في باطن الجحيم.. انتهاكات صارخة خلف أسوار «إيفين» الإيراني

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

خلف أسوار سجن «إيفين»، أحد أسوأ السجون الإيرانية، كشفت مقاطع فيديو وصور سربها «قراصنة» إلكترونيون تمكنوا من التسلل إلى كاميرات المراقبة الظروف القاتمة التي يعيشها عشرات الآلاف من السجناء السياسيين والجنائيين داخل مئات المعتقلات في البلاد.

مشاهد صادمة

عقب نشر مقاطع الفيديو الصادمة التي تظهر تعدي بالضرب على نزلاء السجن، بالإضافة إلى الأوضاع المزرية التي تحيط بهم، اعترف مسؤولون إيرانيون بصحة مزاعم انتهاكات ارتكبتها السلطات الإيرانية في أحد السجون سيئة السمعة في طهران.

وأقر مسؤول إيراني أن مزاعم الانتهاكات في سجن سيئ السمعة في طهران كانت حقيقية، وقال محمد مهدي حاج محمدي، رئيس مصلحة السجون الإيرانية، إنه يتحمل «مسؤولية هذا السلوك غير المقبول»، واصفا محتوى الفيديوهات المسربة بأنها «أحداث مريرة».

ومن المعروف أن سجن إيفين الإيراني يحتجز سجناء سياسيين ومن لهم صلات بالغرب تستخدمهم إيران كورقة مساومة في المفاوضات الدولية.

في 2018 تم إدراج السجن على القائمة السوداء من قبل الولايات المتحدة بسبب «انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان».

قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير حديث لها: «تستخدم سلطات سجن «إيفين» التهديدات بالتعذيب، والتهديد بالسجن إلى أجل غير مسمى وتعذيب أفراد الأسرة، والخداع والإذلال، واستجوابات يومية متعددة تصل إلى خمس أو ست ساعات، والحرمان من الرعاية الطبية، والحرمان من الزيارات العائلية».

تظهر مقاطع الفيديو، التي تم التقاطها على ما يبدو من كاميرات مراقبة السجن، حراسًا يضربون السجناء ويجرون محتجزًا على الأرض، وفي جزء من اللقطات، قام رجل بتحطيم مرآة الحمام في محاولة لجرح ذراعه، كما يظهر بتلك المقاطع غرف الحبس الانفرادي وبها أسرة مزدوجة الطوابق بينما ينام ثلاثة على الطابق العلوي من الفراش ويلفون أنفسهم ببطاطين للتدفئة، وفقا للإندبندنت.

وتعهد رئيس مصلحة السجون الإيرانية حاج محمدي في تغريدة نشرها على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، بتجنب تكرار هذه الأحداث المريرة، قائلا: «سوف نحاسب المسؤولين عنها، لكنه لم يوضح كيف سيتم ذلك».

وأضاف حاج محمدي: «أستغفر لله العظيم، وأعتذر للمرشد الأعلى العزيز، ولأمتنا العظيمة ولضباط السجون الشرفاء الذين لن يتم تجاهل جهودهم بسبب ما يرتكبه الآخرون».

وقال المتسللون المزعومون إن نشر اللقطات كان محاولة لإظهار الظروف القاتمة داخل سجن «إيفين»، بحسب ما ذكرت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية.

كما أشاد التلفزيون الحكومي في إيران بتصريحات السيد حاج محمدي، التي تم الترحيب بها باعتبارها اعترافًا نادرًا بانتهاكات حقوق الإنسان في البلاد، والتي غالبًا ما رفضها التليفزيون الإيراني ووسائل الإعلام الحكومية باعتبارها لا أساس لها من الصحة.

ويطلق حساب على الإنترنت نشر مقاطع الفيديو على نفسه اسم «عدالة علي»، في إشارة إلى علي ابن أبي طالب ابن عم النبي محمد وصهره الذي يبجله الشيعة، كما يسخر هذا الحساب من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.

انتهاكات جسيمة

اعترف رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، بوقوع انتهاكات جسيمة في حق المعتقلين بسجن إيفين شمال طهران، قائلا إنه تمت إعادة النظر في جميع الفيديوهات المتعلقة بسجن إيفين بحضور أعضاء مجلس النواب، وخبراء من القضاء والنيابة العامة والمسؤولين المعنيين، وثبت لنا وقوع انتهاكات في حق المعتقلين ويجب التعامل مع مرتكبيها”.

وأوصى قاليباف بمعاقبة المسؤولين عن انتهاكات سجن إيفين.

من جانبه قال حسن شجاع، رئيس «لجنة المادة 90» التابعة للبرلمان الإيراني، إن اللجنة حققت في مقاطع الفيديو المسربة من سجن إيفين شمال طهران، وجرى التثبت من تلك الانتهاكات المريرة التي ارتكبت بحق المعتقلين.

رعب

ترتبط العديد من السجون الإيرانية الأخرى، في المخيلة العامة لدى الأوساط الشعبية والسياسية الإيرانية بالرُعب، حيث يأتي سجن «قرجك» على رأس تلك السجون، الواقع بدوره في قلب العاصمة طهران والذي يُعتبر النظير لسجن «إيفين»، لكنه سجن خاص بالنساء.

ووثقة العديد من المحتجزات داخل سجن «قرجك»، لا سيما اللواتي جرى حبسهن لأسباب سياسي، العديد من الشهادات، حيث يتم ابتزازهن والتحرش بهن جنسياً.

تقول الناشطة في مجال حقوق الإنسان مريم شفيبور: «أكثر ما يثير الرُعب في ذلك السجن هو الاعتداء الجنسي، شخصياً، حينما كُنت مُعتقلة خلال العام 2014، هددني المحقق بقول واضح «أنت امرأة، يمكنني أن أبقيك هنا وأفعل ما أريد معك».

وانتقدت منظمة العفو الدولية ، مقاطع الفيديو من سجن إيفين بطهران، وقال في بيان إن تحليل 16 فيديو يقدم أدلة مروعة على الضرب والتحرش الجنسي والإهمال المتعمد وسوء المعاملة للسجناء الذين يحتاجون للعلاج.

وأعرب المنظمة عن قلقها إزاء الاكتظاظ في السجون الجماعية والظروف الوحشية واللاإنسانية في الحبس الانفرادي.

عقوبات قضائية

بعد ثلاثة أيام من إنشاء اللجنة المتخصصة لمراجعة صور سجن «إيفين»، شكل النائب العام فريقا من أربعة أعضاء وقام بزيارة أجنحة السجن المختلفة، والتقى وجها لوجه مع مسؤولي وضباط الأجنحة، وكذلك كعدد من السجناء، وبعد التحقيق في مختلف زوايا الموضوع  تم رفع التقرير الأول في هذا الشأن إلى رئيس القضاء، بحسب موقع «همشري أونلاين» الإيراني.

وبحسب تقرير النيابة العامة ومركز الحماية والمعلومات التابع للقضاء، فقد تقرر أن بعض مسؤولي السجن قد ارتكبوا مخالفات، وأمر على الفور بملاحقة المخالفين في أسرع وقت ممكن والتحقيق معهم.

وألقت السلطات الإيرانية القبض على شخصين من السجانين بسجن «إيفين» وأخضعت 6 آخرين لعقوبات قضائية، بعد تقديم تقرير لجنة تقصي الحقائق إلى رئيس السلطة القضائية.

من جانبه قال المتحدث باسم السلطة القضائية، ذبيه الله خداييان: «المقاطع المسربة من سجن «إيفين» تظهر ممارسات غير قانونية وغير قابلة للتبرير»، مشيرا إلى أنه «تم التعرف على 6 من العناصر التي ارتكبت التجاوزات، وتمت إحالتهم إلى القضاء، لكن مسؤولية هذه الممارسات المحدودة لا يمكن أن تعمم على جميع منتسبي إدارة السجون».

ربما يعجبك أيضا