«ميركل» المرأة الأقوى في أوروبا.. قريبًا تعود لمنزلها

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

«شغف وحكمة وقوة» ثلاثية صنعت أسطورة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والتي اقترب موعد توديعها لكرسي المستشارية الذي شغلته لمدة 16 عاما، وعن أول يوم بدون لقب المستشارة، قالت ميركل “سأحاول أن اقرأ، إلى أن أشعر بالنعاس ثم أخلد للنوم وبعدها نرى ماذا سيحدث”.

الراحة المطلقة

خلال زيارتها للولايات المتحدة، والتي على الأغلب ستكون الأخيرة لها في منصبها، أجابت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على سؤال يشغل البعض حول ما الذي تنوي القيام به في أول يوم لها بعيدا عن مسؤولية قيادة البلاد كمستشارة.

وأكدت المستشارة الألمانية حاجتها للراحة، حيث ترغب في التمتع باستراحة للتفكير في الأمور التي تثير اهتمامها، مضيفة أنها لم يكن لديها خلال الـ 16 عاما الماضية “الوقت الكافي للقيام بذلك”.

ميركل تحدثت، خلال مقابلة مع التلفزيون الألماني (دويتشه فيلا) في وقت سابق، عن أن لديها أحلام عن السفر عبر جبال روكي غربي قارة أمريكا الشمالية، وخطط أخرى لا تزال على القائمة التي لا يعرفها أحد، وربما لن تعلن عنها ميركل التي لا تميل لإظهار الجانب الشخصي عنها للصحافة.

واعترفت ميركل بأنها لن تفتقد الالتزام الدائم باتخاذ قرارات، وقالت إنها، ربما، وبحكم العادة ستفكر دوما في القرارات الواجب اتخاذها بشأن مسألة معينة لكنها ستكتشف سريعا أن هناك شخصا آخر يقوم بذلك الآن، مضيفة: “أعتقد أن هذا الأمر سيروقني كثيرا”.

كما أشارت ميركل إلى نيتها عدم قبول  أول عرض يوجه لها بعد ترك المنصب “بدافع الخوف من الفراغ أو تراجع الاهتمام بها”، على حد تعبيرها.

تاريخ كبير ومزايا عديدة

merkel m 15

ميركل صنعت التاريخ كثيرا منذ الـ22 من نوفمبر 2005، وهو تاريخ توليها الحكم، سواء لأنها أول امرأة تحكم جمهورية ألمانيا الاتحادية، أو اتخاذها قرارات قوية .

يقول توماس دي مزيير السياسي الذي رافق ميركل لمدة 22 عاما في أروقة الحزب الديمقراطي المسيحي والحكومة: “رأيت المستشارة لأول مرة في مارس 1990، حيث كانت إحدى القيادات الكبيرة في الحركة الثورية الشبابية في ألمانيا الشرقية التي كانت تنهار في ذلك الوقت”.

وتابع: “كنت متحدثا باسم الحزب الديمقراطي المسيحي وشاركت في مؤتمر صحفي مع ميركل”، مضيفا: “كانت متوترة ومهتمة بالتنظيم لأبعد حد وتركت انطباعا جيدا للغاية، لكننا لم نتعرف على بعضنا في ذلك اليوم”.

وبعد ذلك بسنوات طويلة، اقترب دي مزيير من المستشارة الألمانية كرئيس لديوان المستشارية، ثم وزيرا للدفاع، ووزيرا للداخلية قبل خروجه من الحكومة في 2017.

دي ميزيير يقول عن المستشارة: “شغوفة لدرجة كبيرة لكنها تخفي ذلك الشغف قليلا، ولا تحب إظهار مشاعرها، وتتصرف بمسؤولية كبيرة وهادئة”.

وتابع في مقابلة مع مجموعة دويتشه فونكة الإعلامية الألمانية (خاصة): “كما تتسم ميركل بروح الدعابة لكن لا تحب إظهارها في ظهورها أمام الجمهور”.

وبالإضافة إلى ذلك، تعرف ميركل جيدا كيف تتعامل مع الرجال الأقوياء، إذ تعكف على دراسة الشخصية بعناية فائقة قبل لقائهما، وتجمع كل المعلومات حول تصرفات وصفات وأقوال الشخصية، وفق دي مزيير الذي قال: “فعلت هذا قبل لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب”.

كما أن أستاذة الفيزياء التي اكتشفت وسائل إعلام ألمانية، الأصول البولندية لجدها من ناحية الأب في 2013، تتبع الأسلوب العلمي في التفكير ودائما ما تربط بين السبب والنتيجة، وتتساءل قبل اتخاذ القرارات: “ماذا يحدث لو فضلت هذا الخيار على ذلك؟

الأبواب المفتوحة

لم يكن تصنيف مجلة فوربس الأمريكية لميركل كأقوى سيدة في العالم محض صدفة أو لقرار أو اثنين تحدت بهما قوى عظمى وانتهجت أسلوب مغايرًا غير معهود، لكن أداء ميركل كان قويا وحكيما على الدوام، فلقبها الإعلام بالمرأة الحديدية وقد كانت.

إلغاء التجنيد الإجباري وإنهاء اعتماد بلادها على الطاقة النووية واستقبال ألمانيا مليون لاجئ وسط عنفوان أزمة اللاجئين في 2015.. هذه القرارات وغيرها كانت من القرارات القوية التي وصفت بالحكيمة لأول امرأة تقود جمهورية ألمانيا الاتحادية.

خطوات ومساعدات جادة للاجئين لا يمكن حصرها، ولكن يكفي أنها نقلت بشرًا من أراض مسقوفة بغيوم الحرب إلى أخرى نعموا فوقها بالسلام، برعاية ميركل.

وبفضل سياسة “الأبواب المفتوحة” التي هبت بها ميركل لنجدة اللاجئين، والتي واجهت بسببها انتقادات واسعة من ساسة ألمانيا، حصل نحو مليون شخص على ملاذ آمن، بعد أن قدم معظم طالبو اللجوء من سوريا، وآخرون من دول شمال إفريقيا والعراق وأفغانستان طلبات لجوء لدول الاتحاد الأوروبي ورفضت، فأعطت ميركل الإشارة بدخولهم بلادها، وتأجيل دراسة طلبات اللجوء إلى وقت أخر.

 بين الإشادة والتشكيك استقرت سياسات ميركل إزاء اللاجئين، إذ أشاد جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية بالسياسة الألمانية الخاصة باللاجئين منذ عام 2015، مؤكدا أن التاريخ سيثبت صواب هذه السياسة.

رعشة ميركل

قبل نحو عام ظهرت المرأة القوية في وضع صحي ليس بهين على طبيعتها، فتكررت مشاهد لها وهي ترتعش، رافقتها معها تغطيات صحفية تحت عنوان “رعشة ميركل، ميركل تهتز”؛ إذ ظهرت المستشارة الألمانية وهي تفقد ثباتها خلال مقابلات رسمية لرؤساء ووفود اضطرتها بعضها الجلوس على كرسي، في مخالفة للبروتوكولات الرسمية، وفي مشاهد أخرى عصبت في ساعديها أملًا في مزيد من الثبات أمام العالم.

أظهرت ميركل جلدًا في التعامل مع أزمتها، لاسيما مع ظهور تخوفات حول اضطرارها للتقاعد مبكرًا، فتمسكت بقول أنها “بخير”، ومن ثم ظهرت تحليلات طبية تفيد بتعرضها لنقص في السوائل، ما تسبب في تلك الرجفة، وسواء كان هذا السبب أو لا، قطعت ميركل كل هذا التفكير والشكوك بعودتها بصحة بدت جيدة، لتبدو كعادتها امرأة حديدية.

 ميركل في عيون الكاريكاتير

قامت عدداً من الصحف العالمية برسم المرأة الأقوى في أوروبا بعيون مختلفة بسبب تأثير قرارتها على باقي دول الاتحاد الأوروبي.

 – خلال أزمة اليورو، عانت اليونان بدورها من أزمة ديون خانقة، ما فرض عليها الاقتراض بشكل كبير لإبقاء اقتصادها على قيد الحياة، لكنها لم تستطع سداد الديون الضخمة في بادئ الأمر، إبانها تعهدت ميركل بتقديم مساعدات كبيرة لليونان شريطة تبنى إجراءات تقشفية قاسية، إثر ذلك تعرضت ميركل لانتقادات من صحف يونانية، حيث قارنت صحيفة “ديمقراطية” في عددها بتاريخ 9 من فبراير عام 2012 الأمر بحقبة الاحتلال والنازية.

 – عام 2013، عمدت مجلة “أوزام رزي” اليمينية في بولندا إلى إبراز وجه آخر للعلاقة بين ميركل و”النظام النازي”، عندما صورت على غلافها ميركل كأنها سجينة في معسكر اعتقال. وكانت الصورة تنطوى على اتهام لألمانيا بتشويه تاريخ الحرب خاصة بطريقة تصويرها لما عُرف بـ “جيش الوطن البولندي” في ذاك الوقت.

– في ديسمبر عام 2011 عنونت مجلة صينية غلافها بعبارة “وجه البوكر” مع صورة لميركل بملامح وجهها الباردة التي تخلو من أي انفعالات،  وصدر هذا العدد قبل زيارة ميركل الرسمية إلى الصين .

– نشرت مجلة “نيو ستيتسمان” البريطانية في يونيو 2012 صورت المجلة ميركل في شخصية القاتل الآلي أو “المدمر” المستوحاة من فنتازيا هوليود فيما ذهبت قصة الغلاف إلى القول بأن ميركل كانت “أخطر زعيم ألماني” منذ أدولف هتلر.

– خلال أزمة الهجرة عام 2015، صدر غلاف مجلة “دير شبيجل” يحمل صورة ميركل وكأنها الأم تريزا وعنونت”ماما ميركل”، بعد أن قررت السماح لطالبي اللجوء بالدخول إلى ألمانيا.

 – عام 2015، منحت مجلة تايم الأمريكية ميركل لقب “شخصية العام” إذ اعتبرتها “مستشارة العالم الحر”، وأشادت المجلة بميركل لإظهارها “الرحمة كسلاح” عقب قرارها بفتح حدود ألمانيا أمام اللاجئين.

28645 6
29832 5
30922 4
64227 3

ربما يعجبك أيضا