رغم الأزمات.. الاقتصاد التونسي يسعى لتجاوز مشاكل هيكلية خلفها حكم الإسلاميين

كريم بن صالح

رؤية – كريم بن صالح

يعيش الاقتصاد التونسي مشاكل هيكلية بسبب عشر سنوات من حكم التيارات الإخوانية التي وجدت اقتصادا متنوعا رغم هناته ليعمدوا في النهاية إلى تخريبه بعد أن سمحوا للوبيات الفساد والمصالح بالسيطرة عليه.

ورغم أن نظام بن علي ترك مليارات الدينارات في خزينة الدولة لكن منظومة ما بعد الثورة استهلكت كل تلك المدخرات وتورطت في إفلاس عدد من الشركات المربحة بسبب سوء إدارتها والتلاعب بميزانيتها.

فمؤسسات تونسية منتجة مثل شركة الفسفاط نخرها سوس الفساد وتراجع إنتاجها بسبب الاعتصامات والاحتجاجات وسيطرة اللوبيات حتى اضطرت تونس التي كانت ضمن الخمس الدول الأولى في العالم في إنتاج الفسفاط إلى توريده.

ووصل العجز في عهد حكومة هشام المشيشي المنحلة إلى مستويات مقلقة للغاية ما دفع المشيشي إلى مطالبة البنك المركزي للحصول على تمويلات وهو أمر رفضه البنك بسبب مخاوف التضخم.

وأشارت العديد من التقارير إلى أن العجز في الميزانية وصل إلى 10 مليارات دينار بعد ان رفض صندوق النقد الدولي منح قروض جديدة إلى تونس بسبب تراجع النمو بشكل كبير في السنوات الأخيرة وعدم قدرة البلاد على خلق الثروة وتراجع العملة واستفحال الفساد.

اقتصاد مدمر بسبب الفساد والإرهاب والتهريب

ولا شك في أن ظاهرة الفساد والإرهاب أثرت على قطاعات منتجة عديدة مثل قطاع السياحة التي تعرض لضربات قاصمة فترة الحرب على المنظمات الإرهابية والتكفيرية التي ترعرعت في عهد الإخوان وفي حكومة الترويكا التي قادتها حركة النهضة.

والسياحة كانت توفر للدولة التونسية العملة الصعبة كما أنها وفرت مئات الآلاف من مواطن الشغل التي تبخرت فجأة بسبب عمليات إرهابية شهدتها عدد من النزل وتعرض السياح لهجمات دموية على غرار هجوم نفذه تنظيم داعش قبل سنوات واستهدف السياح البريطانيين.

كما اضطرت عدد من المؤسسات الاقتصادية الأجنبية إلى مغادرة البلاد بسبب الاضطرابات الاجتماعية واعتصامات العمال ما يشير إلى ضعف الدولة التونسية في العشرية الماضية.

ومن مظاهر ضعف الدولة أن التهريب على الحدود في حكم الإخوان وصل إلى 50 بالمائة من الاقتصاد الوطني.

وقد ضاعفت أزمة تفشي كورونا في تدهور وضع السياحة والاستثمار الأجنبي في البلاد مع تواصل الغلق خاصة مع فشل الحكومة التونسية في توفير التلاقيح وهو ما انعكس سلبا على الاقتصاد التونسي ككل.

لكن يظل الفساد مسببا رئيسيا في المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد التونسي مع سيطرة رجال أعمال مقربين من السلطة ومتحالفين مع الإسلاميين على قطاعات هامة واحتكارهم للبضائع والسلع واعتماد المضاربة.

ورفض نواب لهم مصالح مع بعض رجال الأعمال التصويت على قانون لترشيد التوريد وبالتالي تخفيف الضغط على رصيد البلاد من العملة الصعبة دليل على العلاقة بين الفاسدين وعدد من السياسيين.

ورفضت حركة النهضة الإسلامية العمل على مراجعة اتفاق التجارة الحرة مع تركيا الذي كلف البلاد 24 مليار دولار وذلك بسبب العلاقات التي تجمع الحركة الإخوانية بأنقرة ما يشير إلى أن الإسلاميين لا يفكرون سوى في مصالحهم وأن المصلحة الوطنية لا تعنيهم بأي شكل من الأشكال.

جهود قيس سعيد للإصلاح

لكن مع وصول الرئيس قيس سعيد إلى السلطة واتخاذه الإجراءات الاستثنائية يوم 25 يوليو الماضي بحل الحكومة وإقالة رئيسها هشام المشيشي وتجميد البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه ظهرت بعض بوادر الإصلاح.

وعمل الرئيس قيس سعيد على مكافحة الفساد المسبب الأول للازمة الاقتصادية وذلك بوضع بعض رجال الأعمال المتهمين بالفساد تحت الإقامة الجبرية.

كما قامت السلطات بإلقاء القبض على نواب تورطوا في الفساد على غرار النائب لطفي علي الذي تآمر لإيقاف نقل الفسفاط عبر القطارات وفرض نقل تلك المادة عبر شاحناته الثقيلة بمبالغ كبيرة في ابتزاز واضح للدولة.

وقام الرئيس التونسي بزيارات فجئية لعدد من المخازن والمؤسسات لمنع الاحتكار والمضاربة وتم ضبط أطنان من المواد للمضاربة بها من قبل بعض المتنفذين في الدولة.

وعملت السلطات التونسية على وضع أسعار محددة لبعض المواد الأساسية مثل ” الدجاج والبطاطا” وغيرها إضافة إلى مراقبة مسالك التوزيع ومواجهة الوسطاء بين الفلاح والمستهلك.

وتمكنت السلطات بعد اتخاذ الإجراءات الاستثنائية من تحرير الآلاف من لترات ” الزيت المدعم” او ما يعرف “بزيت الفقراء”الذي اختفى فجأة إبان حكم الإسلاميين وحلفائهم من الفاسدين.

وعبر التونسيون عن ارتياحهم بعد توفر بعض المواد في السوق بعد سنوات من فقدانها إضافة إلى تراجع إشعار بعد المواد الأساسية مطالبين الرئيس بالعمل على مزيد التصعيد في مواجهة الفاسدين ولوبيات الفساد.

ربما يعجبك أيضا