السعودية والعراق.. تعاون أمني لمكافحة الإرهاب وإرساء دعائم الاستقرار بالمنطقة

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

تواجه العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط تحديات جمة لردع الإرهاب والجماعات المتطرفة، ولاسيما العائدين منهم من مناطق النزاع إلى بلدانهم الأصلية، ومن ثم ظهرت الحاجة إلى اتخاذ تدابير فعالة من خلال التعاون الدولي للتصدي لتلك المخاطر الناجمة عن عودتهم.

لذلك، يُعد تعزيز أمن الحدود وضبطها هو خط الدفاع الأول لمنع سفر هذه العناصر، وصد تنقلها بكل أريحية بين الدول.

تعزيز العلاقات

المملكة العربية السعودية والعراق، يُعدان من تلك الدول التي تسعى دائمًا لمكافحة الإرهاب والتطرف وضبط الحدود، وتأكيدًا لهذا الدور، أكد الطرفان اليوم السبت، على تطوير التعاون في هذا المجال، خاصة بعد تلك الخطوات الواثقة التي يخطوها الطرفان لتوطيد العلاقات أكثر فأكثر.

وظهر ذلك جليًا خلال قمة بغداد “مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة” الذي استضافته العاصمة العراقية بغداد في أواخر أغسطس الماضي، إذ حلت المملكة العربية السعودية -آنذاك- ضيفًا على هذا المؤتمر في تعزيز للعلاقات الاستراتيجية المتنامية بين البلدين، والتي كانت قد شهدت طفرة كبيرة خلال السنوات الأخيرة.

وبالأمس، أعلنت السعودية أيضًا عن عقد عدة اتفاقيات تجارية مع العراق في مجالات المنافذ البرية والبحرية والجوية، شملت زيادة وتسريع حجم التبادل التجاري عبر منفذ جديدة عرعر من خلال تسهيل الإجراءات، بالإضافة إلى إعادة تأهيل وتهيئة المنفذ في الجانبين السعودي والعراقي عبر تنفيذ مشروع توسعة الطريق الرابط بين المنفذ والحدود السعودية.

كذلك اتفق الجانبان على تفعيل اتفاقية النقل الجوي، واستمرار التعاون في مجالات السلامة الجوية وأمن الطيران والمطارات.

تعاون أمني

واستكمالًا لمسيرة التعاون، ولأن السعودية والعراق يشتركان بحدود تمتد إلى 900 كم تقريبًا، كما يشتركان بعدة معابر برية، أهمها منفذ عرعر الواقع بمحافظة الأنبار، غربي العراق، بحث الجانبان اليوم تعزيز التعاون الأمني، وشددا على أهمية تطوير تلك التعاون المشترك بمختلف المجالات الأمنية، ولا سيما بمجال مكافحة الإرهاب، وضبط الحدود المشتركة.

جاء ذلك خلال استقبال رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، لوزير الداخلية السعودية عبد العزيز بن سعود بن نايف آل سعود، في العاصمة العراقية بغداد، والذي استقبله وزير الداخلية العراقي، عثمان الغانمي في مطار بغداد الدولي، هو والوفد المرافق له.

كذلك بحث الجانبان، خلال اللقاء، الحدود المشتركة بين البلدين، فضلًا عن تبادل الخبرات الأمنية، وكل ما من شأنه أن يسهم في تحقيق أمن واستقرار البلدين.

ومن جانبه، أشاد وزير الداخلية السعودي، بالخطوات التي تقوم بها الحكومة العراقية باتجاه انتهاج سياسة الحوار والتهدئة لضمان استقرار المنطقة، وكذلك في مجال محاربة الإرهاب الذي يهدد أمن المنطقة بأسرها.

من جهة أخرى، بحث وزير الداخلية العراقي مع نظيره السعودي، 5 ملفات تخص أعمال الوزارتين، لتطوير التعاون الأمني بين بغداد والرياض.

وقال بيان لوزارة الداخلية: إن: “الجانبين عقدا مباحثات ركزت على تطوير العلاقات والتنسيق في مختلف المجالات.. من بينها العمل الاستخباري، ومكافحة المخدرات، وأمن الحدود، والأدلة الجنائية، والتدريب، وقضايا أخرى ذات الاهتمام المشترك”.

وأكّد البيان على أنه: “تم الاتفاق على تبادل الزيارات واللقاءات بين الدوائر والمديريات في الوزارتين، بما يعزز المصالح المشتركة وأمن البلدين”.

الحفاظ على الأمن الإقليمي والدولي

نقل الأمير عبدالعزيز بن سعود، خلال زيارته للعاصمة العراقية بغداد، تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وتطلعاتهما في تحقيق كل ما يسهم في حفظ وتعزيز أمن البلدين الشقيقين.

وأكد أنه بفضل الله، ثم بفضل توجيهات قيادتي البلدين الشقيقين فتحت آفاق رحبة للتنسيق بين البلدين، والتي كانت إحدى ثمارها تأسيس مجلس التنسيق السعودي العراقي الذي يعمل على تعزيز التعاون والشراكة بين الجانبين في المجالات كافة، وافتتاح منفذ جديدة عرعر الذي أسهم بشكل فاعل في رفع مستوى التبادل التجاري.

وأوضح: “ما يحيط بأمننا العربي من تحديات ومتغيرات إقليمية وعالمية يستوجب تكامل التعاون والتنسيق بين الأجهزة الأمنية في البلدين الشقيقين”، مؤكدًا بأن ذلك هدف استراتيجي للحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي والدولي.

كذلك، جرى خلال الجلسة بحث سبل تعزيز وتطوير التعاون المشترك بين وزارتي الداخلية في البلدين الشقيقين.

وعقب جلسة المباحثات التقى الأمير عبدالعزيز بن سعود، برئيس مجلس النواب بجمهورية العراق السيد محمد الحلبوسي في مجلس النواب العراقي، كما التقى مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، وذلك في مستشارية الأمن القومي.

وجرى خلال اللقاءين بحث عدد من الموضوعات ذات الصلة بتعزيز مسارات التعاون الأمني بين البلدين، وذلك في حضور الوفد الرسمي المرافق لوزير الداخلية السعودية.

وأتت زيارة الأمير “آل سعود”، بناءً على دعوة رسمية من نظيره العراقي، “عثمان الغانمي” ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لبحث تطوير التعاون الأمني بين البلدين الجارين.

وتشهد العلاقات السعودية العراقية تطورًا متسارعًا، ظهرت ملامحه في المباحثات المهمة والاجتماعات المتواصلة والزيارات المتبادلة خلال وقت قصير.

جاء أبرزها الاتفاق مؤخرًا على تأسيس صندوق سعودي عراقي مشترك يقدر رأس ماله بـثلاثة مليارات دولار إسهامًا من المملكة العربية السعودية في تعزيز الاستثمار في المجالات الاقتصادية في جمهورية العراق بما يعود بالنفع على الاقتصادين السعودي والعراقي وبمشاركة القطاع الخاص من الجانبين.

كما شهدت العلاقات اتفاقًا للتعاون في مجالات الطاقة والطاقة المتجددة وتفعيل وتسريع خطة العمل المشتركة، تحت مظلة مجلس التنسيق السعودي العراقي، مع ضرورة الاستمرار في التعاون وتنسيق المواقف في المجال البترولي، كما اتفق البلدان أيضًا على إنجاز مشروع الربط الكهربائي لأهميته للبلدين.

وعلى صعيد القضايا الإقليمية، اتفق الجانبان على تكثيف التعاون والتنسيق وتبادل وجهات النظر بخصوص المسائل والقضايا التي تهم البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية، وبما يسهم في دعم وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وضرورة إبعادها عن التوترات وأسبابها، وظهر ذلك جليًا في لقاء اليوم الذي شدد على أهمية التعاون الأمني والسعي المشترك لإرساء دعائم الأمن والاستقرار المستدام.

ربما يعجبك أيضا