«سبنسر».. مأساة ديانا حاضرة في «فينيسيا السينمائي»

أماني ربيع

أماني ربيع

رغم مرور سنوات طويلة على رحيلها، إلا أن الأميرة ديانا لا تزال حتى الآن مادة ثرية للكتابة والأعمال الوثائقية والدرامية والسينمائية، وأخبارها دوما حاضرة على المواقع العالمية، تارة حول حكايتها الشخصية المؤلمة، وأخرى حول علاقتها بأبنائها، وثالثة حول أناقتها المذهلة التي جعلتها أيقونة إلى الأبد.

حتى بعدما تركت القصر الملكي، ظلت دوما أميرة القلوب، التي فُجع العالم بموتها إثر حادث سيارة في باريس عام 1997، والذي ما زال يثير الجدل حتى الآن، حول إذا ما كان مدبرا أم مجرد حادث عرضي بسبب مطاردة البابارتزي.

وكان أحدث الأعمال السينمائية المقتبسة عن حياة الأميرة، بعد مسلسل “The Crown ” الشهير من إنتاج نتفلكس، فيلم ” Spencer”، للمخرج بابلو لارين، والذي أقيم عرضه العالمي الأول ضمن عروض المسابقة الرسمية في مهرجان فينيسيا السينمائي بدورته الثامنة والسبعين، يوم الجمعة الماضي.

ونال الفيلم، بعد عرضه إشادات واسعة من الجمهور والنقاد على السواء، وأثنى الجميع على حبكة الفيلم المثالية، والأداء المدهش لكريستين ستيوارت في دور الأميرة ديانا.

https://www.youtube.com/watch?v=MUnsoxe7K4g

وقبل عرضه، ومع طرح البرومو التشويقي أثار الفيلم حماس النقاد، ومنهم الناقد السينمائي سكوت مينزل، الذي قال: “بناءً على ما رأيته يبدو أن كريستين ستفوز بالأوسكار”.

وأضاف: “أنا على أتم الثقة، أن هذا الفيلم سيمثل نقلة في تاريخ كريستين ستيوارت”.

وقال مخرج الفيلم، بابلو لارين: “هذه قصة أميرة قررت الابتعاد عن فكرة أن تصبح ملكة لأنها تريد أن تكون نفسها”.

وأكد لارين أنه لم يهدف إلى صنع دراما وثائقية، وإنما أراد استلهام عناصر من الواقع مع استثمار بعض الخيال.

وبعد عرض الفيلم، في مهرجان فينيسيا، أشاد النقاد بأداء ستيوارت، وبراعتها في محاكاة صوت ديانا اللطيف، وطريقتها في الحديث، وإجادتها لهذا المزيج بين الخجل والصراحة عند الكلام، وكانت هناك ملاحظات عن فارق الطول بين ستيوارت والأميرة التي تميزة بطول قامتها، وجاذبيتها المفرطة.

قال الناقد أوين جليبرمان من موقع فارايتي، الذي تحدث عن براعة المخرج في إخراج افلام السير الذاتية، والذي استخدم أدوات مماثلة لما فعله في فيلمه ” Jakie” للفنانة ناتالي بورتمان، حيث جسدت دراما نفسية لجاكي كينيدي خلال الأسبوع التالي لاغتيال زوجها الرئيس الأمريكي جون كينيدي.

يختار لارين عادة، لحظات مصيرية من حياة الشخصيات التي يقدمها، لحظات تضعهم في حيرة وألم، وتكون عادة نقطة فارقة في حياتهم، وفي فيلم ” Spencer”، اختار لارين الوقت الذي علمت فيه الأميرة ديانا بخيانة زوجها بعد مرور 10 سنوات تقريبا على حفل زفافها الأسطوري على الأمير تشارلز عام 1981، أحداث الفيلم كاملة، تدور في 3 أيام خلال عطلة الكريسماس بقصر ساندرينجهام، ويكون المتفرجين أشبه بمن يتلصص على مشاعر الأميرة الداخلية، وكيفية تقبلها للحقيقة المؤلمة.

الفيلم يجاري ما يعرفه الجميع عن ديانا، ويحملنا على التعاطف معها، والتوحد مع آلامها واعتبارها آلامنا، وأثنى جليبرمان، على تصميم الإنتاج لجاي هندريكس، وبنائه ديكور ساندرينجهام، ورغم الفخامة وأناقة المفروشات والستائر والأثاث، فالقصر لم يكن أكثر من سجن مشدد يطوق حرية الأميرة.

في ” Spencer”، ديانا ليست أميرة متمردة، أو سندريلا، إنها مجرد امرأة من لحم ودم لديها مشاعر، ولا تعيش حياة مثالية كما يتصور البعض، لدى رؤيتهم لصورها المبتسمة.

وجسدت كريستين ستيورات ببراعة كل آلام ديانا الفتاة البسيطة التي حلمت بحياة بسيطة وزوج يحبها، وفوجئت بالرفض، وأصبحت أشبه بدمية متحركة أنيقة، رغم جاذبيتها إلا أن حياتها الشخصية تبدو مدمرة وراء هذا الإطار البراق.

وبحسب جوناثان رومني، من موقع “سكرين ديلي” ، نرى مدى قسوة حياة القصر على الأميرة التي تبدو دوما وحيدة ومعزولة عن بقية العائلة المالكة، أميرة في مملكة لا تنتمي إليها، تتأخر باستمرار عن الوجبات العائلية التي تحطم روحها، وكثيرا ما تغادر طاولة الطعام للتقيأ بسبب معاناتها من اضطراب الطعام، وتبدو محبطة وحزينة، بينما يخبرها الخدم وموظفو القصر بما عليها فعله، فكل شيء يسير وفقا لنظام صارم، الطعام، وحتى الأثواب في دولاب ملابسها، يتم اختيارها لها، بحيث لا تكون لديها فرصة للمعارضة، وهو ما يجعلها تتوق للتحرر من هذه القيود والقاعد التي تراها خانقة ومنافقة.

ووصف الموقع أداء ستيوارت: بـ ” المرهف والرقيق والمرح أحياناً، وغير المصطنع على الإطلاق”.

وأبرز الإشادات، كانت حول براعة ستيوارت في الحديث باللهجة البريطانية الراقية، وكتب الناقد في صحيفة ديلي تليجراف، عبر حسابه على تويتر: “كريستين ستيوارت تستحق جائزة الأوسكار، وستحبها زوجة الأمير هاري، ميجان ماركل”.

أما موقع هوليود ريبورتر، فأكد أن كريستين ستيوارت أجادت في تجسيد ديانا التي تبدو في الفيلم وكأنها تترنح في أعقاب الصدمة، بينما الأضواء المحيطة بها، تحرقها، وهو ما اتفق معه بيت هاموند، من موقع ديدلاين، الذي أثنى على اقتناص ستيوارت لجوهر شخصية ديانا.

بالطبع ستيوارت كممثلة شهيرة، تعلم بالفن منذ طفولتها، عانت من مضايقات الباباراتزي، وربما ساعدها هذا على إدراك معاناة الأميرة الشخصية، والتماهي معها.

لكن رغم هذا الانكسار والضعف، إلا أن الأميرة تقرر كسر القيود، والإمساك بزمام حياتها دون قيود من أحد، لتبدأ فصلا جديد من حياتها مع بداية التسعينيات.

وقبل العرض الأول للفيلم قالت ستيوارت: “كانت ديانا أشهر امرأة في العالم وأكثر النساء جذبا للمصورين في أنحاء الأرض.”

وأضافت: اختبرت الشهرة ومضايقاتها، لكن ما واجهته، بعيد كل البعد عما عاشته الأميرة الراحلة، التي كانت تدخل الفرح إلى قلوب الآخرين، رغم أنها تعيسة من الداخل.”

وتحدثت أيضا عن الرقابة الصارمة لكل شيء في حياة ديانا، التي كان يجب عليها دوما الالتزام بالبروتوكول، ولم يكن من حقها اتخاذ القرار في أبسط احتياجاتها.

وأكدت الممثلة أنه، بالرغم من الحزن الذي يخيم على الفيلم، إلا أنها استمتعت كثيرا بتجسيد شخصية ديانا، وطباعها وسلوكها، وقالت استمتعت بهذا الفيلم أكثر من أي عمل آخر.”

وتعد ستيوارت آخر الممثلات التي قمن بتجسيد ديانا على الشاشة، بعد إيما كورين، من مسلسل ” The Crown ” على نتفلكس، والتي فازت بجائزة جولدن جلوب هذا العام عن دورها في الموسم الرابع من المسلسل.

وتوقعت العديد من المواقع والصحف الفنية، أن يرشح هذا الفيلم، ستيوارت لمنافسة قوية في موسم الجوائز المقبل، وأنها قد تكون عى موعد مع جائزة الأوسكار.

ويستعرض فيلم المخرج بابلو لارين في ” Spencer”، عبر سيناريو محكم لستيفن نايت، أحداثا خيالية مستلهمة من الواقع على مدار  3 أيام في قصر ساندرينجهام، خلال عيد الميلاد عام 1991، حيث يتداعى زواج ديانا من أمير تشارلز، بحيث يقترب من الانهيار بشكل يتعذر إصلاحه.

وعنوان الفيلم مستوحى من اسم عائلة الأميرة الراحلة “سبنسر”، التي ولدت في عام 1961، وتزوجت بالأمير تشارلز في 1981، وانفصلا في 1992 وطُلقا رسميا في 1996، لتلقى ديانا مصرعها في حادث سيارة في باريس عام 1997.

ومن أشهر الأعمال التي تناولت حياة الأميرة ديانا، كان فيلم “diana” للمخرج أوليفر هيرشبيجل الذي صدر عام 2013، وأدت دورها الفنانة ناعومي واتس، بينما صدر عام 2017، فيلما وثائقيا بعنوان “ديانا أمنا: حياتها وإرثها”، بمناسبة مرور 20 عاما على رحيل أميرة ويلز.

ربما يعجبك أيضا