ليبيا.. هل تنجح المصالحة الوطنية في طي صفحة الماضي المؤلمة؟

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان

الساعدي القذافي حرا طليقا بعد نحو 7 سنوات قضاها في السجون، خضع خلالها لمحاكمات انتهت بتنفيذ قرار الإفراج الصادر عن النيابة العامة منذ عامين، بأمر من رئيس الحكومة عبدالحميد دبيبة ليصل في رحلة اتسمت بالكتمان والسرعة إلى تركيا عبر طائرة خاصة.

إطلاق سراح الساعدي جاء في إطار مشروع «المصالحة الوطنية» الشاملة في ليبيا، والذي أطلقه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، اليوم الإثنين.

وقال المنفي في كلمة لمناسبة إطلاق المشروع: «أهني أبناء الشعب الليبي»، مشيدا بـ «الجهود التي بذلت في سبيل تحقيق ما تم التوصل إليه اليوم من مصالحة»، في إشارة إلى الإفراج على السجناء الموقوفين على ذمة قضايا مختلفة، والذين صدرت بحقهم أحكام قضائية، وفق بيان صادر عن المجلس.

واعتبر المنفي أن تلك القرارات «ما كان لها أن تتخذ، لولا الرغبة الحقيقية والجادة، لدى الشعب الليبي من أجل طي صفحات الماضي المؤلمة، وتجاوز الخلافات، ونبذ الفرقة، وإيقاف نزيف الدماء، ووضع حد لمعاناته».

وأكد رئيس المجلس الرئاسي أن أولى خطوات المُصالحة الوطنية انطلقت، وأن هذه الخطوة «تُمثل الرغبة الحقيقة لدى الجميع لطي الماضي وتجاوز الخلافات»، داعياً الليبين للالتفاف «حول الوطن وبناء دولة المواطنة والقانون».

وكان المنفي بحث مع المسؤولين في مؤسسة مجلس شيوخ ليبيا ذات الموضوعات المتعلقة بملف المصالحة، وتم التأكيد خلال اللقاء على رأب الصدع بين أبناء الوطن، «من أجل لم شمل الليبيين على كلمة واحدة، والوصول بالبلاد إلى بر الأمان».

وكان المنفي، قد تعهد فور توليه رئاسة المجلس في منتصف مارس الماضي، بالعمل على التقريب بين الليبيين وإنجاز ملف المصالحة، حيث أمر بعد مضي شهر على مجيئه للسلطة بتأسيس المفوضية العليا للمصالحة الوطنية بقصد جبر الضرر ولتحقيق العدالة بين الليبيين.

كما التقى المنفي، وفداً من أمازيغ ليبيا لمناقشة مشاركة مدنهم في مشروع المصالحة الوطنية، الذي تبناه المجلس الرئاسي بهدف تحقيق الاستقرار في البلاد، تمهيداً لإجراء الاستحقاق الانتخابي في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وانقسم الشارع الليبي حول قرار الإفراج عن الساعدي القذافي، الذي ارتبط في مسيرته بالغرائب والتناقضات،حيث أثار القرار استغراب الليبيين، فانقسموا بين مؤيد يرى أن قرار الإفراج جاء بعد إثبات البراءة ولا حجة لبقائه في السجن ومعارض يرى أن ما حدث تم تحت وطأة صفقات سياسية تعقد في الخفاء لمصالح خاصة.

ولم يكن الإفراج عن نجل القذافي مفاجئة للكثيرين، فتصريحات المسؤولين خلال فترات سابقة أشارت ومهدت للرأي العام إمكانية تنفيذ هذا الأمر، حيث أكدت وزيرة العدل حليمة عبدالرحمن أكثر من مرة بأن الوزارة لا تتوقف عن التواصل مع الجهات ذات العلاقة بتنفيذ حكم البراءة الذي حصل عليه الساعدي.

ورغم ما أثاره القرار من جدل، إلا أنه يطرح تساؤلات مهمة من أبرزها، هل سيكون للساعدي طموح سياسي يسعى من خلاله إلى إعادة حكم أبيه، ما قد يزيد من تأجيج الاضطرابات في البلاد أم سيتلقفه آخرون كحجر جديد على رقعة تأزيم المشهد الليبي، أم إنها ستكون فعلا خطوة ستدعم مساعي الاستقرار ومشروع المصالحة.

إذًا خطوات متسارعة للإفراج عن السجناء الذين صدرت بحقهم أحكامًا بالبراءة منذ سنوات تقودها جهات رسمية مسؤولة، لكن إلى أي حد تشمل هذه القرارات الجميع، وهل ستطال كل السجناء في شرقها وغربها، أم أن الإرث السياسي للأشخاص له الدور الرئيس في الدفع بهذه السرعة، وهل سيلقى أهالي ضحايا نظام القذافي ذات العدالة بمعرفة مصير أبنائهم، وبمحاكمة الجناة والمسؤولين عنها.

أخيرا، يرى متابعون أن مسار المصالحة في ليبيا تعترضه جملة من الأزمات السياسية القديمة، بعضها يتعلق بالحروب البينية بين بعض المدن عقب مقتل الرئيس الراحل معمر القذافي، والبعض الآخر يرجع إلى الموقف من «ثورة 17 فبراير» تأييداً أو معارضة، لكنهم أكدوا أن تسوية هذا الملف تحتاج مزيداً من الوقت لإتمامها.

ربما يعجبك أيضا