الأمية في الأردن.. أرقام مقلقة في أوساط اللاجئين السوريين وتحديات أبرزها كورونا

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق            

عمّان – بلغت نسبة الأمية في الأردن 5.1% على ما أعلنه المجلس الأعلى للسكان استنادا لبيانات دائرة الإحصاءات العامة لعام 2020، فيما تواجه مؤسسات الدولة تحديات عدة على صعيد الحد منها لعل من أبرزها تداعيات جائحة كورونا. 

 ويشارك الأردن العالم يوم غد الأربعاء الاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية، والذي يصادف بتاريخ 8 أيلول من كل عام، وجاء هذا العام تحت شعار “محو الأمية من أجل تعافٍ محوره الإنسان: تضييق الفجوة الرقمية “.

وأشارت الأمينة العامة للمجلس الأعلى للسكان الدكتورة عبلة عماوي في بيان صحفي حصلت “رؤية” على نسخة منه اليوم الثلاثاء، أنه وبحسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة لعام 2020، فقد بلغت الأمية عند الإناث بنسبة 7,5% مقارنة بالذكور 2,7% للسكان الأردنيين الذين أعمارهم 15 سنة فأكثر.

 فيما بلغت النسبة 29,7% للفئة العمرية 65 فأكثر (46,6% للإناث و12,9% للذكور)، وتنخفض النسبة بشكل كبير عند الفئة العمرية (15-19 سنة) والتي وصلت إلى 0,7% (0,5% للإناث و 0,9% للذكور).

كما بلغت النسبة 32% عند الإناث اللاتي يرأسهن أسرهن، و7,7% للإناث اللاتي يرأسهن أسرهن ويقل دخلهن عن 200 دينار.

وبلغت 60,8% للإناث اللاتي يرأسهن أسرهن من العاملات في المهن الأولية.

 كما تبين أن أعلى معدلات الأمية بنسبة 8,9% كانت في محافظة معان “جنوب المملكة” (12,1% للإناث و5,8% للذكور) وأدناها في محافظة إربد4,1% ( 6,6% للإناث، 1,6% للذكور)، وبلغت في محافظة العاصمة 4,2% (6,1% للإناث و2,4% للذكور).

كما بلغت النسبة في الريف 7,8% (11,5% للإناث و 4,2% للذكور) بنسبة أعلى من الحضر والبالغة 4,7% (7% للإناث و2,5% للذكور)، مما يستدعي تكثيف الجهود لخفض نسب الأمية وخاصة بين الإناث وكذلك في الأرياف والبوادي والمناطق النائية.

الأمية في أوساط اللاجئين السوريين 

إلى ذلك، أظهرت نتائج دراسة “الظروف المعيشية للاجئون السوريون في الأردن المستندة لنتائج مسح (2017-2018) للاجئين السوريين داخل وخارج المخيمات”، والتي أعدتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فافو) عام 2019، أن 26% من اللاجئين السوريين لم يكملوا المرحلة الابتدائية، مقابل 15% من البالغين الذين تبلغ أعمارهم 20 سنة وما فوق حصلوا على شهادة الثانوية أو ما بعد الثانوية.

كما أن (2% إلى 5٪) من اللاجئين السوريين الذين تتراوح أعمارهم بين (18 و 22 عامًا) يلتحقون بالتعليم ما بعد الثانوي، مقارنة بـ (24% إلى 46٪) من الأردنيين في هذه الفئة العمرية.

ولفتت الأمينة العامة للمجلس الأعلى للسكان إلى أن الأردن يُعدُّ واحدًا من البلدان التي قطعت شوطًا كبيرًا في مكافحة الأمية، وذلك إيماناً منه بحق التعليم للجميع حقاً أصيلاً كفله الدستور الأردني، وتحقيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية أمام الجميع بوصفه مرتكزاً أساسياً في قانون التربية والتعليم.

وأشارت إلى أن الأردن حقق نقلة نوعية في قطاع التعليم العام للأردنيين وغير الأردنيين، وبدأ بتنفيذ برامج محو الأمية منذ صدور الدستور الأردني عام 1952، حيث كانت نسبة الأمية آنذاك حوالي 88% إلى أن وصلت 5,1% عام 2020 للسكان الأردنيين الذين أعمارهم 15 سنة فأكثر، حيث قامت وزارة التربية والتعليم بفتح 165 مركز لتعليم الكبار ومحو الأمية في مناطق مختلفة من الأرياف والبادية، بواقع 21 مركزاً للذكور و144 مركزاً للإناث.

تحديات تواجه محو الأمية 

وبالرغم مما أحرز من تقدم، لا تزال هناك تحديات في مجال محو الأمية في الأردن، وهي تتزامن مع زيادة سريعة في الطلب على المهارات اللازمة لسوق العمل، والتي من أبرزها ظاهرة التسرب من المدارس.

وبالرغم من تحقيق مجانية التعليم وإلزاميته وشموليته لكل المواطنين حتى سن السادسة عشر، والذي انعكس على العديد من المؤشرات الوطنية ومنها، ارتفاع نسبة الالتحاق في هذه المرحلة إلى 97.8% (97.8% ذكور و 97.8% إناث) حسب التقرير الإحصائي للعام الدراسي (2019/2020)، إلا أن عدد لا باس به من الطلاب ذكوراُ وإناثاُ يتسربون من المدرسة قبل سن السادسة عشر من عمرهم.

وقد بلغ العدد التراكمي لعدد المتسربين في المرحلة الأساسية خلال تسع سنوات فقط في الفترة (2011-2019) ما عدده (44120) طالب وطالبة (22715 طالب، 21405 طالبة).

 وأضافت أن ذلك يشكل عائقاً رئيسياً أمام تحقيق الأهداف المنشودة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويؤثر على رأس المال البشري وإنتاجيته، ويولد تكاليف اجتماعية على المجتمع لمعالجة الآثار المترتبة على مشكلة الأمية والتسرب مثل الفقر والبطالة وعمالة الأطفال وزواج الأطفال والعمل غير المنظم وانحراف الأحداث والجنوح وغيرها من المشاكل الاجتماعية.

وأوضحت الأمينة العامة للمجلس الأعلى للسكان أن من أبرز التحديات أيضاً رفض بعض النساء الالتحاق بمراكز محو الأمية بسبب عدم تمكنها من ترك أطفالها في المنزل بمفردهم، والذي يتطلب توفير برامج إلكترونية منزلية وربط شرط التحاقها ببرنامج محو الأمية بتعليمها حرفة أو صناعة يدوية ومساعدتها في تسويقها لزيادة دخلها، بالإضافة إلى الثقافة السائدة بعدم اعتبار تعليم كبار السن أولوية، وضعف الوعي بأهمية تعلم القراءة والكتابة، وخجل كبار السن للذهاب لمراكز محو الأمية، وانشغالهم في العمل وعدم توفر الوقت الكافي لديهم، ولعدم توفر منصات إلكترونية خاصة بمحو الأمية .

وبينت عماوي أن جائحة فيروس كورونا أسفرت عن اضطراب مسيرة تعلّم الأطفال والشباب والكبار على نحو غير مسبوق النطاق، وفاقمت أوجه عدم المساواة في الانتفاع بفرص بنّاءة لتعلّم القراءة والكتابة.

 كما وأدى التحول المباغت إلى التعلّم عن بعد إلى وجود الفجوة الرقمية القائمة على صعيد الاتصال بالإنترنت والبنية الأساسية، فضلاً عن القدرة على استخدام التكنولوجيا، مبينة أن بيانات دائرة الإحصاءات العامة للأعوام (2010-2017) أظهرت أن 55,6% من الإناث لا يستخدمون الإنترنت مقابل 44,4 % من الذكور (15سنة فأكثر).

توصيات 

وأوصى المجلس الأعلى للسكان بعدة إجراءات لتحسين منظومة محاربة الأمية، والتنسيق مع مختلف الجهات الفاعلة في مجال محاربة هذه الظاهرة، وأهمها التنوع في أشكال التعلم والتواصل مع الطلاب مثل مقاطع الفيديو القصيرة والغنية بالمعلومات أو العينات الصوتية. 

ومن ضمن التوصيات أيضا، نشر كتب صوتية ومدرسية مجانية عبر الإنترنت حتى لا يتم إيقاف عمليات التعلم الخاصة بهم أثناء الأزمات والطوارئ، وإعداد برامج خاصة لفئات الشباب البالغين ضمن الفئة العمرية (15-35 سنة) غير المتعلمين أو الذين لهم مستوى قرائي متدن بهدف تمكينهم من أساسيات القراءة وتأهيلهم مهنياً.

كذلك حث المجلس الأعلى للسكان، الشباب على القيام بدورهم المجتمعي في القضاء على الأمية، وذلك من خلال تدريب طلاب الجامعات للعمل كمعلمين لمحو الأمية في المجتمعات المحلية، وتنفيذ حملات توعية ووعظ وإرشاد لتعزيز النظرة الإيجابية نحو مكافحة الأمية، وتعزيز دور وسائل الإعلام المختلفة وشبكات التواصل الاجتماعي لرفع الوعي حول أهمية الالتحاق ببرامج محو الأمية.

ربما يعجبك أيضا