن لم يكن في الأشهر القليلة المقبلة.

وفي مستجدات الملف الأفغاني، إذ فشلت محاولات المصالحة وجهود الحل السلمي في ولاية بنجشير، التي تمثل الغصة في حلق الحركة المسلحة التي أعلنت بسط سيطرتها على كامل التراب الأفغاني تقريبًا، قبل نحو أسبوع، وذلك مع فشلها للمرة الثانية في إخضاع الولاية، التي تولد منها بؤرة جديدة للمعارضة للحكم الطالباني.

بالتزامن مع ذلك، ساورت المجتمع الدولي الشكوك حول عودة بروح جديدة لـ تنظيم القاعدة، عبر حليفهم التقليدي الممثل بالطبع في حركة طالبان، وما قد ينتج عنه تأثيرات أمنية وسياسية سلبية في المرحلة المقبلة.

ولاية بنجشير

1400edc777f549d59c8a81346bb7ffff
قوات المقاومة ضد طالبان في ولاية بنجشير

تصاعدت خلال الساعات القليلة الماضية، حدة التوترات حول ولاية بنجشير التي لا تزال آخر بؤرة للمقاومة المناهضة لحركة “طالبان” في أفغانستان.

وتشير تقارير إعلامية بخصوص التطورات حول الولاية أكثر فأكثر إلى أن الأمور تتجه نحو سيناريو المواجهة العسكرية بين “طالبان” وقوات الولاية بقيادة أحمد مسعود، نجل القيادي البارز الراحل أحمد شاه مسعود المعروف بـ”أسد بنجشير”.

وأعرب مسعود -في مقابلة نشرتها صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية الأحد- عن استعداده للحوار مع “طالبان”، مشددا في الوقت نفسه على رفضه لمحاولات فرض الأمور بقوة السلاح.

وتابع: “مستعدون لتشكيل حكومة شاملة مع “طالبان” من خلال المفاوضات السياسية، ولكن ما هو غير مقبول هو تشكيل حكومة أفغانية تتسم بالتطرف التي من شأنها أن تشكل تهديدا خطيرا، ليس لأفغانستان فحسب ولكن للمنطقة والعالم بأسره“.

في غضون ذلك، أفادت قناة “العربية”، أمس الأحد، بأن “طالبان” أمهلت مسعود أربع ساعات قبل بدئها باقتحام الولاية التي يتواجد فيها أيضا نائب الرئيس في الحكومة المنهارة أمر الله صالح، غير أن نجل “أسد بنجشير” رفض الاستسلام.

وأعرب مسعود في مداخلة مع القناة عن تصميمه على التصدي لمحاولات “طالبان” الاستيلاء على بنجشير.

وأكدت منصة Herat News الإعلامية الأفغانية أن قوات المقاومة في بنجشير وضعت في حالة التأهب القصوى، تحسبا للهجوم المتوقع.

وتداول نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي لقطات تظهر عددا من عناصر المقاومة يقول أحدهم إن قوات “طالبان” لن تدخل وادي بنجشير ويعرب عن قناعته بقدرة المقاومة على حماية الولاية.

في المقابل، علنت حركة “طالبان”، مساء أمس الأحد، توجه “مئات” من مقاتليها إلى منطقة وادي بنجشير الجبلية التي يقطنها الطاجيك وتقع شمالي كابل، وسط رفض زعيمهم، أحمد مسعود، الاستسلام.

وكتبت الحركة في تغريدة على حسابها على “تويتر” بالعربية:”مئات من مجاهدي الإمارة الإسلامية يتوجهون نحو ولاية بنجشير للسيطرة عليها، بعد رفض مسؤولي الولاية المحليين تسليمها بشكل سلمي“.

ونشرت الحركة في التغريدة تسجيلا مصورا يظهر آليات محملة بالعتاد والمقاتلين في الطريق إلى المنطقة.

تنظيم القاعدة في أفغانستان

aqim group

وبشأن الشكوك التي تساور المجتمع الدولي، بشأن إيواء الحركة الأفغانية المسلحة، لعناصر تنظيم القاعدة مجددًا، قال المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان، محمد نعيم، إنه لا تواجد لتنظيم القاعدة في أفغانستان، نافيًا وجود علاقة بينهما، بعد سيطرة الحركة على البلاد.

وقال نعيم -في لقاء مع قناة “الحدث” الإخبارية، الأحد- “تنظيم القاعدة غير موجود في أفغانستان وليس بيننا وبينهم علاقة”.

وأشار نعيم إلى أن اتفاق طالبان مع الولايات المتحدة الذي كان أحد مخرجات المحادثات في العاصمة القطرية الدوحة، نص على عدم السماح لأي جهة متطرفة باستخدام أراضينا.

وأكد المتحدث باسم الجناح السياسي للحركة أنه “لن نسمح لأي فرد أو جماعة بدخول أراضينا لممارسة أنشطة عسكرية“.

في حين اعتبر نعيم أن بقاء القوات الأمريكية في أفغانستان “لوقت أطول ليس في مصلحتنا أو مصلحتهم“.

ووصف نعيم المشهد في مطار كابول بأنه “مؤسف”، نافيًا في الوقت نفسه تسليم الحركة مسؤولية الأمن في العاصمة الأفغانية لخليل حقاني، العضو البارز في شبكة حقاني، التي ترتبط ارتباطا وثيقا بطالبان.

ولطالما ارتبطت شبكة حقاني بالقاعدة. وتقول الولايات المتحدة إن خليل “تصرف أيضًا باسم القاعدة وكان على صلة بعمليات إرهابية للقاعدة“.

بينما وصف المتحدث باسم المكتب السياسي لطالبان ما قالته مذكرة منسوبة للأمم المتحدة حول ملاحقة الحركة لمسؤولين سابقين بأنه “غير صحيح”.

داعش ومطار كابول

ApNewsroom APTOPIX Afghanistan 77294

أصبحت تهديدات تنظيم داعش الإرهابي، محط اهتمام بالغ لدى أعلى المستويات في الإدارة الأمريكية، خاصة مع مرور عمليات الإجلاء للرعايا من الأمريكيين والأجانب، بمحطات صعبة مؤخرًا.

في هذا الإطار، أكد مسؤول أمريكي بارز لوكالة “أسوشيتد برس”، أول أمس السبت، إن هذه التهديدات “الداعشية” المحتملة تجبر العسكريين الأمريكيين على ابتكار طرق جديدة لنقل الأمريكيين الذين يجري إجلاؤهم إلى مطار كابل، ما يزيد مساعي الإجلاء المتسمة بالفوضى أصلا تعقيدا.

وأوضح المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن الولايات المتحدة انتقلت إلى أسلوب آخر يقضي بإصدار تعليمات إلى مجموعات صغيرة من مواطني الولايات المتحدة، وربما دول أخرى، تتعلق على وجه الخصوص بكيفية التنقل إلى نقاط عبور حيث سيلتقيهم العسكريون لنقلهم إلى المطار.

وأكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في حديث لشبكة “فوكس نيوز”، أمس الأحد، أن السلطات الأمريكية على تواصل مباشر مع رعايا الولايات المتحدة المتواجدين في أفغانستان بهدف مساعدتهم في الوصول إلى المكان اللازم بغية التوجه إلى مطار كابل في الوقت المناسب.

بدوره، حذر مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، في حوار مع شبكة “سي إن إن”، من أن خطر شن هجمات إرهابية على مطار كابل واقعي، مشددا على أن سلطات الولايات المتحدة تستخدم كل الوسائل المتاحة بغية منع ذلك.

وأصدرت السفارة الأمريكية في العاصمة الأفغانية، أول أمس السبت، إنذارا أمنيا طلبت فيه من مواطني الولايات المتحدة بعدم الذهاب إلى مطار كابل وبواباتها ما لم يتلقوا تعليمات بهذا الشأن، وذلك بسبب “تهديدات أمنية محتملة“.

وتتواصل عمليات الإجلاء وسط حالة من التوتر المتصاعد والفوضى، حيث استخدمت القوات المنتشرة في مطار كابل في الأيام الأخيرة الغاز المسيل للدموع وأطلقت النار في الهواء بهدف تفريق حشود من الأفغان الراغبين في الفرار من بلدهم بعد سقوط كابل في قبضة “طالبان” قبل أسبوع.

وأكد مسؤول في حلف الناتو لوكالة “رويترز”، أمس الأحد، أن 20 شخصا على الأقل لقوا مصرعهم في مطار كابل ومحيطه خلال الأيام السبعة الماضية.

ربما يعجبك أيضا