ترحيب سوري بتمرير الغاز المصري إلى لبنان.. أي انعكاسات على أزمة بيروت والمركز الإقليمي الطاقوي للقاهرة؟

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

أبدت سوريا استعدادها لتلبية طلب لبناني بـ”تمرير” الغاز والكهرباء من مصر والأردن إلى لبنان عبر أراضيها، في إطار خطة أمريكية قد تستثني لبنان من العقوبات على سوريا. جاء ذلك في أول زيارة رسمية لبنانية إلى سوريا منذ عقد.

ويشهد لبنان منذ أشهر شحاً في المحروقات ينعكس على مختلف القطاعات من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية، وذلك على وقع أزمة اقتصادية تتفاقم منذ عامين وصنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850. كما تعاني سوريا بدورها من أزمة طاقة كهربائية حادة جراء النزاع الدائر فيها منذ 2011 وفاقمتها العقوبات الدولية المفروضة عليها.

ترحيب سوري

رحبت دمشق اليوم السبت بـ”طلب” لبنان إمرار الغاز والطاقة الكهربائية من مصر والأردن عبر أراضيها، وأبدت استعداداً “لتلبيته” للتخفيف من وطأة أزمة طاقة يعانيها لبنان منذ أشهر، وذلك في أول زيارة لوفد وزاري لبناني رفيع المستوى لسوريا منذ اندلاع النزاع فيها قبل عشر سنوات.

ووصل الوفد اللبناني المؤلف من نائبة رئيس حكومة تصريف الأعمال وزيرة الدفاع والخارجية زينة عكر ووزير المال غازي وزني ووزير الطاقة ريمون غجر والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، صباحاً إلى سوريا. وعقد لقاء في مقر الخارجية السورية بحضور وزيري الخارجية فيصل المقداد والنفط بسام طعمة.

وخلال مؤتمر صحافي بحضور المجتمعين قال الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني-السوري الذي يضم ممثلين للبلدين، نصري خوري: “طالب الجانب اللبناني بإمكانية مساعدة سوريا للبنان في تمرير الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية، ورحب الجانب السوري بالطلب وأكد استعداد سوريا لتلبية ذلك”. واتفق الجانبان على متابعة الأمور الفنية عبر فريق فني مشترك.

الاستثناء الأمريكي

والشهر الماضي، أعلنت الرئاسة اللبنانية تبلغها موافقة واشنطن على مساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية والغاز من مصر والأردن مروراً بسوريا فلبنان. ويعني التعهد الأميركي عملياً، موافقة واشنطن على استثناء لبنان من العقوبات المفروضة على سوريا والتي تحظر إجراء أي تعاملات مالية أو تجارية معها.

ووصل الوفد اللبناني المؤلف من نائبة رئيس حكومة تصريف الأعمال وزيرة الدفاع والخارجية زينة عكر ووزير المال غازي وزني ووزير الطاقة ريمون غجر والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، صباحاً إلى سوريا. وعقد لقاء في مقر الخارجية السورية بحضور وزيري الخارجية والنفط فيصل المقداد وبسام طعمة.

وخلال مؤتمر صحافي بحضور المجتمعين قال أمين عام المجلس الأعلى اللبناني-السوري الذي يضم ممثلين عن البلدين، نصري خوري: “طالب الجانب اللبناني إمكانية مساعدة سوريا للبنان في تمرير الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية، ورحب الجانب السوري بالطلب وأكد استعداد سوريا لتلبية ذلك”.

واتفق الجانبان على متابعة الأمور الفنية عبر فريق فني مشترك.

ويتفاوض لبنان منذ أكثر من سنة مع القاهرة لاستجرار الغاز عبر الأردن وسوريا، وفق ما كان مصدر مطلع على الملف أفاد فرانس برس، لكن العقوبات الأميركية على سوريا، وآخرها قانون قيصر، شكلت على الدوام عقبة أمام الاتفاق.

ويقضي الاتفاق، وفق المصدر، باستجرار الغاز المصري لتشغيل معامل لإنتاج الكهرباء في لبنان، وبإمداده بالطاقة الكهربائية من الأردن الذي يستورد أيضاً الغاز المصري لإنتاج الطاقة التي كان يزود بها سوريا كذلك في الماضي.

مصر مركز إقليمي للطاقة

تتجه مصر بخطى متسارعة نحو التحول إلى مركز إقليمي للطاقة، خاصة بعد تحويل منتدى غاز شرق المتوسط إلى منظمة رسمية مقرها القاهرة، لتراهن بذلك البلد على موقعها الجغرافي وعلى اكتشافات الغاز الأخيرة في البحر المتوسط، وتصبح لاعبا أساسيا في سوق الغاز.

وعملت مصر على تنمية واستغلال ما لديها من ثروات طبيعية، وسعت للتحول من بلد يكافح لتدبير نفقات استيراد الغاز، إلى بلد مصدر بل وربما إلى لاعب أساسي مؤثر في سوق الغاز العالمي.

فاكتشافات الغاز في البحر المتوسط، وعلى رأسها حقل ظهر بإنتاجه الذي ناهز 3 مليارات قدم مكعب، واتفاقيات ترسيم الحدود مع دول الجوار، وسداد مستحقات الشركات الأجنبية، كلها أمور دفعت إنتاج مصر من الغاز لأعلى مستوياته على الإطلاق.

ووصل إنتاج مصر من الغاز إلى 7 مليارات و200 مليون قدم مكعب يوميا، اكتفت بها مصر ذاتيا بل وتحولت مرة أخرى إلى بلد مصدر للغاز.

لعبت عددا من العوامل دورا في تعزيز دور مصر بسوق الغاز العالمي، من بينها “تعديل التشريعات، وتعيين وترسيم الحدود، وسداد المتأخرات، والاستفادة من الموارد الغنية التي لم تكتشف بعد، مثل البحر الأحمر”.

وفيما كانت الأنظار كلها تتجه صوب منطقة شرق البحر المتوسط وما تحمله من ثروات للغاز، جاءت مبادرة مصر بتأسيس منظمة غاز شرق لمتوسط مع 6 دول أخرى، لتكون بمثابة سوق إقليمية تعمل على استغلال ثروات الغاز وتأمين احتياجات الدول الأعضاء.

وخلاصة القول، أن تمرير الطاقة من مصر إلى لبنان يؤكد مجددًا على مركز مصر الإقليمي للطاقة في ظل تنافسها مع كل من إسرائيل وتركيا في التحول إلى مركز طاقوي للغاز الطبيعي ومنها التصدير إلى الأسواق الدولية، وعقب الاتفاقيات المصرية مع الأسواق الإقليمية، وبالأخص الاتفاق الثلاثي مع الأردن والعراق، بجانب محطتي الإسالة في دمياط وإدكو، فضلا عن السماح الأمريكي بتمرير الغاز المصري عبر سوريا وتخطي العقوبات الدولية، يؤكد على أن مصر تقترب كثيرًا من أهدافها نحو تحقيق ثقل إقليمي والتحول لمركز للطاقة في منطقة الشرق الأوسط وإقليم شرق المتوسط.

ربما يعجبك أيضا