«مواجهة الأوبئة».. مشروع معاهدة دولية في انتظار النور

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

قبل تفشي وباء فيروس كورونا الحالي، لم يكن الكثيرون منا يفكرون بشكل جدي بالأمراض التي يمكن أن نصاب بها عندما نغادر منازلنا. ولكن معظم الأمراض الفيروسية والجرثومية التي واجهها أجدادنا إبان تفشي الأوبئة العالمية السابقة ما زالت موجودة معنا بشكل أو آخر وعلى الرغم من الأرواح التي حصدتها الأمراض على مدار العصور السابقة إلا أن دول العالم لم تقف بجوار بعضها يداً بيد من أجل محاربة الأمراض والأوبئة والحفاظ على صحة المواطنين ولكن مع ظهور “الجائحة” لم يكن  هناك بديل غير الاتحاد من أجل الحفاظ على البشرية

بحث وزير الصحة البريطاني ساجد جاويد، مقترحا عالميا حول إنشاء معاهدة للأوبئة هدفها دعم قدرة العالم على مواجهة الأوبئة عند بداية انتشارها.

ذكر ذلك مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، في تدوينة على “تويتر”، اليوم السبت، أرفقها بصورة له مع وزير الصحة البريطاني.

وقال أدهانوم: إن اجتماعه مع وزير الصحة البريطاني في روما كان اجتماعا عظيما، مشيرا إلى أنهما بحثا معاهدة مقترحة للاستعداد والاستجابة للأوبئة العالمية.

وتهدف المبادرة المقترحة لدعم جهود الاستجابة للأوبئة وتتضمن البحث في أصل نشأة فيروس كورونا ومقاومة الميكروبات.

كما تضمنت النقاشات سبل دعم منظمة الصحة العالمية لتصبح أكثر قوة وقدرة على الاستجابة للأزمات الصحية العالمية.

وأثنى أدهانوم على ما تقوم به بريطانيا لدعم المنظمة الدولية، خاصة فيما يتعلق بالأزمات الصحية مثل أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد.

لا أحد في مأمن

في مارس الماضي دعا قادة أكثر من 20 دولة إلى اتفاق عالمي جديد لمساعدة العالم في الاستعداد للأوبئة في المستقبل.

وجاء في رسالة مشتركة، وقعها قادة من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أن “كوفيد شكل أكبر تحد منذ الحرب العالمية الثانية”.

وأضافوا أن الوباء أثبت “أن لا أحد في مأمن، إلى أن يصبح الجميع آمنين”.

نشرت الرسالة في صحف مثل “ديلي تلغراف” البريطانية، “لوموند” الفرنسية، و”إل باييس” الإسبانية، وقال الموقعون عليها إن توقيع معاهدة مماثلة لتلك التي وقعت في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بات ضرورياً لبناء تعاون عبر الحدود.

وبرأي الموقعين، فإنّ معاهدة جديدة ستساعد في إنشاء أنظمة أفضل لتنبيه الناس بشأن الأوبئة المحتملة، مع تحسين تبادل البيانات وتوزيع اللقاحات ومعدات الحماية الشخصية.

وتضيف الرسالة: “ستكون هناك أوبئة أخرى وحالات طوارئ صحية كبيرة أخرى. ولا يمكن لأي حكومة بمفردها أو وكالة متعددة الأطراف أن تتصدى لهذا التهديد بمفردها. والسؤال ليس إن كانت الطوارئ ستقع أم لا، بل متى”.

ويقول الموقعون، ومن بينهم رئيس منظمة الصحة العالمية، دكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس: “في ذلك الوقت، وبعد الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية، اجتمع القادة السياسيون معا لتشكيل نظام متعدد الأطراف”.

وأضاف: “كانت الأهداف واضحة: التقريب بين الدول، والنأي عن إغراءات الانعزالية والقومية، والتصدي للتحديات التي لا يمكن تحقيقها إلا بروح التضامن والتعاون – وهي السلام والازدهار والصحة والأمن”.

ويقول القادة إنه يجب على البلدان الآن وبنفس الروحية “أن تكون أفضل استعداداً للتنبؤ بالأوبئة ومنعها واكتشافها وتقييمها والاستجابة لها بشكل فعال وبطريقة منسقة للغاية”.

وتأتي مقالة القادة المشتركة في أعقاب الخلاف بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بشأن اللقاحات، بعدما أدخل الاتحاد ضوابط تصدير أكثر صرامة على اللقاحات المنتجة هناك.

وحذرت بريطانيا ومنظمة الصحة العالمية من الحصار، بينما ألقى الاتحاد الأوروبي باللوم على شركات الأدوية، خاصة أسترازينيكا لعدم توفير الجرعات الموعود بها، فيما تنفي الشركة عدم التزامها بعقودها.

ميزانية المنظمة

منظمة الصحة العالمية
منظمة الصحة العالمية

في يونيو توصلت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية التي تتخذ من جنيف مقرا لها إلى اتفاق بشأن إبرام معاهدة دولية لتعزيز التأهب المُسبق لمواجهة الأوبئة. ومع ذلك، يقول الخبير الصحي، أنطوان فلاهولت، إن هذه المنظمة تحتاج أيضا إلى إصلاح على مستوى الميزانية حتى تكون لديها الموارد الكافية لمكافحة تفشي الأمراض في المستقبل.

في 31 مايو الماضي، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس في نهاية أشغال الجمعية الصحية العالمية الذي استمر أسبوعًا وحضره مندوبون من مئة وأربعة وتسعين بلدا عضوا، إن وكالة الأمم المتحدة المعنية بالصحة في العالم واجهت “تحديًا خطيرًا” للحفاظ على قدرتها في التصدي لفيروس كورونا المستجد عند المستوى الحالي ويتطلب نجاحها في أداء مهمّتها في المستقبل تمويلا مستداما يتميزّ بالمرونة.

المندوبون اتفقوا على الاجتماع مجددا في نهاية شهر نوفمبر القادم للتداول حول مشروع معاهدة التصدي للأوبئة، التي من شأنها تعزيز قدرة كل من منظمة الصحة العالمية والبلدان الأعضاء على احتواء فيروسات جديدة. وشدد تيدروس على أن المعاهدة “فكرة حان وقت إنجازها”.

وفي مقابلة مع SWI swissinfo.ch، قال أنطوان فلاهولت، مدير معهد الصحة العالمية في جامعة جنيف، إن مثل هذه الاتفاقية قد تدفع البلدان الأعضاء إلى “اعتبار التهديد الصحي أمرا جديا، مثل التهديدات النووية أو الكيميائية”.

ومن المنتظر أن يمنح جزء رئيسي من نصوص المعاهدة المنتظرة منظمة الصحة العالمية السلطة لإرسال المحققين بسرعة لملاحقة تفشي الأمراض الجديدة ونشر نتائجهم الكاملة دون تأخير.

دعم دولي

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مايو الماضي  إلى تمكين منظمة الصحة العالمية من زيارة البلدان سريعا في حالة تفشي الأمراض التي يحتمل تحولها إلى جائحة، مع ضمان وصولها إلى البيانات اللازمة.

كما دعا ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في رسالتين منفصلتين مسجلتين مسبقا من أجل الاجتماع الوزاري السنوي لمنظمة الصحة العالمية، إلى تحسين تمويل الوكالة التابعة للأمم المتحدة ودعم فكرة معاهدة دولية جديدة لمنع الأوبئة.

وحسب موقع سبوتنيك، طرح رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل خلال قمة زعماء دول مجموعة العشرين في نوفمبر الماضي، فكرة تلك المعاهدة، التي تضمن إتاحة اللقاحات والأدوية والفحوصات على نحو شامل وعادل.

وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إنه يتعين على القوى العالمية إبرام معاهدة عالمية بشأن الأوبئة لضمان الشفافية المناسبة بعد تفشي فيروس كورونا الجديد.

وأضاف “أعتقد أن ما يحتاج العالم أن يراه هو اتفاق عام على كيفية تتبعنا للبيانات المحيطة بالأوبئة الحيوانية المنشأ. أعتقد أن إحدى الأفكار الجذابة التي رأيناها في الأشهر القليلة الماضية هي اقتراح معاهدة عالمية بشأن الأوبئة”.

وفي شهر مارس أبدى قادة 23 دولة ومنظمة الصحة العالمية، تأييدهم لمشروع إبرام معاهدة دولية لمساعدة دول العالم في مكافحة حالات الطوارئ الصحية المستقبلية مثل جائحة فيروس كورونا التي تجتاح العالم الآن.

ربما يعجبك أيضا